«الذئاب الرمادية» تبحث عن زعيم يواجه «السلطان»
أنقرة – يوسف الشريف
فوجئ قرّاء الصحف الموالية للحكومة التركية بدفاعها عن رئيس حزب «الحركة القومية» دولت باهشلي، ضد «مؤامرة دولية من «الذئاب الرمادية»، تسعى إلى إطاحته من زعامة الحزب».وكان الرئيس رجب طيب أردوغان اعتمد سابقاً على تلك الصحف، لدعم حملاته السياسية على باهشلي، بحيث تطاولت عليه واصفةً إياه بنعوت بينها «شوفيني».
وتعاني «الحركة القومية»، وهي تنظيم عريق يُعتبر رابع أبرز حزب في البرلمان، من أسوأ أيامها، بعد انتفاض أربعة من قيادييها على زعيمهم الثمانيني، مطالبينه بعقد مؤتمر حزبي مبكر لانتخاب بديل له. وحمّل هؤلاء باهشلي مسؤولية تراجع شعبية الحزب في الانتخابات النيابية الأخيرة، واتباعه سياسات ساعدت في شكل غير مباشر أردوغان على تنفيذ خطته لمنع المعارضة من تشكيل حكومة بعد الانتخابات التي نُظمت في حزيران (يونيو) الماضي، والدفع في اتجاه انتخابات مبكرة نُظمت في تشرين الثاني (نوفمبر)، أعادت حزب «العدالة والتنمية» إلى الحكم متفرداً.
ليست هذه المرة الأولى التي يواجه فيها باهشلي مطالب مشابهة، لكنه بات الآن محاصراً بمعارضة قوية، ما دفعه إلى تصرّفات تُعتبر سابقة، اذ أغلق مقار الحزب التي انضمت إلى المعارضة، واحتكم إلى القضاء لفصل المعارضين، من دون نتيجة، حتى بات الحزب على حافة انقسام.
لكن الأغرب من هذا المشهد هو دفاع ساسة مقرّبين من أردوغان، عن باهشلي وحديثهم عن «مؤامرة دولية يقودها الداعية المعارض فتح الله غولن لإطاحته، من أجل تحويل حزبه منصة سياسية لغولن».
والمدهش، أن باهشلي تمسّك بهذه الرواية التي اكتشفها بعدما أوردتها الصحف الموالية للحكومة، لا من مصادره الخاصة، من دون أن يستطيع أن يثبت تهمة «الولاء لغولن» على أيّ من قياديّي المعارضة، الذين كان انتقاهم وكانوا أقرب المقرّبين منه.
ويرى قياديّو المعارضة، وبينهم السيدة ميرال أكشينار التي انشقت عن حزب «العدالة والتنمية» قبل خمس سنوات، أن الحكومة وقصر الرئاسة يدعمان بقاء باهشلي، لكي يبقى حزب «الحركة القومية» ضعيفاً في حال احتكم أردوغان إلى استفتاء شعبي أو انتخابات مبكرة، ضمن سيناريو تحويل النظام رئاسياً. ويعتبرون أن تسلّم قيادة جديدة الحزب هو السبيل الوحيد لقطع الطريق على «الخطط الرئاسية لأردوغان»، إذ يتيح استعادة الناخبين القوميين من قبضة الحزب الحاكم. ويلفت النائب أوميت أوزداغ، وهو قيادي معارض في «الحركة القومية»، إلى أن موقف وسائل الإعلام الموالية للحكومة «مفهوم، لكنه مثير للشفقة والسخرية».
وبعيداً من مواقف وسائل الإعلام من أزمة «الحركة القومية» وتأثيرها في مستقبل خطط أردوغان، فإنها تكشف عورة الديموقراطية التركية المتمثلة في قانون للأحزاب ترفض زعاماتها تغييره، إذ يمنح رئيس الحزب صلاحيات واسعة لتعيين قياديّيه وإغلاق مقاره وتوجيه انتخاباته الداخلية، والذي طالما انتقده الاتحاد الأوروبي وطالب بتعديله. وأُقرّ قانون الأحزاب عام 1982، خلال حقبة الانقلابيين العسكر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات