September 19th, 2012 9:41 am
الشجاعة -إن وُجدت- والاستقامة -إن توفّرت- تقتضيان من الإخوة أعضاء الجماعات الإسلامية أن يعترفوا بأنهم تراجعوا عن المراجعات.
لعل بعضنا يحتفظ بذاكرته ولم يفقدها حتى الآن من جملة المفقودات العقلية التى تكاثرت بعد خمسة وعشرين يناير، ويتذكر أن الجماعات الإسلامية حين كانت حبيسة الاعتقال والزنازين فى عهد مبارك أنتجت عدة كتب ودراسات أطلقت عليها «المراجعات»، احتوت على توثيق تفصيلى عن تراجعها -الذى أسمته تهذُّبا أو تجمُّلا «مراجعة»- عن أفكار وفتاوى التطرف والتشدد التى بنت انطلاقا منها عمليات العنف والإرهاب والتكفير التى أقدمت عليها وارتكبتها فى سنوات الثمانينيات والتسعينيات، وكانت هذه المراجعات تتويجا أو تمهيدا للإفراج الأمنى عن قيادات وأعضاء الجماعات من سجون مبارك، ولم يتبقَّ فى هذه السجون بعدها إلا بضع مئات، بعضها كان يكمل فترة عقوبته.
الآن ومنذ لحظات خمسة وعشرين يناير (ولعلك تلاحظ أننى أتحاشى أن أصفها واثقا بكلمة «ثورة») نرى ونسمع ونقرأ مواقف وتصريحات وآراءً لأعضاء الجماعات تشى بأنهم لا يزالون محتفظين بكل الأفكار التى أوردت البلاد مهالكها والتى أدّت بهم إلى عنف ثم إلى السجن كأنهم كانوا قد كذبوا حين زعموا التراجع عنها، وربما لجؤوا إلى هذا تحرزا من استمرار الحبس أو أملا فى انعتاقهم من رؤية السجانين، ثم مع صعود التيار الإسلامى لمقاعد الحكم فى البرلمان ثم فى الرئاسة واستحواذهم على منابر الإعلام وتمكنهم من الظهور العلنى الحر فى الحياة العامة تَخفَّف حرجهم من إعلان آرائهم الحقيقية وتَجرّؤوا على الإفصاح عن معتقداتهم الأصيلة، فانكشف تماما أنهم لم يكونوا صادقين فى المراجعات وأن التكفير ووصم المخالفين بالكفر والخروج عن الملة لم يبرح عقولهم أبدا.
على الناحية الأخرى فإن وعاظ القنوات السلفية الذين كانوا يرتجفون من أمن الدولة والذين ظهروا أو سمح لهم الأمن وقتها بالظهور لأنهم كانوا ينافقون الدولة ويتمسحون بالرئيس السابق وانشغلوا بالرقائق والتدين القشرى ولم ينبس واحد منهم بكلمة حق عند سلطان جائر، بل كان أمن الدولة يحركهم بالريموت كنترول من مكاتبه إذا بهم يتحولون حين سمحت لهم خمسة وعشرين يناير بالحرية إلى أبواق تكفير ويرمون الناس بحمم من القاذورات، وهم الذين كانوا يخشون عسكرى المرور الواقف أمام مدينة الإنتاج الإعلامى.
إذن نحن أمام جماعات ادّعَت المراجعة عن أفكار العنف والتكفير تعود لتعلن وتمضى فى ما كانت ماضية به ونحوه، بل زاد الأمر حين عاد إلى مصر قيادات المهجر من المتطرفين الذين قادوا قواعد لـ«القاعدة» فى جبال أفغانستان وباكستان، ورفعوا راية جاهلية المجتمعات وكفر العباد وقتل واغتيال المختلفين المخالفين، وهم الذين رفضوا أى مراجعة ولاموا وعتبوا وهاجموا المراجعين أنفسهم، وباتت هذه الوجوه تحت حماية وعفو محمد مرسى ترتع بأفكار التكفير والعنف من سيناء حتى أسوان، ولعل الناس قد رأتهم واستمعت إليهم وأدركت أنهم لم يتغيروا فى تطرفهم عن اليوم الذى خرجوا فيه من مصر، بل عادوا وقد زادوا تطرفا وقدرة على استخدام السلاح. وهؤلاء يخلقون أجيالا جديدة ويدعمون التراجع عن المراجعات، ولا يمكن أن يمر سطر من كلامهم إلا يعلنون فيه أن الديمقراطية كفر وأن المجتمع يعانى من جاهلية.
ثم الوعاظ الذين اختبؤوا تحت الكراسى حين كان الأحرار فى حركة «كفاية» و«الجمعية الوطنية» يتظاهرون ضد مبارك ثم يقودون المظاهرات فى التحرير إذا بهم الآن يقودون حملات التكفير والتجهيل والتضليل وينشرون التطرف ويدعون للعنف تحت ولاية وحماية ودعم ودعاية محمد مرسى وجماعته.
إذا رميت نظرك ناحية الشمال لتتأمل نموّ وازدهار وتوسع وقوة وتمكن الجماعات المتطرفة تحت حكم حماس فى غزة ثم الصدام الذى بات يوميا بين حماس وهذه التنظيمات التى ترى فى حماس سياسة ولا ترى دينا وتجد فيها سلطة ولا تجد لديها نخوة الإسلام من وجهة نظرها، وهو صدام تسيل فيه الدماء وتسقط فيه البيوت والجوامع مدمَّرة على أصحابها.
ساعتها ستعرف ما الذى تنتظره مصر؟
لعل بعضنا يحتفظ بذاكرته ولم يفقدها حتى الآن من جملة المفقودات العقلية التى تكاثرت بعد خمسة وعشرين يناير، ويتذكر أن الجماعات الإسلامية حين كانت حبيسة الاعتقال والزنازين فى عهد مبارك أنتجت عدة كتب ودراسات أطلقت عليها «المراجعات»، احتوت على توثيق تفصيلى عن تراجعها -الذى أسمته تهذُّبا أو تجمُّلا «مراجعة»- عن أفكار وفتاوى التطرف والتشدد التى بنت انطلاقا منها عمليات العنف والإرهاب والتكفير التى أقدمت عليها وارتكبتها فى سنوات الثمانينيات والتسعينيات، وكانت هذه المراجعات تتويجا أو تمهيدا للإفراج الأمنى عن قيادات وأعضاء الجماعات من سجون مبارك، ولم يتبقَّ فى هذه السجون بعدها إلا بضع مئات، بعضها كان يكمل فترة عقوبته.
الآن ومنذ لحظات خمسة وعشرين يناير (ولعلك تلاحظ أننى أتحاشى أن أصفها واثقا بكلمة «ثورة») نرى ونسمع ونقرأ مواقف وتصريحات وآراءً لأعضاء الجماعات تشى بأنهم لا يزالون محتفظين بكل الأفكار التى أوردت البلاد مهالكها والتى أدّت بهم إلى عنف ثم إلى السجن كأنهم كانوا قد كذبوا حين زعموا التراجع عنها، وربما لجؤوا إلى هذا تحرزا من استمرار الحبس أو أملا فى انعتاقهم من رؤية السجانين، ثم مع صعود التيار الإسلامى لمقاعد الحكم فى البرلمان ثم فى الرئاسة واستحواذهم على منابر الإعلام وتمكنهم من الظهور العلنى الحر فى الحياة العامة تَخفَّف حرجهم من إعلان آرائهم الحقيقية وتَجرّؤوا على الإفصاح عن معتقداتهم الأصيلة، فانكشف تماما أنهم لم يكونوا صادقين فى المراجعات وأن التكفير ووصم المخالفين بالكفر والخروج عن الملة لم يبرح عقولهم أبدا.
على الناحية الأخرى فإن وعاظ القنوات السلفية الذين كانوا يرتجفون من أمن الدولة والذين ظهروا أو سمح لهم الأمن وقتها بالظهور لأنهم كانوا ينافقون الدولة ويتمسحون بالرئيس السابق وانشغلوا بالرقائق والتدين القشرى ولم ينبس واحد منهم بكلمة حق عند سلطان جائر، بل كان أمن الدولة يحركهم بالريموت كنترول من مكاتبه إذا بهم يتحولون حين سمحت لهم خمسة وعشرين يناير بالحرية إلى أبواق تكفير ويرمون الناس بحمم من القاذورات، وهم الذين كانوا يخشون عسكرى المرور الواقف أمام مدينة الإنتاج الإعلامى.
إذن نحن أمام جماعات ادّعَت المراجعة عن أفكار العنف والتكفير تعود لتعلن وتمضى فى ما كانت ماضية به ونحوه، بل زاد الأمر حين عاد إلى مصر قيادات المهجر من المتطرفين الذين قادوا قواعد لـ«القاعدة» فى جبال أفغانستان وباكستان، ورفعوا راية جاهلية المجتمعات وكفر العباد وقتل واغتيال المختلفين المخالفين، وهم الذين رفضوا أى مراجعة ولاموا وعتبوا وهاجموا المراجعين أنفسهم، وباتت هذه الوجوه تحت حماية وعفو محمد مرسى ترتع بأفكار التكفير والعنف من سيناء حتى أسوان، ولعل الناس قد رأتهم واستمعت إليهم وأدركت أنهم لم يتغيروا فى تطرفهم عن اليوم الذى خرجوا فيه من مصر، بل عادوا وقد زادوا تطرفا وقدرة على استخدام السلاح. وهؤلاء يخلقون أجيالا جديدة ويدعمون التراجع عن المراجعات، ولا يمكن أن يمر سطر من كلامهم إلا يعلنون فيه أن الديمقراطية كفر وأن المجتمع يعانى من جاهلية.
ثم الوعاظ الذين اختبؤوا تحت الكراسى حين كان الأحرار فى حركة «كفاية» و«الجمعية الوطنية» يتظاهرون ضد مبارك ثم يقودون المظاهرات فى التحرير إذا بهم الآن يقودون حملات التكفير والتجهيل والتضليل وينشرون التطرف ويدعون للعنف تحت ولاية وحماية ودعم ودعاية محمد مرسى وجماعته.
إذا رميت نظرك ناحية الشمال لتتأمل نموّ وازدهار وتوسع وقوة وتمكن الجماعات المتطرفة تحت حكم حماس فى غزة ثم الصدام الذى بات يوميا بين حماس وهذه التنظيمات التى ترى فى حماس سياسة ولا ترى دينا وتجد فيها سلطة ولا تجد لديها نخوة الإسلام من وجهة نظرها، وهو صدام تسيل فيه الدماء وتسقط فيه البيوت والجوامع مدمَّرة على أصحابها.
ساعتها ستعرف ما الذى تنتظره مصر؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات