الأقسام الرئيسية

مصر باتت حرة..! «2»

. . ليست هناك تعليقات:

Thu, 06/10/2011 - 08:06

مصر باتت حرة.. والإعلام حر.. يفعل الإعلاميون ما يشاءون.. فوضى الكلام جزء من فوضى الشارع.. تراجع الخطاب الإعلامى الموضوعى وراء غياب الوعى عن العقل الجمعى.. الشارع يمزق جثة مصر نهاراً.. والإعلام يشيع الجنازة فى المساء.. وكلاهما يخطئ فى حق الثورة.. وشعارهما المشترك «مصر باتت حرة».!
أقول هذا وأنا جزء من خطيئة الإعلام المصرى بعد الثورة.. أعترف على نفسى والآخرين، ومن يغضب أمامه البحران الأبيض والأحمر.. فليختر اللون الذى يحبه، ثم يشرب حتى يمتلئ جوفه بالماء المالح، مثلما ملأنا جوف مصر بالكلام الفارغ!
نعم.. نحن معشر الإعلاميين نرتكب خطيئة فى حق مصر.. ومصر كما تعلمون ليست كائناً أو كياناً مستقلاً.. هى أنا وأنت.. ابنى وابنك.. بلد لم يعد يمتلك طاقة للاحتمال.. نفد رصيد مصر من خطايا أبنائها.. ثلاثون عاماً قبل «مبارك» من مغامرات واستبداد «العسكر» على كراسى «السياسة».. وثلاثون عاماً من ضيق أفق، وفساد، وقمع، وغباء، وعناد «مبارك».. وفى المغامرات والاستبداد كان «الإعلام» يهلل ويروّج، إلا من رحم ربى.. وفى الفساد والغباء والعناد كان «الإعلام» يصفق، ويشارك، إلا من رحم ربى.. وبعد الثورة لم يتغير شىء سوى أن «مصر باتت حرة».. وعليه فإن الإعلام الذى هلل وروّج، وصفق، وشارك، لم يجد أمامه سوى البحث عن «إله» جديد.. كان عبدالناصر إلهاً لإعلامه.. وكان السادات كبير العيلة فى صحفه وتليفزيونه.. وكان «مبارك» أكبر من مصر فى مقالات أقلامه وبرامج مذيعيه.. مات «عبدالناصر»، واغتيل «السادات»، ودخل «مبارك» القفص.. فأى إله للإعلام الآن؟!
لم يجد الإعلاميون سوى الانخراط فى فريق من اثنين.. إما إعلام المجلس العسكرى، باعتباره وريث «الكرسى الإلهى».. أو إعلام الصوت العالى، وارتداء ثوب «التحرير»، دون فرز للجيد والردىء فى الميدان.. الفريق الأول يتحرك بـ«جين» يجرى فى عروقه، لأنه ولد من رحم نظام مبارك القمعى، وتنفس هواءه الفاسد، وأكل على موائده بقايا الجيف.. هو لا يكتب، ولا يتكلم إلا فى حضرة «إله».. ذهب مبارك وجاء المجلس العسكرى.. فليكن للإله الجديد قسم وشهادة بالولاء والنفاق.. الفريق الثانى إما عاجز مهنياً فيعوض عجزه بالصراخ والزعامة والنضال الأجوف، أو كان شريكاً للنظام السابق، وقرر ركوب الموجة ونفاق الثورة والثوار لتغطية «بطحة» نازفة فى رأسه..!
هذه مرحلة الإعلام.. الملايين تتدفق فى «صناعة الكلام والنفاق».. البضاعة الرخيصة على الأرصفة.. فمصر باتت حرة، والنضال على الفضائيات، وفى الصحف، بلا ثمن.. من نافقوا النظام السابق يمزقونه اليوم تحت شعار «نحن هنا.. نحن مناضلون».. ومن كان يقول له «لا» بصوت خافت، بات يصرخ ليظهر فى خضم الأصوات العالية.. لا أحد يقول لـ«الشارع» أنت أخطأت فى كذا وكذا، لأن صناعة النفاق لدينا عريقة.. وإذا رحل «الحاكم» فلا ضير أن ننافق الشارع..!
مصر باتت حرة.. والإعلام حر.. حتى لو اغتصب الوطن كل صباح ومساء..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer