الأقسام الرئيسية

شاهد ملك.. للرئيس!

. . ليست هناك تعليقات:

  September 7th, 2011 9:57 am

لماذا لم يظهر على مدى التحقيق والمحاكمة لمبارك ونظامه ورجاله أى شاهد ملك؟
نحن نعرف أن شاهد الملك هو شريك فى الجريمة ويعلم كل أسرارها، أو عضو فى العصابة اقترف جزءا من الجريمة لكن تيقظ ضميره، الشاهد الملك يقرر -إذن- أن يعقد اتفاقا مع النيابة والمحكمة فيدلى بشهادته وكل ما يعرفه من أدلة وأسانيد ويعترف على كل شركائه مقابل أن يخرج من قائمة الاتهام واعتباره شاهدا ويحصل على هذا اللقب الناجى وهو شاهد ملك.
لا فى قضية مبارك ولا العادلى ولا نظيف ولا غيرهم ظهر هذا الشاهد الملك، رغم أننا نملك فى القضية التى شغلت مصر كلها منذ ثلاثين عاما وهى اغتيال الرئيس السادات أشهر شاهد ملك وأكثر شخصية غموضا فى تاريخ مصر الحديث، وهو ممدوح أبو جبل، وغالبا لم يكن هذا اسمه الحقيقى وهو نفسه قد اختفى تماما عقب المحكمة، وقد رجح البعض أنه سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يعيش هناك، أو أنه يحيا بيننا فى مصر متخفيا من يومها تحت اسم وصفة وشخصية أخرى، بل تكفلت الدولة بحماية حياته وإخفاء حقيقته وصيانة سره. الذى يقرأ كتاب «محاكمة فرعون» للمحامى شوقى خالد محامى المتهم الثانى فى قضية اغتيال السادات يعرف أهمية وخطورة شهادة ممدوح أبو جبل الذى كان يحمل رتبة المقدم واعترف بأنه هو الذى سلّم خالد الإسلامبولى وفريق اغتيال الرئيس الراحل إِبَر ضرب النار لمدافعهم وبنادقهم التى نفذوا بها العملية!
لكن فى قضية مبارك والعادلى غاب هذا الشاهد الملك تماما، بل شهود الإثبات كانوا على حالة من التردى والضعف إلى حد التساؤل: كيف تعتبرهم النيابة شهود إثبات وكل ما قالوه نفى للتهمة عن مبارك والعادلى؟!
أين الشاهد الملك؟
ربما يشعر رجال مبارك والعادلى أن التهم الموجهة إليهما ليست موثقة ولا قوية الأدلة، بل مضعضعة تقريبا إلى درجة عدم الاهتزاز خوفا أمام نهاية سجن طويل محتملة ومتوقعة، بل العكس تثبتوا بثقة من يعرف أن القضية ليست مدعمة ولا قوية فى مواجهتهم.
وقد يكون السبب أن النيابة لم تبذل جهدا كافيا مثلا فى جذب أحد المتهمين وتقدم له إغراءات التحول من متهم إلى شاهد كى يقول ويحكى ويعترف ويثبت!
عموما هذه الطبيعة العصابية المتماسكة بدت واضحة على مدى حكم مبارك فى عدم خروج أى منشق عن هذا الحكم أبدا، فالذين خرجوا كانوا من الدَّعة والطيبة والخوف بمكان إلى درجة أنهم لم يتكلموا، فلم يكشفوا الأخطاء والخطايا ولا أذاعوا وثائق ومستندات ولا أدلوا باعترافات نادمة واعتذارات كاشفة.
أبدا.
ولا واحد فيهم، سواء كان رئيسا للوزراء أطيح به أو وزيرا رموه فى السجن أو شخصا مسؤولا داخل قصر الرئاسة قذفوه من المركب مهمَلا مهمشا، أو ضابطا تخلوا عنه وأحالوه للتقاعد الصادم قد تشجع وصار هذا المنشق الذى يعرّى شركاءه أو يغسل ذنبه ويتطهر بكشف الفساد والاستبداد. هل لأن النظام كان يختار شخصيات بلا عقيدة ولا ولاء للشعب؟ هل لأنهم مجموعة من الموظفين الذين تربوا على أن يكونوا عبيدا للآمر المأمور؟ أم لأنهم كانوا شخصيات متجرّحة و«متعلّم» عليها، ولدى السلطة ما يدينها لو نطقت أو تكلمت؟ أم للخوف والرعب مما قد يجرى لهم وأهاليهم لو تكلموا واعترفوا؟
ربما لكل الأسباب أو بعضها، لكن الثابت أنه ولا واحد فيهم حاول حتى من خلف الستار، بل ذعرهم كان أكبر من ضميرهم، ومصلحة الناس والبلد كانت عند أى واحد فيهم أقل من مصلحة ابنه أو زوج ابنته!
لكن رغم سقوط رؤوس النظام ووجود رموزه المهين المذل فى قفص ليظهر الله: لمن الملك اليوم؟! وأنه سبحانه المعز المذل الذى يداول الأيام بين الناس، فإن أحدا من هؤلاء المتورطين والشركاء أو الموظفين الفاسدين أو الضباط المتواطئين لم يفكر فى أن يعترف ويتحول إلى شاهد ملك ليخدم بلده مرة واحدة أو ليغسل سمعته أو حتى للنجاة بفعلته!
هذه المحاكمات وقد خلت -كما نرى- من أدلة قوية ثابتة داعمة للاتهامات فباتت مفتوحة -رغم التزامها بالقانون- للتوقعات المخيبة لآمال الناس، وهذه المحاكمات -ولأسباب كثيرة، بعضها بالعمد وبعضها بالإهمال وبعضها بالقضاء والقدر- تحفل بالثغرات التى لا تغيب عن كثيرين منذ قراءتهم تحقيقات القضية،لذا فإنها تبدو فى حاجة مصيرية -إن ابتغت العدل- إلى شاهد ملك!!
من هو؟ ومتى يظهر؟ وهل هو موجود فعلا؟
ثورة أنهت حكم مبارك الأبدى وأسقطت حزبا مستبدا فاسدا وقضت على مشروع توريث البلد، وأقامت مصر من رقدتها المستسلمة أمام عدوها الإسرائيلى وأحيت فى قلوب الناس فخرهم بمصريتهم وأسهمت فى تغيير شكل العالم العربى.. ثورة هى كل هذا وأكثر.. هل تنجح فى العثور على شاهد ملك؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer