قتل أكثر من 130 شخصا يوم الاحد في أنحاء مختلفة من سورية، أغلبهم سقطوا في مدينة حماة التي اقتحمتها القوات السورية بالدبابات اليوم.
وفي الوقت نفسه، أطلقت قوات الأمن السورية النار على متظاهرين في مدينتي دير الزور ودرعا، كما طوقت إحدى ضواحي دمشق.
وقالت السلطات السورية إن خمسة جنود بينهم عقيد قتلوا في المواجهات التي شهدتها مدن سورية اليوم.
واتهمت السلطات العصابات المسلحة بـ "إحراق محطات الوقود وإلحاق الدمار بالممتلكات العامة والخاصة".
ردود فعل
ووصف الرئيس الاميركي، باراك اوباما، الأحد اعمال العنف في سورية بأنها "مروعة" مدينا "وحشية الحكومة ضد شعبها" ومتوعدا بتصعيد الضغوط على نظام الرئيس بشار الاسد.
وفي بيان قال أوباما ان المتظاهرين الذين خرجوا الى الشوارع "شجعان وستكون بلادهم افضل في حال حدوث انتقال ديموقراطي".
وفي وقت سابق وتعليقا على الأحداث في حماة، وصف الملحق الصحفي في السفارة الأمريكية في دمشق، جي جي هاردر، ما يجري في المدينة بأنه "حرب شاملة تشنها الحكومة على شعبها". ورفض الدبلوماسي الأمريكي، ما تقوله السلطات من أن "عصابات مسلحة" تهاجم قواتها، قائلا إن "العصابات المسلحة الوحيدة تابعة للحكومة".
وفي السياق نفسه دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الرئيس السوري بشار الاسد الى وقف ما سماه بالهجوم الدموي ضد المتظاهرين في مدينة حماة الاحد معربا عن استيائه الشديد للهجوم الذي ياتي عشية بداية شهر رمضان.
من جهته ندد وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه بشدة بمواصلة القمع في سوريا معتبرا ذلك غير مقبول خصوصا عشية شهر رمضان. وقال جوبيه في تصريح ان فرنسا تبدي قلقها البالغ حيال العمليات التي يقوم بها الجيش اليوم في حماة ودير الزور والبوكمال والتي افيد انها اوقعت حتى الان اكثر من
مئة ضحية.
كما ادانت ايطاليا اليوم هجوم الجيش السوري على مدينة حماة ووصفته بالفعل القمعي البشع وحثت الحكومة السورية على انهاء كافة اعمال العنف ضد المدنيين.
واعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي الاحد عن الصدمة العميقة ازاء الهجوم العسكري السوري على حماة ودعا الى تعزيز العقوبات على النظام السوري.
واضاف ان الحكومة الالمانية تطالب الرئيس الاسد بوضع حد فوري لاعمال العنف ضد المتظاهرين المسالمين.
وقال متحدث باسم البعثة الالمانية في الامم المتحدة ان المانيا طلبت ان يعقد مجلس الامن الدولي اجتماعا يوم الاثنين لمناقشة العنف المتفاقم في سوريا.
وتتولي المانيا الرئاسة الدورية لمجلس الامن الدولي حتى منتصف ليل الاحد ثم تتولي بعد ذلك الهند رئاسة المجلس خلال اغسطس / آب.
في الوقت ذاته دعت تركيا الحكومة السورية الى وقف ماوصفته بالهجمات القاتلة على المدنيين واستخدام السبل السلمية لانهاء الاضطرابات.
وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته وكالة الاناضول للانباء ان تركيا تكرر مرة اخرى دعوتها الحكومة السورية الى وقف العمليات العسكرية واختيار السبل السياسية والحوار والمبادرات السلمية للتوصل الى حل.
"مجموعات مسلحة"
وكان ناشطون حقوقيون سوريون قد قالوا ان عدد القتلى في مدينة حماة ارتفع الى أكثر من مئة شخص بعد ان اقتحمت الدبابات المدينة، بينما ذكر بيان رسمي أن اثنين من قوات حفظ النظام قتلا في المدينة.
وقال عبد الكريم ريحاوي، رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان لبي بي سي، ان عدد القتلى يتصاعد مع وفاة عدد من الجرحى، الذين كانت اصاباتهم خطرة وان عددا كبيرا من الجرحى توزعوا على مستشفيات في المدينة هي الحوراني والبدر والحكمة".
وقال سكان من المدينة لبي بي سي ان دبابات الجيش السوري اتخذت مواقع في احياء مختلفة من المدينة. وذكر السكان ان هذه الدبابات انتشرت في مناطق مثل دوار المحطة ومركز الهجرة والجوازات ودوار العجزة وقرب منزل محافظ المدينة.
وفي اول تعليق رسمي سوري على اقتحام الجيش لحماة وتطورات الاحداث فيها، جاء في بيان بثته وسائل الإعلام الرسمية أن عنصرين من قوات حفظ النظام قتلا برصاص من وصفهم بـ "مجموعات مسلحة في حماة" واشار البيان الى ان هذه المجموعات "قامت بإحراق مخافر الشرطة والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وأقامت الحواجز والمتاريس وأشعلت الإطارات في مداخل وشوارع المدينة".
واضاف البيان الرسمي ان وحدات من الجيش تعمل على إزالة المتاريس والحواجز التي نصبها المسلحون في مداخل المدينة.
اقتحام حماة
وتفيد الأنباء بأن الاقتحام بدأ في وقت مبكر من يوم الأحد، وذلك بعد حصار للمدينة دام شهرا تقريبا، كرد على المظاهرات الاحتجاجية الواسعة التي شهدتها حماة، ضد نظام حكم الرئيس بشار الاسد.
وذكر سكان من المدينة لبي بي سي أن قوات من الجيش والامن السوري اقتحمت المدينة فجر الاحد من ثلاثة محاور هي طريق السلمية وطريق حمص وطريق حلب، وان صوت اطلاق نار كثيف كان يسمع كما شوهد عدد من الدبابات في المدينة.
وقد أعطى الجيش إشارات إلى أنه لن يسمح بمظاهرات واسعة النطاق، خاصة مع توقع انتشارها في شهر رمضان.
وأشار عبد الكريم ريحاوي، رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، في تصريح لـ بي بي سي إلى أن العمليات العسكرية مستمرة في المدينة منذ فجر الأحد.
من جهتها، نقلت وكالة سانا الرسمية عن بعض الأهالي في مدينة حماة أن مجموعات مسلحة تتألف من عشرات المسلحين "تتمركز حاليا على أسطح الأبنية الرئيسية في شوارع المدينة وهي تحمل أسلحة رشاشة وقاذفات ار بي جي متطورة وتقوم بإطلاق النيران المكثفة لترويع الأهالي".
مناطق أخرى
وعن المدن والبلدات الأخرى، أفاد حقوقيون لـ بي بي سي إلى أن بلدة المعضمية قرب دمشق تخضع لإغلاق كامل، مع قطع للكهرباء والاتصالات عنها وأن القوى الأمنية تقوم بحملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 150 من أهالي البلدة.
وقال ريحاوي لـ بي بي سي أن مدينة دير الزور في شرقي سورية تشهد أيضا إطلاق نار كثيفا وانتشاراً للدبابات في شوارعها، كاشفاً عن سقوط ستة قتلى نتيجة الأعمال الأمنية في المدينة.
وقالت وكالة سانا للأنباء إن ضابطا برتبة عقيد وجنديين آخرين قتلوا على يد مسلحين في دير الزور.
وكانت وكالة رويترز قد نقلت عن عدد من سكان دير الزور قولهم إن القتال اندلع في المدينة منذ صباح الجمعة الباكر، بينما اعلن اتحاد التنسيقيات ان 57 عسكريا بينهم ضابطان برتبة ملازم وثالث برتبة نقيب قد انضموا الى المحتجين.
وقال الاتحاد ايضا إن سكان المدينة قد شكلوا لجان محلية ونصبوا موانع في محاولة لمنع تقدم الآليات العسكرية.
وأضاف ان مدينة البو كمال القريبة من الحدود العراقية "تتعرض هي الأخرى لحصار عسكري مشدد، حيث قطع عنها الماء والكهرباء والاتصال منذ يوم الجمعة."
ويقول سكان محليون إن الجيش ارسل تعزيزات الى البو كمال في الاسبوع الماضي عقب انضمام 30 عسكريا الى صفوف المحتجين يعد مقتل اربعة منهم على ايدي الجيش.
اعتقالات
وذكر عبد الكريم ريحاوي رئيس الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان في وقت لاحق الاحد أن السلطات السورية اعتقلت الشيخ نواف البشير أحد مشايخ عشيرة البقارة وهى من أكبر العشائر الموجودة فى محافظة دير الزور، وتصل امتداداتها العشائرية للعراق والأردن وهو من المعارضين للنظام.
وأضاف ريحاوي لبي بي سي أنه تم استدعاء الشيخ نواف من قبل إحدى الجهات الأمنية قبل أن يتم اعتقاله منذ يوم أمس.
يذكر ان الشيخ نواف هو أحد أعضاء إعلان دمشق للمعارضة السورية.
دعوة للتظاهر
في هذه الأثناء، اطلقت الدعوات على صفحات المعارضين في موقع فيسبوك الاجتماعي، للتظاهر ضد النزام ليل اليوم الاحد.
وجاءت الدعوة للتظاهر تحت عنوان "مظاهرات الرد – سورية تنزف"، وذلك للتضامن مع حماة ودير الزور والبوكمال وغيرها.
يشار إلى أن الناشطون يقدرون عدد القتلى منذ بدء الاحتجاجات في مارس/ آذار الماضي بنحو 1500 مدنيا و350 من قوات الأمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات