الأقسام الرئيسية

رسالة تدعو إلى التفاؤل

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم سليمان جودة ٢١/ ٤/ ٢٠١١

يمتلك الدكتور أحمد جمال الدين موسى، وزير التربية والتعليم، ميزة لا يملكها وزير آخر، إلا نادراً جداً، وهى أنه كان على رأس وزارته من قبل، ولكنه غادرها، ثم عاد إليها مع حكومة الدكتور عصام شرف، ولا يكاد ينازعه فى هذه الميزة إلا الدكتور عمرو سلامة، وزير التعليم العالى!

وما أريد أن أقوله إن الدكتور جمال الدين كان يملك أفكاراً، على سبيل القطع، حين كان وزيراً للمرة الأولى، وكان يتمنى أيضاً، فى ذلك الوقت، لو أن الوقت أسعفه، ليضع هذه الأفكار فى كيانات حية على الأرض، وهو ما لم يحدث، عندما خرج الرجل من الوزارة بشكل مفاجئ، مع مجىء أحمد نظيف رئيساً للحكومة عام ٢٠٠٤.

الآن.. عاد إلى منصبه، وسوف تكون الميزة هنا تحديداً، فى أنه لما غادر الوزارة اكتشف، بينه وبين نفسه، حين راح يفكر فى هدوء، فيما كان من قبل، أنه كان عليه أن يفعل كذا وكذا.. ولم يفعله، وأنه لو عاد به الزمان سوف يبادر ويفعله، وأنه أخطأ - هكذا سوف يتحدث مع نفسه - حين فاته أن ينجز الشىء الفلانى، وأنه كان يتمنى لو ينجزه.. وإنه.. وإنه.. إلى آخره!

وكأن باب السماء كان مفتوحاً، فى الوقت الذى كان فيه الدكتور جمال الدين يناجى نفسه، على هذا النحو الذى نتخيله، فإذا بالأقدار تعيده إلى السلطة، لتتاح له، من جديد، فرصة فاتته فى وزارته الأولى!

طبعاً.. نعرف العبارة الشهيرة المأثورة عن عمر بن الخطاب، الذى لما اقترب أجله، قال فيها: «لو استقبلت من أمرى ما استدبرت، لفعلت كذا.. وكذا..» وذكر الأشياء التى كان يحب أن تكون فى رصيده فى الحياة، ثم لم يمهله القدر، ولم يتسع له الوقت!

وكنت فى الأيام الأولى لعودة الدكتور جمال الدين إلى مكانه، قد كتبت إليه أقول - ما معناه - إن سياسة الوزارة فى حاجة إلى أن تكون لها خطوط عامة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل بمجىء وزير وذهاب آخر عن وزارته، وقلت يومها إن هذا لن يكون ممكناً، إلا إذا بادرنا بتشكيل مجلس أعلى للتعليم، يضم الوزير الحالى، والوزراء الذين سبقوه فى منصبه، وأصحاب الرؤية فى المجال نفسه، ليتولى مجلس من هذا النوع وضع السياسة التعليمية الثابتة، ثم متابعة تنفيذها أولاً بأول، وسوف يكون هذا المجلس، بطبيعته، دائماً لا يتغير، ولن يتغير فيه إلا الوزير فقط، الذى إذا ذهب عن منصبه، جاء الوزير الجديد فى مكانه بالمجلس، تلقائياً، وساعتها سوف يكون دور مجلس أعلى، على هذا المستوى، مستمراً، وقائماً، ومتدفقاً، تحت أى ظرف.

وما كادت السطور التى كتبتها ترى النور، حتى جاءت رسالة من الدكتور جمال الدين، يقول فيها ما - معناه - إنه قرأ الكلام، وإنه سوف يرسل مذكرة إلى الدكتور عصام شرف، لإنشاء مجلس أعلى للتعليم، يضم فى عضويته وزير التربية والتعليم، والوزراء الذين سبقوه فى موقعه، ووزراء التعليم العالى والبحث العلمى، والثقافة، والقوى العاملة، والصناعة، ومجموعة من المثقفين والإعلاميين المهتمين بقضايا التعليم، ورؤساء لجان التعليم بمجلسى الشعب والشورى، ورئيس لجنة قطاع كليات التربية بالمجلس الأعلى للجامعات، ونقيب المعلمين، والمعلم المثالى على مستوى الجمهورية، وأوائل الشُعب فى الثانوية العامة، وأول الشهادة الإعدادية لثلاث محافظات بالتبادل سنوياً.

وإذا كانت هناك رسالة تسعد صاحبها، أكثر من أى شىء آخر يأتيه، فهى هذه الرسالة بالنسبة لى، ليس لأن الفكرة قد لاقت قبولاً من الوزير المختص - وهذا بالطبع شىء نشكر عليه الرجل - وإنما لأن تطبيق فكرة كهذه سوف يكون خطوة البداية نحو إقرار سياسة تعليمية محل توافق بين هؤلاء كلهم، وسوف يكون تطبيق هذه السياسة، فيما بعد، هو الخطوة الأولى فى اتجاه تجسيد العدل الاجتماعى بمعناه الحقيقى، كمبدأ، بين الناس، لأنه لا شىء يجسد هذا العدل، فى أحسن صورة، إلا التعليم، حين يتاح بشكل فعلى لكل إنسان فى هذا البلد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer