الأقسام الرئيسية

لا سرية على المحققين

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: فهمي هويدي

fahmy howaidy

21 ابريل 2011 08:56:14 ص بتوقيت القاهرة


إذا صح أن السيد عمر سليمان ذكر فى استجوابه أمام النيابة أن لديه معلومات لا يمكن ذكرها أو تدوينها فى التحقيقات، فإن الأمر يحتاج إلى وقفة ومناقشة من عدة جوانب. إذ لا يشك أحد فى أن الرجل الذى عينه الرئيس السابق نائبا له قبل سقوطه، وظل عشرين عاما رئيسا لجهاز المخابرات العامة، الذى كان أحد أخطر الأجهزة فى مصر، يمثل خزانة الأسرار الكبرى للنظام السابق. فى الوقت ذاته فإنه كان يحظى بثقة الرئيس السابق، الأمر الذى جعله يقوم بأدوار مهمة للغاية فى علاقات مصر الخارجية على الصعيدين العربى والدولى.

وبسبب موقعه، فإنه ظل شريكا مهما فى العديد من القرارات السياسية ولم يكن بعيدا عن الأجواء الداخلية، وعند الحد الأدنى فإنه كان على علم بما يجرى، وبكل ما يدور حوله التحقيق الآن فيما يخص صور الفساد فى مصر. ولست أنسى فى هذا الصدد أن قياديا فلسطينيا جلس إليه ذات مرة، وحين تبسط معه فى الحديث. فإن صاحبنا أعرب عن دهشته من الهجوم الشرس الذى تشنه وسائل الإعلام المصرية حينا على حركة المقاومة، ثم تحول تلك الحملات إلى الهدوء والسكون حينا آخر ــ ثم أضاف القيادى الفلسطينى قائلا: إن هذا التقلب يعطى انطباعا بأن هناك يدا تضغط على «زرار» للتصعيد فى ظروف معينة، ثم تضغط على زرار آخر للتهدئة. حينئذ ضحك السيد عمر سليمان وبسط يده اليمنى، ثم قال وهو يتطلع إليه: إن هذه اليد هى التى تضغط على الزرار. وهذه الواقعة بمثابة قطرة فى بحر المعلومات التى يتداولها البعض عن نفوذ الرجل الذى تجاوز حدود السياسة، وربما كان من المبكر الحكم على أدائه فى المهام التى كلف بها أو الملفات التى استحوذ عليها. وثمة أحاديث متواترة عن دوره فى إحكام الحصار حول غزة وإخفاقاته سواء فى موضوع المصالحة الفلسطينية أو ملف مياه النيل أو دوره فى تجميد العلاقات مع سوريا وإذكاء الخصومة مع إيران. إلى غير ذلك من الملفات التى سنحتاج إلى وقت لكى ندرك أبعادها وخلفياتها ونقيم نتائجها بصورة لا تظلم الرجل الذى نعرف أنه يحظى بدرجة عالية من التقدير والاحترام بين العاملين فى المخابرات العامة أو فى القوات المسلحة.

هذه الخلفية تسوغ لنا أن نقول إن الرجل كان أحد أعمدة النظام السابق، الأمر الذى يجعل حدود مسئوليته السياسية عن تلك المرحلة محل تساؤل وتحقيق، خصوصا أن الصحف نسبت إليه أمس قوله فى الاستجواب الذى تم معه يوم الثلاثاء 19/4، إن تقارير المخابرات عن مظاهرات 25 يناير كانت بقيادة الإخوان المسلمين، وهى معلومة لم تكن صحيحة أصلا، ثم إنها كاشفة عن مدى التغليط الذى كانت تكتب به التقارير، وترسل إلى رئاسة الجمهورية. الأمر الذى يثير أكثر من سؤال حول مدى موضوعيتها ودقة معلوماتها. وللعلم فإن هذه المعلومة المغلوطة ذاتها رددها السيد عمر سليمان فى الحوار الذى أجرته معه الإعلامية الأمريكية السيدة امانبور، وبثته قناة «سى. إن. إن» أثناء التظاهرات، وفيه قال إن المتطرفين الإسلاميين هم وراء كل تظاهرات الغضب التى خرجت فى المنطقة، من تونس إلى اليمن، مرورا بمصر بطبيعة الحال.

حين تحدث السيد سليمان فى استجوابه عن أن لديه معلومات لا يمكن ذكرها أو تسجيلها، فإنه أعاد إلى أذهاننا قانون «الدليل السرى» الذى صدر فى عهد الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش، والذى أعطى المباحث الفيدرالية حق الامتناع عن كشف المعلومات التى تقدمها بخصوص ما سمى آنذاك بالحرب على الإرهاب. وهو ما رفضه بعض القضاة وطالبوا المباحث الفيدرالية بتقديم أدلة إثبات معلوماتها. وأصروا على إطلاعهم على تلك المعلومات للتثبت من أنها جديرة بالسرية حقا أم لا. وظل القانون مثيرا للجدل طوال عهد الرئيس بوش، إلى أن ضعف العمل به وسقط عمليا بخروجه من السلطة.

أفهم أن يبوح السيد سليمان بما لديه من معلومات، أيا كانت خطورتها، أمام جهاز التحقيق، الذى يترك له الخيار بعد ذلك لتقرير ما إذا كان نشرها يضر بالأمن القومى أم لا. لكنى أستغرب كتمانها عن المحققين استنادا إلى الحجة التى ذكرها. ذلك أنه أيا كان قدر الثقة فى الرجل، فإن من واجبه أن يدلى بما يعرف للمحققين، وإلا عُدَّ معطلا لسير العدالة وضارا بالقضايا محل التحقيق. علما بأنه فى الوقت الراهن مجرد شاهد ولم يعد رئيسا للمخابرات العامة ولا نائبا للرئيس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer