بقلم د.حسن نافعة ٢١/ ٤/ ٢٠١١ |
صدر التقرير النهائى للجنة تقصى الحقائق حول وقائع إطلاق النار على المتظاهرين، و«موقعة الجمل»، وقرار قطع الاتصالات عن مصر. ولم تشكل الاستنتاجات التى توصل إليها التقرير، الذى انتهى إلى أن وزير الداخلية وكبار مساعديه أصدروا أوامر صريحة بإطلاق الرصاص الحى واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، أية مفاجآت. غير أن التقرير أكد أنه لا يمكن لوزير الداخلية أن يتخذ قرارا على هذه الدرجة من الخطورة بمفرده دون الرجوع إلى رئيس الجمهورية. صحيح أنه لم يتضمن ما يثبت قيام الرئيس المخلوع بالتصريح لوزير داخليته باستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، إلا أن التقرير استنتج أن الرئيس لابد أن يكون قد وافق عليه، ضمنا على الأقل، بدليل امتناعه عن اتخاذ أى إجراء عقابى ضد وزيره رغم علمه بسقوط قتلى واستمرار إطلاق النار لعدة أيام متتالية. وكان من أهم ما تضمنه التقرير أيضا: ١- استخدام القناصة فى عمليات إطلاق النار من فوق أسطح المبانى المطلة على ميدان التحرير، خاصة من مبنى وزارة الداخلية ومن فوق فندق النيل هيلتون ومن فوق مبنى الجامعة الأمريكية، وأن أكثر الإصابات كانت فى الرأس والصدر. ٢- استخدام عربات مصفحة تابعة لوزارة الداخلية فى دهس المواطنين بطريق العمد. ٣- وصول عدد القتلى إلى ٨٤٦ قتيلا والجرحى إلى ٦٤٦٧، منهم مئات فقدوا أبصارهم كليا أو جزئيا. ٤- أن قيادات من الحزب الوطنى، بمن فيهم وزراء سابقون، ومسؤولون بوزارة الداخلية، ورجال أعمال هم الذين حرضوا البلطجية على الذهاب إلى ميدان التحرير مسلحين بالهراوات والسكاكين وقنابل المولوتوف بنية الاعتداء على المتظاهرين وتفريقهم. ٥- قيام عناصر تابعة لوزارة الداخلية باستخدام البلطجية لإشاعة الفوضى وإطلاق سراح المسجونين. ٦- أن قرار قطع خدمات الاتصال، الذى استمر من الساعة العاشرة صباح يوم ٢٧ يناير حتى قبيل العاشرة من صباح يوم ٢٩ يناير، وكذلك قطع خدمة الإنترنت، التى استمرت من يوم ٢٨ يناير حتى ٥ فبراير، تمت بطلب من وزارة الداخلية، وفى اجتماع مشترك جمع بين قيادات الوزارة وممثلى شركات الاتصالات. لا جدال فى أن المعلومات الواردة فى تقرير لجنة تقصى الحقائق تكفى لإدانة وزير الداخلية وكبار مساعديه، والذين تقرر محاكمتهم بالفعل. غير أن المحكمة التى سيمثلون أمامها هى ذات المحكمة التى يرأسها المستشار عادل عبدالسلام جمعة، صاحب الأحكام السياسية الشهيرة، وهو ما يثير القلق لدى كثيرين. ورغم أننا كنا قد تلقينا معلومات - نشرناها فى هذه الزاوية - تؤكد أن لهذا القاضى علاقات ومصالح وثيقة وقديمة بوزارة الداخلية وبجهاز أمن الدولة السابق، وطلبنا من السيد النائب العام التحقق منها، تمهيدا لتنحيته عن هذه القضية، إلا أننا لم نتلق أى رد حتى الآن من أى جهة، وهو ما يثير الكثير من الاستغراب ومن علامات الاستفهام. لقد توقعت بعد نشر هذه المعلومات، كما توقع كثيرون، أن يبادر القاضى المذكور باتخاذ قرار من تلقاء نفسه بالتنحى عن نظر هذه القضية، درءاً للشبهات على الأقل، أو يطالب بإحالتى أنا إلى التحقيق، لكنه لم يفعل، ولايزال مصمماً على استمرار نظره للقضية. وليس لهذا الموقف الغريب والمريب عندى من تفسير. ولأنه من الصعب أن نترك أمرا بهذه الدرجة من الخطورة يمر هكذا، فلا أمل سوى أن أتساءل: هل لدى أحد من قضاة مصر الشرفاء تفسير لهذا الوضع المريب؟ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات