25 ابريل 2011 09:24:26 ص بتوقيت القاهرة
ليس «كلام الجرايد» بالخفة التى يتندر بها الكثيرون، لأن بعض الكلام فخاخ، وبعضه أقنعة وأستار، إليك عينة من ذلك البعض الذى أتحدث عنه.فى يوم 19/4 نشر الأهرام لمراسله فى أنقرة خبرا تحت العنوان التالى: «مكاتب لحزب الله وحماس على الأراضى التركية» ذكر أن مستشار رئيس الوزراء التركى إبراهيم قالن أكد ما تردد حول سماح أنقرة بافتتاح مكتب سياسى لحركة طالبان الأفغانية على الأراضى التركية بهدف إنهاء الحرب التى تشنها الحركة ضد حكومة كابول.
بعد ذلك نقل المراسل عن «مصادر إعلامية» توقعها أن يكون لحزب الله اللبنانى وكذلك حركة حماس الفلسطينية مكاتب مماثلة فى المدن الكبرى بالأناضول. وعلق على ذلك قائلا «إن ذلك يكرس مخاوف العالم الغربى وإسرائيل من الطابع الدينى للحكومة التركية التى سبق لها أن نفته طوال السنوات السابقة».
كما رأيت فالخبر هو أن أنقرة وافقت على فتح مكتب لطالبان لكى يؤدى مهمة محددة فى ظروف معينة. أما ما تعلق بحزب الله وحركة حماس فلم يكن سوى تسريبات إعلامية. ومع ذلك فإن العنوان اعتبر أن «التسريبات» هى الخبر، وذهب المتن إلى أبعد حيث قرر أنها تكرس
مخاوف الغرب وإسرائيل من الطابع الدينى الذى نفته حكومة حزب العدالة والتنمية، وهو ما وضعنا بإزاء صياغة ملغومة تناسب المزاج الإعلامى فى مصر بأكثر مما تنور القارئ بما يحدث فى تركيا.
يوم 7 أبريل الحالى نشرت جريدة «الوفد» تقريرا كتبته إحدى الزميلات تحت عنوان: «يد من حديد مطلوبة يا شرف» (المقصود رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف). ونقلت الزميلة عن «مصدر موثوق» قوله إن: إحدى الدول العربية قامت بتخصيص مليارى دولار (حوالى 12 مليار جنيه مصرى) لدعم قيادات دينية بمصر، لضمان اكتساحها الانتخابات البرلمانية المصرية القادمة، أما كيف سيضخ ذلك المبلغ الهائل فى مصر لكى يحقق المراد منه خلال ستة أشهر فإن الزميلة نقلت عن المصدر الموثوق الذى وصف فى موضع آخر بأنه «متنفذ» قوله أن ذلك سيتم من خلال 150 ألف مصرى ممن ينتمون إلى تلك التيارات والموجودين على أراضى الدولة الشقيقة التى رعتهم منذ الستينيات وقت أن غضب عليهم عبدالناصر. فى إشارة إلى أن الدولة الشقيقة المقصودة هى المملكة العربية السعودية، والفصيل الذى ذهب إليها فى الستينيات لم يكن سوى أعضاء الإخوان المسلمين).
الزميلة سألت فى تقريرها: ما العمل إذن، وهؤلاء سواء المسيسون أصلا والمنظمون فى كوادر منذ عقود، أو باعة صكوك الغفران للبسطاء من أهل مصر الذين يستخدمون الدين ويكفرون العباد،ويمتهنون الإفتاء للعامة، فى لعبة خطرة وبغيضة يمارسون فيها سياسة جس النبض بفتوى أو بقطع أذن مواطن؟ أما الإجابة على السؤال فقد تمثلت فى عدة مقترحات تضمنها التقرير والتى اختزلها العنوان فى الدعوة إلى التعامل الحازم والضرب بيد من حديد لوقف ما وصف بأنه «محاولات ضخ أموال عربية لتقزيم مصر». وهو كلام إذا صح فإنه يعنى أن ثمة مؤامرة عربية تستوجب كشفا وتحقيقا عاجلا لكنه لم يؤخذ على محمل الجد.
فى 14/4 كان الموضوع الإخبارى الذى احتل رأس الصفحة الأولى لجريدة الوفد حول قرار النائب العام بحبس الرئيس السابق وولديه مدة 15 يوما. وفى التفاصيل أن ابنى الرئيس نقلا بطائرة حربية إلى مطار ألماظة بالقاهرة، حيث تولت القوات المسلحة توصيلهما إلى سجن مزرعة طرة، وأنه تم تأمين الطريق من حى مصر الجديدة إلى مقر السجن «خشية وقوع هجوم من قبل أعوان حماس فى القاهرة»!..وهى نكتة تدعو إلى الرثاء بأكثر مما تثير من الضحك.
اللافت للنظر أن اسم حركة حماس تردد على ألسنة بعض القيادات الأمنية فى التحقيقات لتفسير عمليات إطلاق النار على المتظاهرين وسقوط قتلى بينهم. وهو ما ذكره رئيس مباحث أمن الدولة السابق اللواء حسن عبدالرحمن فى التحقيق معه، حين قال إن عناصر من حركة حماس وحزب الله اللبنانى دخلوا ميدان التحرير وأطلقوا الرصاص على المتظاهرين لإحداث فتنة فى البلاد. (جريدة الشروق 19/4).
عندى نماذج أخرى من اللامعقول الذى ينشر كل يوم لا يتسع لها المكان، اكتفى فى التعليق عليها بما قاله الشاعر حافظ إبراهيم فى هجاء بعض الصحف المصرية عام 1917:
جرائد ما خُط حرف بها ــ لغير تفريق وتضليل
يحلو بها الكذب لأربابها ــ كأنها أول أبريل!
كنت أظن أنها لغة إعلام النظام السابق التى لم تتغير، لكن يبدو أن الداء قديم والحالة متأخرة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات