الأقسام الرئيسية

تطهير الإعلام وحقوق الإنسان!

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: سلامة أحمد سلامة

salama ahmad salama okkk

26 فبراير 2011 10:17:41 ص بتوقيت القاهرة


خلال الأيام الأخيرة، وعلى أصداء المتغيرات التى حملتها رياح ثورة 25 يناير، تداعت أركان عدد من التشكيلات التى أقامها العهد القديم للدفاع عن سمعة النظام والارتفاع زورا بمكانته.. سواء فيما يتعلق بمبادئ حقوق الإنسان أو الادعاء بتوافر ضمانات حرية الصحافة والحق فى اختلاف الرأى والتعبير دون قيود أو حواجز.. بعض هذه التشكيلات أقيمت من خلال إنشاء مجالس مزيفة كمنبر لتضليل الرأى العام وإيهامه بأننا دولة تحترم القانون وتدافع عن حقوق الإنسان. أو بإقامة مجلس أعلى للصحافة يتولى التغطية على تدخل الدولة فى شئون الصحافة القومية واختيار رؤساء تحريرها ومديريها الذين يدينون بالولاء للنظام ورجاله، ولا يهمهم فى قليل أو كثير أن تنهض وسائل الإعلام بدورها فى التنوير والرقابة والتثقيف، بل كل ما يهمهم هو تلميع رئيسه ووزرائه والعاملين فى خدمته من رجال الأعمال.

وفى غمضة عين وفيما يشبه الخفاء، تلاشى المجلس القومى لحقوق الإنسان وانفضَّ سامره، فاستقال أعضاؤه بالجملة دفعة واحدة.. بعد أن عصفت الثورة الشبابية بدوره المشبوه، وأتت نيران الحرائق على مقره فى مبنى الاتحاد الاشتراكى الجاثم على ضفاف النيل.. وذهبت تقاريره وأسراره طعمة لألسنة اللهب. ولم يأسف أحد على النهاية الحزينة لهذا المجلس الذى ظل لسنوات يحاول تبييض وجه النظام والمداراة على انتهاكاته المدانة دوليا، والذى ضم صفوة المنافقين وممسكى العصا من الوسط والباحثين عن رضا النظام وأنصاره.. وكان المجلس فى تشكيله الجديد قد تخلص من أبوالمجد وزملائه الذين كانوا يحاولون تمكين المجلس من القيام بدور فعال فى الدفاع عن حقوق الإنسان، وتنقية القوانين مما شابها من قصور، والسعى لإجراء انتخابات نزيهة دون تدخل من الأمن، ووضع نهاية للممارسات الوحشية فى السجون وأقسام الشرطة.. وبعبارة أخرى، فإن المجلس قد تحول إلى ذراع أمنية، وليس منظمة حقوقية بعد تشكيله الأخير. وكانت تلك إحدى علامات خطة التوريث.

الوحيد الذى أبدى أسفه لما آل إليه حال المجلس القومى لحقوق الإنسان هو الدكتور بطرس بطرس غالى الذى أسس المجلس ودافع عن بقائه حتى فى ظل الظروف السيئة التى أحاطت به. ويبدو أنه كان حسن الظن بانصلاح الوضع بمرور الزمن وتحسن الأوضاع الديمقراطية والإيمان بمبادئها. ولكن هيهات! فقد بقى الإيمان بالديمقراطية والحرية مجرد إطار بغير مضمون.

وربما كان الإعلام هو أكثر المجالات عرضة للعبث قبل أو بعد المجلس القومى لحقوق الإنسان. فقد ظلت حرية الرأى والتعبير وحرية إصدار الصحف من الأمور التى يسهل التلاعب بها والتأثير عليها وإساءة استغلالها. وبالأخص فيما يتعلق بالصحافة القومية والبث التليفزيونى. فالصحافة القومية ملك للدولة أو من يمثلها فيما يسمى بمجلس الشورى قبل أن يصدر قرار بحله.. يديرها المجلس الأعلى للصحافة ويشرف عليها ويحاسبها.

ثم هو الذى يعين رؤساء مجالس إداراتها ورؤساء تحريرها ومديريها. ومن ثم لم يكن غريبا أن تصبح الصحف القومية هى اللسان الذى يسبح بحمد الحكومة ويخوض المعارك من أجلها ودفاعا عنها. وقد تطوع بعضهم ليجعل من صحيفته لسانا لأجهزة الأمن فى معاركها ضد الإسلاميين أو الأحزاب السياسية أو الشخصيات التى لا يرضى عنها الحزب الوطنى. وحين قامت الحركة الاحتجاجية التى أدت إلى ثورة الشباب فى ميدان التحرير، شنت هذه الصحف هجوما لاذعا على الشباب واتهمتهم بالعمالة وبأنهم قلة مندسة. وحاولت أن تفت فى عضدهم وتحرض عليهم البلطجية.. خانت الصحافة القومية رسالتها وهدفها بحجة الدفاع عن الاستقرار والنظام. كان الشباب والشعب فى جانب والصحافة القومية ورؤساؤها فى جانب آخر. وكان طبيعيا أن ينتهج التليفزيون نفس النهج تحت إشراف وزير إعلام فاقد للمصداقية. وأن يجد المشاهد المصرى نفسه موزعا بين ما تؤكده الفضائيات العالمية وما يدعيه التليفزيون المصرى.

وحين انتصرت الثورة انقلبت الأوضاع والأقلام والوجوه. وأدرك رؤساء التحرير وحاملو الأبواق والمباخر أن النظام الذى دافعوا عنه سقط وفقد مصداقيته.. فهم يتخبطون كما تتخبط السمكة فى شبكة الصياد. وليس عجيبا ــ وهو ما كان منتظرا ــ أن يبادر عدد منهم إلى تقديم استقالته إلى المجلس العسكرى. وهو ما يمثل مشكلة لعدد من المؤسسات الصحفية التى تغلى من الداخل نتيجة غياب سياسة تحريرية واضحة، أو تلك التى تحل محل السياسات العفنة القديمة. وقد كانت هذه دائما هى مشكلة الإعلام الحكومى الذى يفقد الرؤية بمجرد تغيير الأوضاع السياسية أو زوال عهد وقدوم عهد جديد.. وهو ما يحتم إعادة النظر الشاملة فى قوانين الصحافة وتشكيلاتها، لتحريرها من طغيان الدولة وتدخل الأمن واحتكار السلطة والرأى داخل الصحيفة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer