الآن أدركنا أنهم لم يكونوا زعماء سياسيين، ولكنهم كانوا زعماء عصابات أغارت على عواصمنا فهدمت حصونها واحتلتها سنين عددا مارست خلالها نهب البلاد وإذلال العباد. فها هو العقيد القذافى الذى ظل جاثما على صدر ليبيا طوال 42 عاما حفلت بمختلف صنوف النزوات وأشكال الجنون قرر أخيرا إعلان الحرب على شعبه وإبادة كل من ضاق ذرعا بحكمه.
إذ حين فاض الكيل بالناس وخرجوا مطالبين بالحرية والكرامة فى «يوم الغضب» (15/2)، فإن العقيد رد عليهم برصاصات المدافع الرشاشة وقذائف الطائرات التى أغرقت ليبيا فى بحر من الدم، واستعان فى ذلك بمرتزقة أفارقة وطيارين من صربيا وأوكرانيا. وكانت النتيجة حتى الآن سقوط ألفى قتيل على الأقل غير آلاف الجرحى.
فى خطابه وصف شوق الليبيين إلى الحرية والكرامة بأنه نوع من الجنون، واعتبر جموعهم الغاضبة مجرد حشرات وجرذان وصعاليك يتعاطون المخدرات، إذ استكثر عليهم انتفاضتهم ضد ملك الملوك وولى أمر المسلمين وأقدم الحكام على وجه البسيطة. فضلا عن كونه رمز المجد والعزة (هكذا وصف نفسه). والملهم الذى أهدى البشرية «الكتاب الأخضر» لكى يخرجها من الظلام إلى النور.
اقتنع الأخ العقيد بأن الليبيين «لم يفهموه» فقرر القضاء عليهم وهدم المعبد فوق رءوسهم، كما تحدثت الأنباء عن تدبير لتفجير حقول النفط والغاز، تمهيدا لإحراق البلد ومعاقبة شعبه بحرمانه من عوائدها.. التى ظل يتمرغ فيها هو وأبناؤه ومقربوه طوال العقود الأربعة الماضية، وكان ذلك بمثابة تمثيل بائس لجريمة نيرون آخر أباطرة الرومان، الذى تجبر حتى قتل أمه وزوجته، وعين جوادا له ضمن «النبلاء»، وكان وراء إحراق روما، قبل أن يهرب وينتحر فى نهاية المطاف (سنة 68 ميلادية).
ابنه سيف الإسلام الرجل الثانى فى العصابة قالها صراحة فى خطاب متلفز: سنحتكم إلى السلاح، سنبكى على مئات الآلاف من القتلى، وسيتم حرق وتدمير كل شىء فى ليبيا وسنحتاج إلى 40 سنة أخرى لكى يستقر الأمر فى البلاد. قال أيضا إن المصريين والتونسيين سيقتسمون ليبيا مع أهلها، وسيشاركونهم فى النفط وفى بيوتهم وأرزاقهم.
وهو يستخف بالليبيين قال لهم إن النظام الأول (الذى قاده القذافى الأب) انتهى، وسيتم تعديله بالكامل للانتقال إلى نظام مختلف، بعلم جديد ونشيد جديد! لكن العقيد سيبقى بطبيعة الحال بعد أن يحيل بلاده أنقاضا!
العصابة فى تونس انفضح أمرها قبل أيام قليلة، حين أظهرت شاشات التليفزيون كيف كان زعيمها الهارب زين العابدين بن على يكدس ملايين الأموال النقدية وعلب المجوهرات النفيسة وراء مكتبات وهمية غطت جدران قصره. إذ لم يكتف الرجل وزوجته وأسرته بما نهبوه من أراض وقصور وما استأثروا به من وكالات تجارية، ولا بما هربوه فى حسابات سرية خارج البلاد، وإنما أحاطوا أنفسهم فى بيوتهم بتلال ملايين العملات الأوروبية، لكى لا يغيب المال المنهوب عن أعينهم لحظة من الزمن.
العصابة فى مصر انفتح ملفها مؤخرا، وإذا كانت فى ليبيا قد لجأت إلى إبادة المعارضين، ورأينا فى تونس كيف لجأت إلى نهب الأموال، فإنها فى مصر ركزت بوجه أخص على نهب الأراضى، الذى أزعم أنه أسوأ من نهب الأموال وتكديس الثروات. لأن الأموال تروح وتجىء. أما العقارات فإنها تروح ولا تجىء. صحيح أن ما أعلن عنه حتى الآن هو مجرد اتهامات وادعاءات طالت عددا غير قليل من المسئولين وكبار رجال الأعمال يتقدمهم رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد نظيف، إلا أن أحدا لا يختلف فى مصر حول وجود الظاهرة المروعة التى تجاوزت نهب أراضى الدولة إلى نهب وإهدار المال العام.
يؤيد ذلك ما تحفل به الصحف اليومية من معلومات صادمة تتحدث عن ملايين الأراضى التى بيعت بأبخس الأسعار، ومليارات الدولارات التى ضاعت على الدولة (وهربت إلى الخارج). من ثم فإن حجم النهب وحده الذى يجرى التحقق منه، أما مبدأ النهب الذى تم على نطاق واسع غير مسبوق فمسلم به. وإلى جانب التحقيقات الجارية الآن بخصوص عمليات النهب تلك، فإن جهودا حثيثة أخرى تبذل لتجميد واسترداد ما تم تهريبه إلى الخارج من أموال قدرت بالمليارات أيضا.
نستطيع أن نجد نماذج أخرى لحالات قهر الشعوب والانقضاض على المال العام فى أقطار عربية أخرى لم تسقط أنظمتها بعد، ولكن القاسم المشترك بين هذه الحالات وغيرها أنها تمثل دولا غابت عنها الديمقراطية، وبالتالى ألغى فيها دور المجتمع وغابت عنها قيمة الحساب والمساءلة. ومن ثم أطلقت فيها يد القابضين على السلطة لكى يعبثوا بثرواتها فضلا عن مصائرها. والمسألة ليست لغزا لأنه فى غياب الديمقراطية فإن موارد البلاد وثرواتها تصبح مالا سائبا. وقديما قالوا إن المال السائب يعلم السرقة.
إذ حين فاض الكيل بالناس وخرجوا مطالبين بالحرية والكرامة فى «يوم الغضب» (15/2)، فإن العقيد رد عليهم برصاصات المدافع الرشاشة وقذائف الطائرات التى أغرقت ليبيا فى بحر من الدم، واستعان فى ذلك بمرتزقة أفارقة وطيارين من صربيا وأوكرانيا. وكانت النتيجة حتى الآن سقوط ألفى قتيل على الأقل غير آلاف الجرحى.
فى خطابه وصف شوق الليبيين إلى الحرية والكرامة بأنه نوع من الجنون، واعتبر جموعهم الغاضبة مجرد حشرات وجرذان وصعاليك يتعاطون المخدرات، إذ استكثر عليهم انتفاضتهم ضد ملك الملوك وولى أمر المسلمين وأقدم الحكام على وجه البسيطة. فضلا عن كونه رمز المجد والعزة (هكذا وصف نفسه). والملهم الذى أهدى البشرية «الكتاب الأخضر» لكى يخرجها من الظلام إلى النور.
اقتنع الأخ العقيد بأن الليبيين «لم يفهموه» فقرر القضاء عليهم وهدم المعبد فوق رءوسهم، كما تحدثت الأنباء عن تدبير لتفجير حقول النفط والغاز، تمهيدا لإحراق البلد ومعاقبة شعبه بحرمانه من عوائدها.. التى ظل يتمرغ فيها هو وأبناؤه ومقربوه طوال العقود الأربعة الماضية، وكان ذلك بمثابة تمثيل بائس لجريمة نيرون آخر أباطرة الرومان، الذى تجبر حتى قتل أمه وزوجته، وعين جوادا له ضمن «النبلاء»، وكان وراء إحراق روما، قبل أن يهرب وينتحر فى نهاية المطاف (سنة 68 ميلادية).
ابنه سيف الإسلام الرجل الثانى فى العصابة قالها صراحة فى خطاب متلفز: سنحتكم إلى السلاح، سنبكى على مئات الآلاف من القتلى، وسيتم حرق وتدمير كل شىء فى ليبيا وسنحتاج إلى 40 سنة أخرى لكى يستقر الأمر فى البلاد. قال أيضا إن المصريين والتونسيين سيقتسمون ليبيا مع أهلها، وسيشاركونهم فى النفط وفى بيوتهم وأرزاقهم.
وهو يستخف بالليبيين قال لهم إن النظام الأول (الذى قاده القذافى الأب) انتهى، وسيتم تعديله بالكامل للانتقال إلى نظام مختلف، بعلم جديد ونشيد جديد! لكن العقيد سيبقى بطبيعة الحال بعد أن يحيل بلاده أنقاضا!
العصابة فى تونس انفضح أمرها قبل أيام قليلة، حين أظهرت شاشات التليفزيون كيف كان زعيمها الهارب زين العابدين بن على يكدس ملايين الأموال النقدية وعلب المجوهرات النفيسة وراء مكتبات وهمية غطت جدران قصره. إذ لم يكتف الرجل وزوجته وأسرته بما نهبوه من أراض وقصور وما استأثروا به من وكالات تجارية، ولا بما هربوه فى حسابات سرية خارج البلاد، وإنما أحاطوا أنفسهم فى بيوتهم بتلال ملايين العملات الأوروبية، لكى لا يغيب المال المنهوب عن أعينهم لحظة من الزمن.
العصابة فى مصر انفتح ملفها مؤخرا، وإذا كانت فى ليبيا قد لجأت إلى إبادة المعارضين، ورأينا فى تونس كيف لجأت إلى نهب الأموال، فإنها فى مصر ركزت بوجه أخص على نهب الأراضى، الذى أزعم أنه أسوأ من نهب الأموال وتكديس الثروات. لأن الأموال تروح وتجىء. أما العقارات فإنها تروح ولا تجىء. صحيح أن ما أعلن عنه حتى الآن هو مجرد اتهامات وادعاءات طالت عددا غير قليل من المسئولين وكبار رجال الأعمال يتقدمهم رئيس الوزراء السابق الدكتور أحمد نظيف، إلا أن أحدا لا يختلف فى مصر حول وجود الظاهرة المروعة التى تجاوزت نهب أراضى الدولة إلى نهب وإهدار المال العام.
يؤيد ذلك ما تحفل به الصحف اليومية من معلومات صادمة تتحدث عن ملايين الأراضى التى بيعت بأبخس الأسعار، ومليارات الدولارات التى ضاعت على الدولة (وهربت إلى الخارج). من ثم فإن حجم النهب وحده الذى يجرى التحقق منه، أما مبدأ النهب الذى تم على نطاق واسع غير مسبوق فمسلم به. وإلى جانب التحقيقات الجارية الآن بخصوص عمليات النهب تلك، فإن جهودا حثيثة أخرى تبذل لتجميد واسترداد ما تم تهريبه إلى الخارج من أموال قدرت بالمليارات أيضا.
نستطيع أن نجد نماذج أخرى لحالات قهر الشعوب والانقضاض على المال العام فى أقطار عربية أخرى لم تسقط أنظمتها بعد، ولكن القاسم المشترك بين هذه الحالات وغيرها أنها تمثل دولا غابت عنها الديمقراطية، وبالتالى ألغى فيها دور المجتمع وغابت عنها قيمة الحساب والمساءلة. ومن ثم أطلقت فيها يد القابضين على السلطة لكى يعبثوا بثرواتها فضلا عن مصائرها. والمسألة ليست لغزا لأنه فى غياب الديمقراطية فإن موارد البلاد وثرواتها تصبح مالا سائبا. وقديما قالوا إن المال السائب يعلم السرقة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات