قضت حرائق كرمل التي اجتاحت شمال إسرائيل على أسطورة "العدو الذي لا يقهر" مجددا، فالدولة العبرية التي تغنت سنوات بجهوزيتها على شن حرب عسكرية طاحنة ومتزامنة ضد إيران
وحزب الله وحماس تقف الآن عاجزة مكتوفة الأيدي على إخماد حرائق تجتاح شمال البلاد، للدرجة التي دفعتها إلى إذلال نفسها وقبول مساعدات من "العدو الجديد" تركيا .
ولا تزال ألسنة اللهيب تشتعل في الكرمل منذ ظهر الخميس الأمر الذي أسفر عن مقتل 41 شخصا وإصابة العشرات، فيما تم إجلاء نحو 14 ألف شخص من مناطقهم، حيث أتت النيران المتوقع السيطرة الكاملة عليها خلال أيام على 20 ألف دونم، فيما يتوقع إصلاح الأضرار الناجمة عنها ما بين 20- 40 عاما.
وظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو أمس، الخميس، على شاشات القنوات الفضائية الاسرائيلية والعالمية وهو يستنجد بالعالم ويطلب المساعدة في إحباط هذا الحريق الذي وصفه بأنه كارثة بل فاجعة منقطعة النظير .
وطالب نتيناهو دولاً كثيرة بالمساعدة بينها الولايات المتحدة وبلغاريا وكرواتيا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا ورومانيا، وذلك لإرسال طائرات إخماد حرائق، كما طلب الحصول على مواد كيماوية خاصة لإخماد النيران.
وأعلنت اليونان وقبرص وإسبانيا وكرواتيا وأذربيجان وتركيا وفرنسا عن استعدادهم للمشاركة في جهود إخماد النيران.
ورغم التوتر الشديد في العلاقات بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وتركيا منذ هجوم قوات الكوماندوس الإسرائيلية على سفينة "مافي مرمرة" التركية التي كانت ضمن أسطول الحرية لكسر حصار غزة نهاية مايو الماضي، مما أسفر عن مقتل تسعة أتراك واستشهاد العشرات، طأطأت إسرائيل رأسها وقبلت المساعدات من تركيا.
وأرسلت تركيا، الجمعة، طائرتين تابعتين لوزارة الغابات الى مدينة حيفا للمساعدة في إخماد أكبر حريق غابات في تاريخ إسرائيل، مشيرة إلى أن هذا هو رد لمساعدة سابقة قدمتها تل أبيب عقب زلزال قوي ضرب أنقرة عام 1999 وأدى إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص آنذاك، وكأنها تريد التحلل من كل "جميل" علق في أعناقها لتخلص من علاقتها بالحليفة السابقة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن .. ما هي الاستعدادات والمناورات وتجارب المحاكاة التي تجريها اسرائيل من وقت لآخر منذ انتهاء حرب لبنان الثانية عام 2006 لتقوية جبهتها الداخلية أمام أي حرب أو قصف ؟ هل تستطيع إسرائيل العاجزة عن القضاء بمفردها على حريق نشب على أراضيها الوقوف أمام ترسانة الصواريخ الإيرانية القادرة على الوصول إلى قلب تل أبيب وإشعال الحرائق ليس في الشمال فقط ولكن في قلب العاصمة .
ربما تكشف هذه الحرائق أن دولة الاحتلال الإسرائيلي وتهديداتها بشن حرب ضد إيران لن يكون بخطوة منفردة بأي حال من الأحوال، ولكن ستكون هي الطرف المساعد على أن تكون الولايات المتحدة التي بدت مستبعدة لهذه الفكرة المبادرة بقصف ايران.
والأكثر من ذلك أن الحرائق لم تفضح إسرائيل وقدراتها أمام العرب والعالم بل أمام شعبها، كيف سيثقون بقدرتها على مواجهة حرب وهي لم تستطع إخماد نيران، الأمر الذي يبشر بانشغال اسرائيل في الفترة القادمة بتشكيل لجان تحقيق للوقوف على سبب الإخفاق وعدم قدرتها على الصعود بتهديد ووعيد سواء أمام إيران غيره...الوفد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات