الأقسام الرئيسية

الفلوجة: ثلاثة مواليد مشوهون يومياً

. . ليست هناك تعليقات:


دراسة جديدة تربط ارتفاع التشوهات الخلقية وأمراض السرطان في مدينة الفلوجة العراقية باستخدام القوات الاميركية لقذائف اليورانيوم المنضب.

ميدل ايست أونلاين


لندن – من كرم نعمة


جيل بلا مستقبل

أكدت دراسة جديدة ان التشوهات الخلقية لدى مواليد مدينة الفلوجة العراقية عائدة لنوعية الاسلحة التي استخدمتها القوات الاميركية في ضرب المدينة بعد احتلال العراق عام 2003.

وتوصلت الدراسة للمرة الاولى الى ان الارتفاع الحاد في العيوب الخلقية للمواليد في مدينة الفلوجة تعود الى أن الضرر الوراثي نجم عن الأسلحة المستخدمة في الهجمات التي شنتها القوات الاميركية على المدينة قبل ست سنوات.

وكانت القوات الأميريكية اجتاحت مدينة الفلوجة للمرة الأولى في نيسان/إبريل 2004 في أعقاب مقتل مقاولين أميركيين من عناصر شركة "بلاك ووتر" الامنية على يد مسلحين وعرض جثثهم في الشوارع، من ثم شنت في تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه عملية عسكرية واسعة النطاق لتطهيرها من المسلحين ألحقت دماراً واسعاً بالمدينة.

وحاصرت قوات المارنيز الاميركية مدينة الفلوجة، ودكتها بانواع الاسلحة المدفعية والقصف الجوي.

وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية في عددها الصادر الجمعة إن الدراسة التي ستنشرها الأسبوع المقبل المجلة الدولية لأبحاث البيئة والصحة العامة "ستؤكد صحة التقديرات السابقة عن الارتفاع غير المبرر في أمراض السرطان والأمراض المزمنة والتشوهات الخلقية وعيوب القلب والهيكل العظمي لدى الأطفال حديثي الولادة.

ووجدت الدراسة أن التشوهات زادت11 ضعفاً تقريباً عن المعدلات الطبيعية وارتفعت إلى مستويات غير مسبوقة في النصف الأول من هذا العام".

واضافت الصحيفة في تقرير كتبه "مارتن شولوف" أن الدراسة حددت المعادن كعوامل ساهمت في نشر التلوث بمدينة الفلوجة وخاصة بين أوساط الأمهات الحوامل والتسبب في التشوهات الخلقية، مما سيثير موجة جديدة من التكهنات بأن سبب ارتفاع العيوب الخلقية نجم عن استخدام قذائف اليورانيوم المنضب بكثافة في الهجومين اللذين شنتهما القوات الاميركية على المدينة في نيسان/ابريل وتشرين الثاني/نوفمبر 2004.

وشملت الدراسة 55 عائلة عراقية أُصيب أطفالها حديثو الولادة بتشوهات خلقية خلال الفترة من أيار/مايو إلى آب/أغسطس من العام 2010، ووجدت أن 15% من أصل 547 طفلا ولدوا في مدينة الفلوجة عانوا من تشوهات خلقية، وأن 11% منهم ولدوا خلال فترة تقل عن 30 أسبوعاً، وأجهضت 14% من الأجنة من تلقاء نفسها.

أزمة خطيرة في الصحة العامة

وقال موزغان سافبيسفهاني خبير السموم البيئية وأحد واضعي الدراسة "نشتبه بأن سكان الفلوجة تعرضوا بشكل حاد إلى عامل بيئي لا نعرف ما هو لكننا نجري المزيد من الاختبارات لمعرفته، لأن فرص وقوع مثل هذه الحالات ضئيلة جداً في ظل الظروف العادية".

واضاف سافبيسفهاني "أن وباء العيوب الخلقية يتكشف في الفلوجة، وهذا يُعد أزمة خطيرة في الصحة العامة تحتاج إلى الاهتمام العالمي، ونحن بحاجة إلى بحث مستقل وغير متحيز في الأسباب التي ادت إلى وقوعه، وندعو العلماء والمنظمات للتعاون معنا حتى نتمكن من الحصول على القوة المطلوبة للتصدي لهذه المشكلة الصحية الخطيرة".

وكانت دراسة طبية سابقة قد كشفت ان معدل فيات الرضع واصابة اهالي مدينة الفلوجة العراقية بالسرطان بعد القصف الاميركي للمدينة عام 2004 يفوق ما سجل بين سكان مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين اللتين ألقيت عليهما قنابل ذرية في الحرب العالمية الثانية عام 1945.

ونقلت صحيفة "الاندبندنت" في تقرير كتبه باتريك كوكبرن تفاصيل الدراسة التي اجراها مجموعة من الاطباء باشراف الدتور كريس باسبي الاستاذ الزائر في جامعة الستر.

وأجرى الدراسة فريق بحث مكون من 11 شخصا في شهري كانون الثاني - يناير وشباط – فبراير من عام 2010، وقام بزيارة 711 منزلا في المدينة، وتوزيع استبيانات حول تفاصيل حالات السرطان والتشوه الخلقي.

وراود أهالي مدينة الفلوجة الشكوك بعدما اعلنت الحكومة العراقية عبر تلفزيونها الرسمي انها ستعتقل كل من يدلي بمعلومات حول الاصابات بامراض السرطان والتشوه الخلقي، مسوغة ذلك بان المعلومات تخدم "المسلحين" و"الارهابيين"!!

وقال الدكتور كريس باسبي أحد المشرفين على الدراسة التي شملت 4800 شخصا من سكان الفلوجة "انه من الصعب تحديد سبب حالات السرطان والتشوه الخلقي"، لكنه خمن بأن ذلك قد يعود الى استخدام سلاح جديد ضد المباني يختراق الجدران ويقتل من بداخلها".

وأضاف الدكتور باسبي "انه من أجل وقوع تأثير كهذا كان يجب ان يتعرض السكان الى تأثير شيء يحدث تغييرا جينياً، كالذي حدث عندما قصفت المدينة باسلحة فتاكة من قبل القوات الاميركية عام 2004".

ووجد الباحثون زيادة بنسبة 38 مرة في الاصابة بسرطان الدم بين سكان مدينة الفلوجة "بالقياس الى 17 مرة بين سكان هيروشيما اليابانية"، وعشرة أضعاف في سرطان الثدي للإناث، وزيادات كبيرة في أورام الدماغ لدى البالغين.

وقال الدكتور باسبي: "اللافت للنظر ليس زيادة انتشار السرطان بين أهالي مدينة الفلوجة بعد عام 2004 فقط، بل السرعة التي انتشر فيها".

واشار الدكتور باسبي الى دراسة سابقة بعنوان "السرطان ووفيات الرضع في الفلوجة، العراق 2005-2009" باشراف الدكتورتين ملك حمدان وانتصار العريبي خلصت الى ارتفاع حاد بالاصابة بالسرطان والعيوب الخلقية بين المواليد في مدينة الفلوجة تصل الى 80 في المائة لكل الف ولادة مقارنة بـ 19 في المائة في مصر و17 في المائة في الأردن و9.7 في المائة في الكويت.

وذكرت الدراسة ان أنواع السرطان مماثلة لتلك التي حدثت بين سكان هيروشيما بعد تعرضهم للإشعاع النووي.

وتكشف اهمية الدراسة الجديدة -حسب الدكتور باسبي- تغير طبيعة المواليد في العراق وزيادة نسبة الاناث الى الذكور.





اجساد ناحلة

وكان عدد الذكور يفقوق الاناث بنسبة 1050 الى 1000، فيما انخفضت نسبة المواليد بعد عام 2005 الى 850 للذكور إلى 1000 من الإناث.

ويعد نوعية جنس المواليد مؤشراً طبياً على نسبة الضرر الوراثي الذي يؤثر على الذكور أكثر من الاناث.

واعترفت القوات الأميركية التي حاصرت وقصفت المدينة أنها استخدمت قنابل الفوسفور الأبيض.

وقال العميد نايجل آيلوين فوستر قائد القوات البريطانية الذي عمل مع القوات الاميركية في بغداد آنذاك "ان القوات الاميركية لم تفكر بالضرر المستقبلي من استخدام مثل هذه الاسلحة المدمرة في قصف الفلوجة".

وكانت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" قد ركزت في تقرير سابق على محنة يعيشها المواليد الجدد في العراق بعد احتلاله عام 2003، حيث تشهد المستشفيات أكثر من ولادة مشوهة كل يوم، وسط صمت حكومي عراقي مخجل ونفي أميركي.

وكشف تحقيق اجراه مراسلو "بي بي سي" في الفلوجة عن وجود أعداد كبيرة من الأطفال المصابين بتشوهات خلقية.

وأشار التحقيق إلى أن آباء وأمهات هؤلاء الأطفال وطبيب عراقي متخصص ألقوا باللوم على الأسلحة التي استخدمتها الولايات المتحدة خلال هجومها على المدينة عام 2004.

وقالت طبيبة عراقية في مستشفى الفلوجة العام في حوار مع "بي بي سي" انها تشرف يومياً على ثلاثة ولادات مشوهة منذ عام 2005.

وعبرت سيدة عراقية من حي الجولان في الفلوجة عن ألمها وعجزها بمعالجة طفلها المشوه وهي تعرض صوره الفوتغرافية.

وأكد طبيب عراقيا يعمل في مستشفى الفلوجة أنه يرى طفلين أو ثلاثة أطفال مشوهين خلقياً كل يوم، فيما اعلن الجيش الاميركي أن لا علم له بوجود تقارير رسمية عن زيادة عدد الأطفال المصابين بتشوهات خلقية في الفلوجة.

وقال الطبيب العراقي "لا أملك أي دليل وليس عندي شيء موثّق، ولكن أستطيع التأكيد أن هناك زيادة في عدد الأطفال المشوّهين خلقياً عاماً بعد عام"، في وقت أصر ضابط أميركي على "عدم وجود قضايا بيئية تسببت بمشكلات صحية معينة في الفلوجة".

حكومة المالكي لا تريد خلق مشاكل للأميركيين

والقى السكان والأطباء باللوم على الأسلحة التي استخدمتها القوات الأميركية خلال هجومها على مدينة الفلوجة ، مع أن الكثير من هؤلاء اعربوا عن خشيتهم من الحديث عن هذه القضية لأن حكومة المالكي لا تريد خلق مشاكل للأميركيين، فيما اصدر المسؤولون المحليون في المدينة توجيهات للنساء بعدم الانجاب.

وقال محرر الشؤون الدولية في "بي بي سي" إن ركام المباني التي تضررت في مدينة الفلوجة جراء هجوم القوات الأميركية تم رميها في النهر حيث يحصل السكان المحليون على مياه الشرب.

واضاف أنه شاهد أطفالاً يعانون من الشلل أو تلف في الدماغ، وطفلة عمرها ست سنوات لديها ستة أصابع في كل يد، وستة أصابع في كل قدم وعانت من أمراض خطيرة.

وذكرت شبكة "سكاي نيوز" التلفزيونية البريطانية في تحقيق لها أن عدد الأطفال الذين يُولدون مشوهين آخذ في التزايد في مدينة الفلوجة العراقية التي تعرضت لقصف ثقيل من قبل القوات الأميركية.

وقالت الشبكة إن القلق من ارتفاع عدد الأطفال المشوهين قد يكون على علاقة باستخدام القوات الأميركية الأسلحة الكيميائية لدى اجتياحها مدينة الفلوجة عام 2004.

واضافت "سكاي نيوز" أن تحقيقاً اجرته اظهر تزايد عدد الأطفال الذين يُولدون مشوهين في الفلوجة، وقامت باعداد ملف عن حالات الأطفال المشوّهين الذين وُلدوا في المدينة العراقية خلال الأشهر الثمانية الماضية.

واشارت إلى أن حالات التشوه عند الأطفال العراقيين تشمل مشاكل عديدة من بينها تشوهات في البطن وتشوهات في الوجه تسببت في وفاة الكثير منهم قبل بلوغهم سن الخامسة من العمر.

وقالت المحطة التلفزيونية الاخبارية البريطانية إن الأدلة التي جمعتها استندت إلى رويات الناس والذين يعتقدون أن تشوهات الأطفال مرتبطة بالقصف الثقيل التي تعرضت له الفلوجة.

واضافت أن سكان الفلوجة يريدون فتح تحقيق مستقل حول الأضرار التي سببها استخدام الأسلحة الكيميائية ومن بينها الفوسفور الأبيض.

ونسبت "سكاي" إلى الطبيب العراقي أحمد عريبي قوله "إن عدد الأطفال الذي يولدون مشوهين ارتفع بشكل بارز خلال العام الماضي، ويريد سكان الفلوجة أن يعرفوا كم من الأطفال المشوهين سيولدون قبل أن يتم الإلتفات إلى هذه المشكلة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer