٢٠/ ١٢/ ٢٠١٠
جمال البنا هو نجل أحمد البنا ١٨٨١-١٩٥٩، صاحب ومصنف أعظم موسوعة فى الحديث «مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى»، الذى طبعه على نفقته الخاصة فى ٢٤ جزءاً، هذا العمل الذى عجز عنه العلامة الشهير ابن كثير، صاحب أشهر التفاسير القرآنية، الذى قال قولته الشهيرة المعروفة حتى اليوم عندما عجز عن إكمال هذا المشروع: (مازلت أنظر فيه والسراج ينونص حتى كف بصرى). أما أخوه فهو حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، التى صارت فى أقل من عشرين عاما من حياة مؤسسها تنظيما عالميا شغل عقول وأذهان الباحثين فى الشرق والغرب على السواء، وعاش جمال البنا إلى جوار شقيقه سنوات طوال، حتى اغتياله فى فبراير ١٩٤٩. وأهمية جمال البنا - الذى يفضل لقب الأستاذ على الشيخ فهو يكره الكهنوت ولا يعترف بالسلطة الدينية - ليس لكونه شقيق مؤسس جماعة الإخوان، أو ابن الشيخ أحمد البنا، فالأستاذ متعدد المواهب والقدرات، وهو مجدد مجتهد ومخلص، لم يسع لشهرة ولا لكسب المال، فهو أديب صاحب خيال خصب، وموسوعىّ الثقافة، يحدثك فى الأدب كما لو أنه من دارسيه، وفى السياسة والاجتماع وعلم النفس.. درس الحركة النقابية والعمالية فى العالم وأعجب بالحركة النسائية التى يطلق عليها «الفنزم»، ودرس الاشتراكية وأصدر كتابًا يُعد من أفضل كتبه، باسم «ظهور وسقوط جمهورية فايمار»، ودخل المعتقل عام ١٩٤٨، بتهمة أنه شقيق حسن البنا، بالرغم من أنه لم ينتم يوما لجماعة الإخوان ولم يكن من أعضائها. ولا يفوته أن يتابع ويطلع على عيون الأدب والثقافة الأوروبية المعاصرة، ولِمَ لا؟ وهو الصغير الذى تفتحت عيناه على كتب التراث بأشكاله المختلفة وإلى جوارها مجلات كاللطائف المصورة والروايات العاطفية المسلسلة التى كانت تنشر على صفحات الجرائد، والتى اعتاد والده جمعها ووضعها فى مجلدات خاصة وحفظها فى مكتبته. لكن «جمال» بعكس الإمام حسن البنا لا يتمتع بكاريزما ولا بملامح الداعية المؤثر فى جماهيره، ولا هو حريص عليها، فهو يقول: «إنه كاتب ومن أراد أن يعرفه فعليه أن يقرأ كتبه». وجمال البنا يعيش وحيدا منذ أن رحلت زوجته عن الحياة عام ١٩٨٧ التى لم ينجب منها أولادا، وزادت وحدته بعد رحيل أخته فوزية التى كانت من المقربين إلى قلبه، والتى تبرعت بثروتها التى حققتها من عملها فى تعليم البنات فى السعودية طوال ٤٠ عامًا، إلا أن الفراغ الذى تركه الإمام حسن البنا «عميد العائلة» لم يملأه أحد، كما يقول الأستاذ. وحوّل الأستاذ شقته إلى مكتبة تحمل اسم المؤسسة التى بناها وشقيقته فوزية هى «دار الفكر الإسلامى» وتضم المكتبة قرابة ١٥ ألف كتاب عربى ٣٠٠٠ باللغة الإنجليزية، وتضم مؤلفات وأعمال والد الأستاذ وشقيقه الشاعر والمسرحى عبدالرحمن البنا، إذن المكتبة تضم الكثير من تراث وثروة آل البنا، وقد زودت بقاعة اطلاع وآلة تصوير ووحدة كمبيوتر يرتادها طلاب العلم، يطالعون فيها بحرية، ويستعيرون منها ما يشاءون.. كل ذلك وغيره من خدمات دون مقابل، ووضع فيها ما يزيد على ١٠٠ كتاب من تأليفه، فضلاً عن١٠ ترجمها من الإنجليزية. وصدر كتاب عن نشأة وحياة جمال البنا ونشاطه العلمى والفكرى باللغة الفرنسية أعدته الباحثة منى عبدالله، المحاضرة بالمركز الثقافى الفرنسى بالقاهرة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات