الأقسام الرئيسية

هل تتسع السلفية التاريخية لـ'عظمة' الفراعنة!

. . ليست هناك تعليقات:

اصرار مسؤولين مصريين على الدوران في دائرة مفرغة مركزها اكتشافات تتعلق بالأهرامات يضعهم احيانا في مواقف محرجة، تعكس نزعة تقديسية في قراءة التاريخ.
ميدل ايست أونلاين

اكتشاف مقبرة نفرتيتي كذبة أبريل مبكرة
القاهرة - لا يكاد يمر يوم دون ان يطالع مسؤولو الاثار المصريين العالم باكتشاف جديد يدور حول فلك الاهرام، في عادة لا تخلو في احيان غير قليلة من تضخيم ومبالغة ينتهيان بأصحابهما لمواقف محرجة.
وبعد اسبوعين من تصريحات لوزيري الآثار والسياحة المصريين عن قناعتهما بوجود قبر الملكة نفرتيتي مختبئ في غرفة سرية بمقبرة توت عنخ آمون بناء على قراءة متسرعة لفحوص اولى لمسح ضوئي للمقبرة تراجع المسؤولان وقالا انهما ينتظران تاكيدا من خبراء اميركيين.
وخلال مؤتمر صحفي في 17 مارس/آذار بعد فحص جدران قبر توت عنخ آمون بالمسح الضوئي، ذهب وزير السياحة (آنذاك) هشام زعزوع الى القول بأنا على شفا "انفجار عظيم" في مجال الأثريات، وكانت تلك اخر تصريحاته بعد ان ازاحته هزات ارتدادية عن منصبه.
من جهته اسال وزير الآثار حينها ممدوح الدماطي لعاب علماء المصريات والهواة عندما دعا الصحافة الدولية الى مؤتمر صحافي امام مقبرة توت عنخ امون في الاقصر لاعلان نتائج مسح راداري ثالث للمقبرة.
وقال الدماطي في منتصف اذار/ماس الماضي انه واثق بنسبة "90 بالمئة" من انه توجد بالمقبرة غرفتان لم يكشف عنهما من قبل وتحويان "مواد معدنية وعضوية" بعد عمليتي مسح برادارات متطورة.
لكن، وبعد أسبوع فقط من هذا الإعلان، استُبعد كل من زعزوع الدماطي، من تشكيلة الحكومة المصرية الجديدة ضمن التعديل الوزاري.
والجمعة خيب وزير الاثار المصري الجديد خالد العناني توقعات محبي مصر الفرعونية باعلانه انه يتعين الانتظار عدة اسابيع قبل معرفة ما اذا كانت مقبرة توت عنخ امون تحوي غرفة سرية بداخلها مومياء نفرتيتي ام لا.
وقال العناني في مؤتمر صحافي عقده في الاقصر غداة المسح الراداري الثالث لجدران المقبرة الذي استغرق 11 ساعة، ان مسحا راداريا رابعا سيجرى بتكنولوجيا مختلفة "نهاية الشهر الجاري قبل عقد ندوة او ورشة عمل دولية في 8 ايار/مايو المقبل في القاهرة" لدراسة نتائج هذه الابحاث.
وكان العناني يتحدث في وادي الملوك بعد مسح بالرادار قام به خبراء اميركيون مساء الخميس في مقبرة توت عنخ آمون.
والهدف هو التأكد من وجود غرفتين سريتين واختبار صحة افتراض عالم الاثار البريطاني نيكولاس ريفز الذي يعتقد ان داخل احدى هاتين الغرفتين توجد مقبرة نفرتيتي، الملكة التي يقال انها كانت ذات جمال خلاب ولعبت دورا سياسيا ودينيا رئيسيا الى جوار زوجها الفرعون اخناتون قبل 3300 عام.
ويبقى السؤال عن سبب تسرع المسؤولين المصريين وتضخيمهم لنتائج علمية لم تتأكد بعد. وربما يكمن الجواب في الحالة المتردية لقطاع السياحة في مصر التي قد تدفع لتبني سياسات دعائية على حساب مصداقية المسؤولين.
وبغض النظر عن اسباب التسرع "غير المسؤول" لمسؤولين مصريين في تبني فرضيات وتحويلها لحقيقة، يبقى السؤال الاهم لما المبالغة في اجراء بحوث دعائية والاحتفاء بطقوس تتلخص في مجملها حول الحقبة الفرعونية، وكان مصر بعثت في عصر الدولة القديمة وانتهت على اعتابها.
والخيبة المصرية الاخيرة جاءت بعد اسابيع قليلة عن اخرى مشابهة عندما تجمع الاف السياح لمشاهدة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني في معبد أبو سمبل في بداية مارس/اذار.
الا أن الشمس رفضت التعامد لأول مرة في التاريخ، وذلك نظرا لانتشار الشبورة المائية الكثيفة، نتيجة سوء الطقس, ليجد وزير السياحة السابق ومحافظ اسوان نفسيهما في التسلل.
ويبدو هذا التمسك بالماضي الفرعوني "التليد" مبالغة قد تشبه اخرى تغزو عالمنا الاسلامي، في سعي تيارات تطلق على نفسها لقب سلفية للرجوع إلى الماضي هربا من حاضر مأزوم.
والسلفية الدينة تتفق مع "السلفية الفرعونية" في رؤيتها للعالم، ففي حين ترى الاولى ان التاريخ انتهى أساسا مع نهاية القرن الثالث للهجرة، ترى الثانية ان الحضارة الفرعونية هي قمة الامجاد المصرية وفخرها الذي لا يبهت اشعاعه بمرور التاريخ والفرصة الوحيدة للفت انظار العالم محيطة نفسها بهالة من التقديس.
ويندر ان تأخذ البحوث الاكادمية المصرية التي تتناول الحقبة الفرعونية اتجاها ينسّب انجازات الالهة القديمة ويضعها تحت مجهر النقد والتمحص والتثبت، فالمنحى الوحيد المقبول هو تمجيد تلك الفترة وابراز ما تحمله من اعجاز.
ولعل التقلبات السياسية والاقتصادية التي تعصف بمصر منذ الاطاحة بنظام الرئيس الاسبق حسني مبارك على ما شكلته من فرصة ملائمة لنشر التيارات المتطرفة دعواتها الهدامة، اعطت الحنين لعصور الالهة المصرية القديمة بعضا من زخم بدوافع اقلها سياحية.
وكان رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، كشف في مطلع مارس/آذار 2016، أن إيرادات السياحة تراجعت بنحو 1.3 مليار دولار، منذ تحطم الطائرة الروسية في سيناء العام الماضي.
من جهته، كان وزير السياحة السابق صرح منتصف شهر يناير/كانون الثاني أن خسائر قطاع السياحة منذ حادث سقوط الطائرة الروسية بلغت 2.2 مليار جنيه مصري شهرياً (283 مليون دولار).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer