الأقسام الرئيسية

ميزانية الجيش والجماعة

. . ليست هناك تعليقات:


Tue, 04/09/2012 - 21:17

مازال البعض فى جماعة الإخوان المسلمين يتعامل مع موضوع تقنين وضع الجماعة على طريقة الحزب الوطنى، فمن ادعاء أن الجماعة لم تحل إلى انتظار تفصيل قانون جديد على مقاسها بدا الأمر خارج أى منطق وعقل.
ودخلت الجماعة فى سجال لا معنى له على وضعها القانونى، دفع صحيفة التحرير فى عدد أمس الأول إلى وصف الجماعة بأنها «منحلة بالثلاثة» حين قالت إن «الإخوان» منحلة بقرارين محصنين دستوريا من مجلس قيادة الثورة فى 1954، وأنها لم تلتزم بقانون 1964 لتنظيم الجمعيات الأهلية، وتجاهلت قانون 84 لسنة 2002 الذى يلزمها بتقنين أوضاعها.
وبعيدا عن أنه كانت هناك استحالة أن تقنن وضعها وفق قانون 1964 فى ظل الصراع الدامى الذى دار بينها وبين نظام عبدالناصر، إلا أنه فى يدها الآن أن تغلق هذا الملف وتكيف وضعها مع القانون الحالى ولا تنتظر «القانون التفصيل».
إن أسوأ ما فى هذا المشهد أن مصر خطت خطوات إلى الأمام وناقشت ملفات كانت من المحرمات قبل الثورة، منها ميزانية الجيش التى سيناقشها البرلمان ويعرفها الشعب المصرى لأول مرة فى تاريخه المعاصر، كما أن البعض طالب بأن تناقش تفاصيل هذه الميزانية فى لجان مغلقة بمجلس الشعب، وهو أمر لم يكن يسمح بالتفكير فيه قبل 25 يناير.
الأمر نفسه انسحب على حزب الجماعة الذى قبل ترخيص وضعه القانونى وظهرت أحزاب لجماعات إسلامية لم يكن مسموحا لقادتها أن يتحدثوا علنا فى عهد المخلوع، وأصبحت الآن جزءاً من الحياة العامة، وحصل حزب الوسط على رخصته القانونية بعد الثورة أيضا بعد أن ظل محاصرا ومناضلا 15 عاما قضاها فى المحاكم بحثا عن الشرعية القانونية، وتكرر الأمر نفسه مع حزب الكرامة وحصل على ترخيص قانونى بعد الثورة، وظهرت جمعيات أهلية جديدة، بعضها، أو ربما كلها، لديه ملاحظات على القوانين الحالية، لكنه احترمها على أمل أن يغيرها بالوسائل القانونية والديمقراطية كما جرى فى البلاد المحترمة.
ولنا فى التجربة التركية أسوة حسنة، فالإسلاميون الأتراك، أو بالأحرى المحافظون المدافعون عن الإسلام الحضارى والثقافى كانوا ملتزمين بشكل كامل بالقانون حتى لو اضطهدهم فى أحيان كثيرة، واحترموا القوانين العلمانية التى لم يوافقوا على بعضها حتى استطاعوا أن يغيروها بالطرق السلمية، أما فى مصر فالجماعة تقول لنا نحن فوق قانون الجمعيات لأنه ليس على مقاسنا، ونحن فوق الدولة حتى لو حكمناها لأننا ننتمى لجماعة أكبر منها فلا نقبل أن تراقبنا مؤسساتها وبرلمانها لأننا فوق الجميع.
هل يعقل أن يتلكأ قادة الجماعة فى هذا الموضوع ويلفوا ويدوروا على طريقة العهد السابق فى التعامل مع ملف يحتاج إلى قرار قاطع يقول: «نحن نحترم القانون، نحن لسنا فوق الدولة، نعم سنقنن وضع الجماعة ولن نردد حجج الحكام السابقين حين كانوا يتحايلون على القوانين».
مفرح أن يخضع الجيش الوطنى لرقابة مؤسسات الدولة المدنية والمنتخبة، ومناقشة ميزانيته خطوة فى هذا الطريق، وصادم أن ترفض جماعة ظلت وظللنا معها نرفض وصفها بـ«المحظورة» وحين جاءت الفرصة لتصبح غير محظورة أصرت أن تبقى كذلك ليس بسبب رفض النظام لأنها أصبحت النظام، إنما بسبب رفض الجماعة أن تكون مثل باقى مكونات المجتمع: جماعة قانونية ليست فوق الدولة والقانون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer