Tue, 04/09/2012 - 15:32
منح «الكوتش القصير»، محمود الجوهري، جيلًا كاملًا من
المصريين بهجة لا تضاهى. فمنذ أواخر ثمانينيات القرن العشرين وحتى مطلع
الألفية الثالثة كان الجوهري علامة جودة الكرة المصرية، وذلك رغم كل
الانتكاسات والإحباطات التي أصابت المصريين جراء المفاجآت غير السارة التي
فرضها عليهم بين الحين والحين.
لكن المصريين رغم ذلك لا يمكنهم أبدا أن ينسوا أن الجوهري هو
المدرب الوحيد الذي نجح في إيصال المنتخب المصري إلى نهائيات كأس العالم
بعد نصف قرن من الفشل المتواصل. فهذا إنجاز يجاوز أي إنجاز في تاريخ الكرة
المصرية في العقود الأخيرة.
ترك الجوهري عشرات الأبناء والأحفاد يمارسون فنونهم اليوم على
المستطيل الأخضر.. كثير منهم يعلم أنه تلميذ من تلاميذ كوتش رفع قامة
الجماهير المصرية عاليا رغم قصر قامته.. أما تلاميذ الجنرال في مجال
التدريب، فأغلبهم لم يعد يتبع مدرسة الجوهري الدفاعية، ورغم ذلك فالكل لا
يمكنه أن يفلت من كاريزمته وقدرته على إدارة لاعبيه نفسيا ومعنويا.
وإن كان الجوهري قد نجح في ضمان حب اللاعبين والمدربين
والجماهير المصرية في قلبه، فهو أيضا تحول إلى أيقونة عربية، يحبها القاصي
والداني من المحيط والخليج ويعلم قيمتها. ذلك أن الرجل حقق «تعايشا» بين
الجميع وفرته أخلاقه الرياضية العالية وقدرته على الحسم وذكاؤه في الإدارة.
في هذا الملف سنتحدث عن الجوهري المدرب والإنسان، عن مدرسته
التدريبية، عن تلاميذه في الملاعب، وعن رثاء زملائه وأبنائه من اللاعبين
له، وعن مسيرته بين النوادي والدول، وسنحكي كذلك عن سياسته الدفاعية التي
كانت عنوانا لعهد مضى.. حين اقتبس الحكام طرقه في الدفاع الصلب للبقاء على
كراسي السلطة، وحين نسخ المعارضون أدواته لدرء بطش الحكام.
لن ينسى التاريخ الجوهري.. ولن تنساه جماهير الكرة.. فهذا رجل
كان علامة على عصر كامل.. هذا القصير الجاد المحترم أعطانا ما لن ينمحي
ولو طال الزمن.. البهجة والأمل.
لا يمكن أن تختصر استراتيجية محمود الجوهري كما يحلو للبعض فى
جملة «الدفاع خير وسيلة للهجوم». فصحيح أن الرجل اشتهر بخططه الدفاعية
الصلبة التى مكنته من قيادة المنتخب المصرى الأول للوصول إلى نهائيات كأس
العالم 1990 فى معجزة كروية فى ذلك الوقت لم تتكرر إلا قبلها بأكثر من نصف
قرن، لكن صحيح أيضًا أن الرجل كان له أسلوبه الخاص والشامل الذي نجح في
تحقيق «معجزات» للكرة المصرية لا تزال تتألق في سمائها.. المزيد
يمثل الكابتن محمود الجوهري نموذجًا فريدًا للتعايش واحتواء
المختلفين وكسب احترام الجميع. فجمهور الأهلي أحب الجوهري عندما كان لاعبًا
في صفوفه ومدربًا لفريقه، ولم يكرهه أو يسئ إليه عندما تولى تدريب الغريم
التقليدي «الزمالك»، بخلاف كثير من النجوم خسروا شعبيتهم بعد الانتقال من
أحد القطبين إلى الآخر.. المزيد
اتفق خبراء ولاعبو جيل التسعينيات على أن الكرة المصرية فقدت
الكثير برحيل الجنرال محمود الجوهرى، مؤكدين أنه أهم وأكثر المدربين عطاء
فى تاريخهم، وأشادوا بخلقه وسلوكه على مدار تاريخه فى الملاعب لاعباً
ومدرباً، كما أكدوا أنه كان واحداً من المدربين القلائل فى العالم الذين
جمعوا بين الجانبين الإدارى والفنى كونه كان ضابطاً سابقاً فى القوات
المسلحة، وهو ما منحه شخصية قيادية حازمة نجحت فى قيادة أجيال مختلفة من
اللاعبين لعدد من البطولات والإنجازات التى لن تنسى فى تاريخ الكرة
المصرية.. المزيد
عبر سنوات طويلة درب فيها الجوهرى المنتخب المصرى الأول
وناديي الأهلى والزمالك محققًا معها بطولات وإنجازات عظيمة تتلألأ فى تاريخ
الكرة المصرية. كان الجوهرى أبًا لكثير من اللاعبين، منهم من اكتشفهم فى
سن صغيرة جدًا، ومنهم من أعاد اكتشافهم. قَوَّم كثيرين وساعد وأرشد
كثيرين.. أغلبهم بالطبع كان ضمن «جيل 90».. الجيل الذى يدين بالفضل الأكبر
بعد الله سبحانه وتعالى إلى محمود الجوهرى.. المزيد
لم يكن الجنرال وهو يضع خطته يدري أن السياسيين سيستخدمونها
أكثر من استخدامه هو لها. إذ قامت خطط السياسيين في مصر في العقود الثلاثة
الماضية، سواء في السلطة أو المعارضة، على تأمين كياناتهم مع المناوشة من
بعيد واللعب على الهجمة المرتدة التي ترهب الخصوم، ولا تخل بالتنظيم
الدفاعي.. المزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات