الأقسام الرئيسية

عملة واحدة

. . ليست هناك تعليقات:

Thu, 29/03/2012 - 21:01

عندما بدأت بوادر أزمة بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى، بادرت بعض القوى السياسية لإعلان التضامن مع جماعة الإخوان المسلمين، اعتماداً على رؤيتهم أن المجلس العسكرى المسؤول عن كل الأزمات والمشكلات التى واجهت المصريين منذ 11 فبراير 2011 حتى الآن، وأننا يجب أن نتحالف مع الإخوان المسلمين لإنقاذ مصر من خطر حكم عسكرى يطيح بالحريات العامة.
بينما بادرت قوى أخرى إلى إعلان دعمها، سواء المعلن أو الخفى للمجلس العسكرى، متعللة بأن ما فعلته جماعة الإخوان المسلمين فى الفترة الماضية كفيل بإظهار نية واضحة للانقلاب على الديمقراطية بمجرد الوصول إلى الحكم. وأن الجماعة تسعى لقتل التعددية فى المجتمع المصرى وإنهاء أى مظاهر لمدنية الدولة، وأن علينا التحالف مع العسكر لإنقاذ مدنية الدولة والحفاظ على بلادنا، كما كانت دائماً، متعددة الأصول والأعراق والديانات، وموحدة الأرض.
لكننى أرى أن علينا أولاً أن نسأل أنفسنا: ما الذى نريده لهذا الوطن؟ وما هدفنا الذى نسعى لتحقيقه؟ حتى نحدد الطرف الذى يجب أن ندعمه ونتحالف معه من أجل تحقيق أهدافنا المشتركة.
فمنذ اللحظة الأولى لانطلاق ثورتنا، حددت برنامجها ورؤيتها ومطالبها ببساطة ودقة فى ذات الوقت. فرفع ملايين المصريين فى كل بقعة من أرض مصر شعاراً واحداً «تغيير.. حرية.. عدالة اجتماعية». هذا هو برنامج ثورتنا. وهذه هى بوصلتنا فى تحديد من هو معنا ومن يقف فى الجانب الآخر. وهذا هو المعيار الوحيد الذى يجب أن نحتكم إليه فى هذه اللحظات.
لم يبد المجلس العسكرى أبداً انحيازه للتغيير، فخلال أكثر من عام دأب على اتخاذ منحى مضاد لما يسعى إليه الثوار: فأبقى على معظم رموز نظام مبارك فى مواقعهم، وجعل من البراءة عنواناً لأى محاكمة تطال قتلة الثوار، بل وأعطى الحق لرجاله فى التنكيل بالثوار لمعاقبتهم على الثورة المصرية، فقتل من قتل، واعتقل من اعتقل، وسحل من سحل خلال تلك الفترة.
أما جماعة الإخوان المسلمين فقد ذكر قياداتها أكثر من مرة أنهم ينتمون للثوار، وأنهم يرون أن الثورة يجب أن تستمر، وأنهم سيسعون بمجرد حصولهم على الأغلبية البرلمانية للقضاء على رموز نظام «مبارك». وبعد النجاح فى الحصول على الأغلبية البرلمانية، وضمان القدرة على اتخاذ أى قرار يتعلق بالبرلمان، حافظوا عليه كما هو: فمساعدو رئيس مجلس الشعب السابق، هم نفس مساعدى رئيس مجلس الشعب الحالى. ومازالت رموز نظام «مبارك» باقية فى قيادة المواقع الإدارية للمجلس، وعدد منهم متهم فى قضايا فساد، وممنوعون من السفر ومن التصرف فى أموالهم. بل تدخل رئيس المجلس لطلب السماح لأحد هؤلاء الممنوعين بمرافقته فى زيارة دولة شقيقة. وتعاملت الأغلبية البرلمانية من الإخوان المسلمون مع معارضيها بنفس معاملة الحزب الوطنى السابق لمعارضيه بالضبط، بل أسوأ فى بعض الأحيان!
وفيما يتعلق بالحرية، أعلن المجلس العسكرى عداءً واضحاً وصريحاً لأى تحرك للمصريين فى اتجاه المطالبة بحقوقهم. فوصف الاحتجاجات الاجتماعية اعتراضاً على سوء الأوضاع الاقتصادية للمصريين بأنها مطالب فئوية. وأصبح مسؤولاً عن قتل الثوار فى أكثر من موقعة، حتى زاد عدد من استشهدوا خلال فترة حكمه على من استشهدوا خلال الثمانية عشر يوماً من الثورة على المخلوع. واعتقلوا الثوار، وقدموهم لمحاكمات عسكرية تفتقد ضمانات المحاكمات العادلة، وإذا بعدد من قدموا لمحاكمات عسكرية خلال السنة الماضية يزيد على من تم تقديمه لتلك المحاكمات خلال فترة حكم الرئيس المخلوع كاملة.
أما قيادات جماعة الإخوان المسلمين فقد رفضت مشاركة الثوار كل تظاهراتهم خلال عام كامل، سواء بحجة الاحتفال بيوم اليتيم، أو لتفويت الفرصة على «المغرضين» حتى لا يفسدوا العرس الديمقراطى وانتخابات البرلمان. بل هاجموا الثوار عندما تظاهروا مطالبين بإقالة حكومة «الجنزورى» ودافعوا عن الأخير دفاعاً مستميتاً، وطالبوا بعدم اعتبار الشهداء الذين سقطوا أمام مجلس الوزراء من شهداء الثورة. وكللوا أعمالهم فى مجال الحريات بتقديم مشروع قانون لمجلس الشعب لتجريم التظاهر.
أما فيما يتعلق بالعدالة الاجتماعية فحدث ولا حرج، وصف الاثنان، المجلس العسكرى والإخوان، مطالب العمال بأنها مطالبات فئوية تعطل حركة الإنتاج. واجتمع الاثنان على معارضتهما قانون إطلاق الحريات النقابية. وامتنع المجلس العسكرى عن إقرار قانون الحدين الأدنى والأقصى للأجور، وهو نفس القانون الذى تعطل الأغلبية البرلمانية إصداره من خلال البرلمان حتى الآن!
وهكذا، فالطرفان - العسكر والإخوان، وهنا أتحدث عن قيادة الإخوان وليس عن قواعدها وشبابها الذين خرجوا عن أوامر قادتهم مراراً وانحازوا للثورة، ودفعوا ثمن ذلك إما إقصاءً أو فصلاً من الجماعة - لم ينتميا يوماً إلى برنامج الثورة السياسى والاجتماعى، ولم يدعما مطالبها. بل أثبتت مواقفهما عرقلتهما أى نجاحات تحققها الثورة. كما أنهما يكيلان ذات الاتهامات للثوار. فالصراع بينهما ليس سوى صراع على المساحة التى سوف يسيطر كل منهما عليها فى سلطة إدارة البلاد، وسرعان ما سينتهى الصراع باتفاق مكمل للاتفاق الذى بدا واضحاً فى علاقتهما خلال العام الماضى. فكل منهم يستعرض قوته على الآخر للحصول على أكبر مكسب ممكن.
وهنا يمكننى أن أقول - وبضمير مرتاح - إن معركتنا غير معركة الطرفين. فمعركتنا هى استكمال الثورة، بينما معركتهما هى اقتسام السلطة. معركتنا ستنتهى بالنصر، بينما معركتهما سوف تنتهى باتفاق. معركتنا تسعى للحصول على حقوق شهدائنا، بينما هذه الدماء ليست سوى بند فى اتفاقهما.
فلنستكمل مسيرتنا، ولا نلتفت لأى معارك جانبية، ونصدق حلمنا ونسعى وراءه ولا نهدأ إلا بتحقيقه. وسوف نكون سعداء بانحياز كل مواطن مصرى إلينا، حتى نواصل السير على ذات الدرب، ونحقق ما نحلم به. لكننا لن نشارك فى أى معارك لا يكون عنوانها «التغيير.. الحرية.. العدالة الاجتماعية».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer