الأقسام الرئيسية

"تقصى حقائق المبادرة المصرية" حول أحداث العامرية: عقاب جماعى للأقباط ورعاية رسمية للاعتداءات الطائفية.. الفتنة اشتعلت بعد شائعة عن علاقة مسيحى بمسلمة.. وتهجير 8 أسر مسيحية بعد حرق ونهب ممتلاكاتها

. . ليست هناك تعليقات:


الأحد، 12 فبراير 2012 - 16:25
صورة ارشيفية 
صورة ارشيفية
كتبت رحاب عبد اللاه

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم الاثنين نتائج تحقيقها فى الاعتداءات الطائفية التى تعرض لها الأقباط بقرية شربات التابعة لمركز العامرية لمحافظة الإسكندرية فى نهاية شهر يناير الماضى، والتى نتج عنها اتفاق عرفى معيب قضى بالتهجير القسرى لثمانى أسر مسيحية برعاية المسئولين التنفيذيين والأمنيين بالمحافظة ونواب برلمانيين.

وأدانت المبادرة المصرية فى بيان أصدرته اليوم بأشد العبارات فشل قوات الشرطة والجيش فى حماية منازل وممتلكات أقباط القرية التى تعرضت للحرق والنهب الجماعى على خلفية شائعة بقيام شاب مسيحى بتداول صور تجمعه مع سيدة مسلمة من أهل القرية، وذلك رغم قيام الشاب بتسليم نفسه للشرطة وقرار النيابة بحبسه على ذمة التحقيقات. وشددت المبادرة المصرية على أن جريمة الحرق العمد لا يجيز القانون التصالح فيها، وأن مسئولى المحافظة الذين رعوا الاتفاق العرفى ارتكبوا بذلك مخالفة صريحة للقانون تستوجب التحقيق الجنائى.

وأعربت المبادرة المصرية رفضها الكامل لاستمرار سياسة عهد مبارك المتمثلة فى إجبار ضحايا الاعتداءات الطائفية ـ خاصة ممن لم يكن لهم دخل فى سبب النزاع من الأصل ـ على القبول لنتائج صلح غير قانونى يفرض عليهم التنازل عن حقهم وقبول الاعتداء عليهم بل وتجبرهم على إخلاء منازلهم وتقضى بتهجيرهم خارج قريتهم بدلا من توفير الحماية والمساعدة القانونية لهم من سلطات الدولة.

وشددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على ضرورة إجراء تحقيق قضائى وبرلمانى عاجل ومستقل فى كافة الجرائم المرتكبة ومعاقبة المتورطين فيها، على أن يمتد هذا التحقيق ليشمل دور قوات الشرطة والجيش التى تواجدت فى موقع الجريمة أثناء حدوثها ولم تقدم الحماية لضحايا الاعتداءات.

وقال إسحق إبراهيم، الباحث ببرنامج حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "عار على مسئولين تنفيذيين وتشريعيين، أن يوفروا الغطاء الشرعى لجرائم جنائية فى صلح مزعوم ينتهى بمعاقبة الضحايا وبراءة الجناة. وما لم يتدخل القضاء المصرى ومجلس الشعب المنتخب لرفع هذا الظلم وإعادة الاعتبار لسيادة القانون فإنهم سيكونون شركاء فى نفس الجرائم."

وذكر تقرير لجنة تقصى الحقائق للمبادرة المصرية حول أحداث العامرية أنه فى يوم الجمعة 27 يناير 2012 تجمع عشرات من الشباب المسلم بقرية شربات التابعة لمنطقة النهضة بمركز العامرية فى محافظة الإسكندرية، يقودهم شيخ يدعى شعبان أمام منزل سامى جرجس، المسيحى الديانة، طالبين منه وأسرته مغادرة القرية فورا ودون حمل أية متعلقات بحجة وجود صور ومقطع فيديو لعلاقة جنسية تجمع بين ابنه مراد سامى جرجس وسيدة مسلمة فى القرية.

ثم جرت اتصالات صباح الجمعة بين رؤساء العائلات المسيحية والمسلمة بالقرية للتهدئة والاحتكام للقانون مع تهجير أسرة المسيحي، إلا أن التجمع أما منزل سامى جرجس سرعان ما تزايدت أعداده لتصل لعدة آلاف من مسلمى القرية والقرى المجاورة فى الثالثة عصراً مرددين شعارات دينية وهم يحملون حجارة وعصيا وزجاجات مولوتوف وأسلحة بيضاء ونارية، فأغلق سامى جرجس وأخوه أبواب المنزل الذى يسكنان فيه، ووضعا خلف الأبواب بعض الأشياء الثقيلة لمنع اقتحامه وصعدا مع باقى أفراد الأسرة للأدوار العليا للمبنى.

حاولت الجموع الغاضبة من المسلمين تحطيم البوابة الحديدية للمنزل لكنها فشلت فبدأت برشقه بالحجارة، ثم حطمت أبواب ثلاثة محال تجارية أسفل المنزل ونهبتها بالكامل، أولها مشغل تفصيل ملابس وبيع أقمشة مملوك لمراد سامى جرجس، وثانيها معرض بيع قطع سيارات ملك أخيه نبيل، وثالثها محل بيع مستلزمات كمبيوتر ملك أخيه الأصغر وليد. وحاولت الجموع أيضا إضرام النيران فى المنزل وما تبقى من رفوف خشبية فارغة من البضائع بالمحال الثلاثة لكن جيران مسلمين منعوهم خشية امتداد ألسنة النيران لمنازلهم المجاورة.

وقيل إن مواطنا مسيحيا اسمه لويس أبسخرون سليمان أطلق عدة أعيرة نارية من سلاح يملكه أثناء سرقة وحرق محال تجارية لوالده أبسخرون خليل سليمان لتفريق المهاجمين، فتبادلوا معه إطلاق النيران دون وقوع إصابات بشرية من الطرفين.

وأجرى مسيحيو القرية وكذلك قيادات الكنسية اتصالات مع المسئولين الأمنيين من الشرطة والجيش وكذلك القيادات التنفيذية والمطافئ لسرعة التدخل لإنقاذهم. ووفقا لإفادات متنوعة، فإن قوات الأمن جاءت للقرية متأخرة ولم تتدخل إلا بعد التاسعة مساء عندما كانت النيران أتت على عدد من المنازل. وأفاد متضررون بأنهم عندما اتصلوا بقيادات الأمن قالوا لهم إنهم سيدخلون المنطقة عندما تهدأ الأوضاع ويتفرق المتجمهرون الغاضبون. بينما منع أهالى مسلمون قوات الدفاع المدنى من الدخول للمنازل المشتعلة لإطفاء الحرائق، ولم يسمح لها بالقيام بدورها إلا فى اليوم التالى للأحداث.

وقام أحد الشيوخ بالتدخل للتهدئة وتفريق المتجمهرين المسلمين وأحضر سيارة نقلت زوجة لويس سليمان وطفليه ووالده وإخوته مع أسرهم وكذلك أبسخرون سليمان وأبنائه الأربعة مع أسرهم لخارج القرية. وفور انتهاء الاعتداءات شكل عدد من المسلمين لجاناً شعبية لحماية منازل جيرانهم المسيحيين سواء الذين تركوا منهم القرية أو أولئك الذين ظلوا داخل منازلهم خوفا من إحراقها، على حد قول عدد منهم.

التهمت النيران منزل أبسخرون خليل سليمان بالكامل وكذلك منزل دهشور أندراوس وأخيه السبع أندراوس، كما تعرضت منازل جرجس رشاد وسمير رشاد وسامى جرجس للإتلاف نتيجة الرشق بالحجارة ومحاولات الاقتحام. وتم نهب ستة معارض موبيليات وأدوات منزلية ملك أبسخرون سليمان وأولاده الأربعة سليمان ولويس وعادل وميلاد، ومعرض لبيع الأقمشة يملكه سمير رشاد ومحلين مملوكين للسبع أندراوس: أحدهما لبيع الأدوات صحية والسباكة والآخر للبويات، بالإضافة لمعرض موبيليات يمتلكه دهشور أندراوس. كما جرت محاولات لإحراق واقتحام منزل مراد سامى جرجس تصدى لها جيرانه المسلمون وغادرت بعدها المجموعات المهاجمة المنطقة إلى منزل والده المشار إليه سابقا.

انتقل أسامة الفولى محافظ الإسكندرية ومدير الأمن وعدد من أعضاء مجلس الشعب من حزبى الحرية والعدالة والنور للقرية من أبرزهم عصام حسانين وأحمد عبد الحميد الشريف عضو مجلس الشعب عن حزب النور، وعقدوا جلسة مع قيادات العائلات المسلمة بمسجد الرحمن بالقرية، واتفقوا على ترحيل الشاب المسيحى مراد سامى جرجس. وأعلن المحافظ هدوء الاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين بالقرية موضحا أن مشكلة شخصية نشبت بين الطرفين تعود لنشر أحد الشبان الأقباط لصورة إحدى الفتيات المسلمات، الأمر الذى تسبب فى إثارة غضب عائلتها وخروجهم للانتقام، وأنه تم الاتفاق مع أهالى القرية على انتقال الشاب الذى تسبب فى الفضيحة الأخلاقية لإحدى الفتيات من القرية للإقامة فى منطقة أخرى. وأمرت النيابة العامة بحبس كل من سامى مراد جرجس و محمد عبد السلام طعيمة أربعة أيام على ذمة التحقيقات ثم جددت حبسهما خمسة عشر يوما أخرى.

عقدت جلسة عرفية يوم الاثنين 30 يناير بعد صلاة العصر حضرها الشيخ أحمد شريف الهوارى القيادى بالجماعة السلفية بالعامرية، والقس بقطر ناشد كاهن كنيسة مار جرجس بالنهضة، وعصام حسانين عضو مجلس الشعب عن حزب النور. ونتج عن الجلسة الاتفاق على استكمال محاكمة المسيحى مع تهجير أسرته بالكامل وتنظيم جلسة أخرى أول فبراير للنظر فى موضوع قيام لويس أبسخرون خليل بإطلاق أعيرة نارية فى الهواء، وعندما أعلن مشايخ المساجد بالقرية عن نتيجة الاتفاق تجمهر مئات من الشباب المسلم مرددين هتافات منها: "يا نصرانى يا رخيص شرف المسلم مش رخيص"، و"ارحل" فى إشارة لترحيل مسيحيى القرية.

وقاموا بتنظيم مسيرة داخل شوارع القرية وقذفوا منازل المسيحيين بالطوب ثم أشعلوا النيران فى منزل آخر ملك أبسخرون سليمان لم يكن قد احترق فى أحداث الجمعة. ولم تتدخل قوات الأمن الموجودة بالقرية نهائيا لمنع الاعتداءات على المنازل التى بدأت فى الثامنة مساء واستمرت لمدة ساعتين، وجاءت قوات من الجيش وانتشرت فى الشوارع التى توجد بها منازل للمسيحيين وأمنتها.

عقدت جلسة صلح عرفية ثانية بمقر مباحث العامرية بحضور العقيد خالد شلبى رئيس وحدة البحث الجنائى بالإسكندرية، والشيخ أحمد شريف الهوارى، والقس بقطر ناشد، وأبسخرون سليمان وسبعة من ممثلى العائلات المسلمة بالقرية. وطبقا للإفادات التى حصل عليها باحثو المبادرة المصرية من مشاركين بالجلسة فإن الجانب المسلم وبمباركة القيادات الأمنية أعلن تهجير ثمانى أسر مسيحية من القرية بحجة تهدئة الشارع المسلم المحتقن وهم مراد سامى جرجس وأسرته، ووالده سامى جرجس وأخيه رومانى جرجس وأسرتيهما، وأبسخرون خليل سليمان وأسرته وأبنائه الأربعة وأسرهم، وهم: سليمان (متزوج ولديه ثلاثة أطفال) وعادل (متزوج ولديه طفلان) وميلاد (متزوج ولديه طفلان) ولويس (متزوج ولديه طفلة).

كما أعلن الجانب المسلم عن بيع ممتلكات الأسر المهجرة خلال ثلاثة أشهر عن طريق لجنة من الجانب المسلم يرأسها الشيخ شريف الهوارى على ألا يتم البيع إلا من خلال اللجنة وبموافقتها، وأن لا يعود المهجرون إلى القرية حتى لو لمصاحبة من يريد شراء ممتلكاتهم. كما أعلن عن قيام اللجنة بجمع قيم الكمبيالات المستحقة للمحال التجارية المملوكة للمهجرين والتى كانت تقوم بالبيع الآجل لأهالى القرية. وقد اعترض الجانب المسيحى على شروط الصلح خاصة فيما يتعلق بتهجير أبسخرون خليل وأولاده وبيع ممتلكاته، فقيل لهم نصا: "من يريد العودة للقرية فليرجع ولكن على مسئوليته الشخصية إذا تعرض لأى مكروه أو اعتداء".

جرت محاولات خلال الأيام التالية لإقناع الجانب المسلم ببقاء أبسخرون خليل وأولاده بالقرية وعقدت جلسة أخيرة يوم 9 فبراير بين الشيخ شريف الهوارى من القيادات السلفية بالعامرية والمعين لبيع الممتلكات وأبسخرون خليل، قال فيها الجانب المسلم إن وجود أبسخرون سيترتب عليه وقوع فتنة بين مسلمى القرية المنقسمين بين فريقين، الأول يريد بقاءه والآخر يصر على تهجيره من القرية وإنهم ـ أى مسلمى القرية ـ لا يضمنون سلامته أو سلامة أفراد أسرته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer