ليس من اخلاقيات إسرائيل الاعتذار لكنها
فعلتها, وللمرة الأولي منذ قيام دولة إسرائيل عام1948, ورغم صلف الدولة
العبرية اعتذرت رسميا لمصر عن مقتل جنودها علي الحدود برصاص الجيش
الإسرائيلي.
15.10.2011 10:55
أخبار العالم
ليس
من اخلاقيات إسرائيل الاعتذار لكنها فعلتها, وللمرة الأولي منذ قيام
دولة إسرائيل عام1948, ورغم صلف الدولة العبرية اعتذرت رسميا لمصر عن
مقتل جنودها علي الحدود برصاص الجيش الإسرائيلي.
في
الوقت الذي انتظرت فيه تركيا أياما وشهورا طويلة وإسرائيل تعلن أنها لن
تعتذر لتركيا. السؤال: لماذا اعتذرت؟ ومضمون ودلالة الاعتذار.
في
البداية يقول اللواء عبدالمنعم كاطو الخبير الاستراتيجي, إن هناك عدة
أسباب لذلك الاعتذار غير المسبوق من قبل إسرائيل, أولها: الضغط المصري في
أن تقوم علاقة السلام بين البلدين علي الشفافية والاحترام المتبادل والبعد
عن التأثيرات التي تؤدي الي توتر أو صدام, وأن مصر مصممة علي أن تحترم
إسرائيل الاتفاقية بكل بنودها.
بالاضافة
الي أن هناك تغييرات كبيرة في مصر, وهذه التغييرات لها تأثيراتها علي
المنطقة, ومن مصلحة إسرائيل التهدئة مع مصر. ويضيف, أن الدور الذي لعبته
مصر في إنهاء صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط, لابد أن يكون له مردود
وهو الاعتذار لمصر, ومحاولة ارضاءها. في حين يري اللواء د. عبدالمنعم سعيد
محافظ شمال سيناء الأسبق, أن إسرائيل أرادت أن تسبق نتائج التحقيق الجارية
بخطوة من خلال اعتذار رسمي لمصر حتي لا تتعرض لادانة شديدة, ومن أجل تخفيف
نتائج التحقيق المشترك مع الجانب المصري.
كما
أن إسرائيل لا تريد أن تتسع وتكبر ملفات التوتر مع مصر بعد اشتعال
الخلافات مع تركيا والجانب الفلسطيني, وفي ظل قلقها وترقبها للثورات
العربية, علاوة علي الأحداث الداخلية التي تشهدها في الوقت الحالي.
اما
الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة الشئون العربية والخارجية بمجلس الشعب
السابق, فيري أن التقييم الإسرائيلي لمصر تغير بعد ثورة25 يناير, وأن ذلك
أحد أهم نتائج هذه الثورة.
فهل
كان من الممكن أن تمر أحداث اقتحام السفارة الإسرائيلية هكذا لو لم يحدث
هذا التغيير الكبير, كما أنها أيضا لا تريد أن تخسر الجميع مثل تركيا,
وأوضاع قلق في سوريا فمن الطبيعي أن تلجأ إسرائيل الي التهدئة مع مصر, وهي
خطوة غير مسبوقة تبرز الاثار الايجابية لتغيير شخصية مصر بعد الثورة.
ويشير
كاطو الي أن مضمون الاعتذار يعني اعتراف إسرائيل أنها اخطأت, وأن الجيش
الإسرائيلي أيضا أخطأ في قتل الجنود المصريين, وأيضا تريد أن تقول إن
الحادث لم يكن مدبرا, ولم يكن هناك قصد أو نية, وأن المسئولين عن الحادث
سيتم التحقيق معهم, وكذلك الاعتراف بحق الشهداء في التعويض.
الأمر المهم في مضمون الاعتذار أن إسرائيل تريد أن تغلق هذا الملف, وتريد أن تخفف من سقف التوتر في مصر.
وفي
حين يري اللواء علي حفظي محافظ شمال سيناء السابق, أن إسرائيل اعترفت
بالخطأ, وتريد أن تعيد ترتيب أوراقها, ولا تريد التعقيد في ظل موقف رسمي
مصري ضاغط, ورأي شعبي ساخط, وأن النظام في السابق لم يكن يضغط عليها, ولم
يصدر عن الشعب رد فعل عنيف, لذلك لم تكن في حاجة الي اعتذار في السابق, أما
الآن فالوضع مختلف, فالنظام والشعب تقاربت مواقفهما, لذلك حسمت إسرائيل
عزمها بالاعتذار للتهدئة مع مصر, وتأكيد أن ماحدث كان خطأ غير مقصود, وأنه
ليس أزمة مفتعلة, فهناك في علم الإدارة مايسمي بالإدارة بالأزمات من خلال
افتعال أزمة ما لتحقيق أهداف. فمصلحة إسرائيل الآن التهدئة مع مصر, بل
وترضيتها, ويري كاطو أن دلالة هذا الاعتذار تعني أن إسرائيل حريصة علي
معاهدة السلام, ولا تريد رفع سقف التوتر معها, وتريد أن تعيش في المنطقة
كدولة ذات تأثير في المنطقة, كما أنها تعلم أن مصر في المستقبل سوف تتحول
الي دولة مؤثرة في المنطقة وفي العالم.
وهو
ماتجلي في انجاز صفقة تبادل الأسري التي هي في صالح مصر وإسرائيل وفلسطين,
وهو مايعني أن مصر بدأت تأخذ دورها الاقليمي الطبيعي في المنطقة, وأن
ماحدث هو بداية للدور الاقليمي الحقيقي, ويوضح ما وصلت اليه الدبلوماسية
المصرية من قوة بعد ثورة25 يناير, وكذلك بداية التأثير الحقيقي في المجال
الحيوي لمصر.
ويرفض
الدكتور مصطفي الفقي وضع مقارنة بين تركيا ومصر, قائلا إن إسرائيل تعي أن
مصر دولة جارة ذات حدود مشتركة, ومن المهم بالنسبة لها أن تحافظ علي هذه
العلاقة مع مصر خاصة أنها ترتبط معها باتفاقية سلام, وهناك احتكاك كثير مع
مصر.
في
حين يري اللواء عبدالمنعم كاطو, أن تركيا لم تقطع علاقاتها مع إسرائيل
لكنها استغلت تغيير السفراء الإسرائيليين, ولم تصدق علي اعتماد السفير
الجديد, فهي لم تطرد السفير, ومن المعروف في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية
أن الملحق العسكري هو أول شخص يغادر, ولكن ظل الملحقان العسكريان التركي
والإسرائيلي, وكذلك استمرت العلاقات العسكرية والاقتصادية بين الجانبين,
ولم تجمد الاتفاقيات. الرسالة التركية لم تكن لإسرائيل بل للولايات المتحدة
الأمريكية, ومجلس الأمن الذي لم يدن إسرائيل, فإن مايربط إسرائيل وتركيا
مصالح وليس حدود مشتركة, لذلك إسرائيل لم تكن مضطرة للاعتذار, ولكن مع مصر
هناك حدود مشتركة, وحروب سابقة, ومعاهدة سلام قائمة. وحول تأثير أحداث
السفارة علي الاعتذار الإسرائيلي, أضاف كاطو أن الجانبين الإسرائيلي
والأمريكي يقدران الموقف المصري في هذا الشأن, وقيام القوات الخاصة بانقاذ
طاقم السفارة في ظل ثورة شعبية وانفلات أمني هذا أمر مقدر من الجانب
الإسرائيلي والامريكي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات