فى مادة «القيادة الإستراتيجية» أقدم للطلبة الأطر النظرية المختلفة وأطلب منهم أن يختاروا نماذج تطبيقية. فى الفصل الدراسى الماضى اختار اثنان من طلابى رجب طيب أردوغان بعد أن طالعا مقالا عن تركيا فى مجلة «السياسة الخارجية» الأمريكية. طلبت منهما أن يستعينا بزميل لى من أصول تركية حتى يساعدهما على تحديد المراجع التى تقيم فترة حكمه من وجهات النظر المختلفة.
ذهب الطالبان الأمريكيان وعادا ببحث من 30 صفحة و26 مرجعا والكثير من الإعجاب بالرجل وعددا من الاستنتاجات:
أولا: هو شخص يملك مقومات القيادة المُلهِمة للمحيطين به. فهو لا يسعى لأن يكون اللاعب الوحيد وإنما هو يرتقى بارتقاء المحيطين به بمنطق وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب وفى التوقيت المناسب.
ثانيا: هو شديد الاحترام للقانون والدستور ولم يسجل عليه حتى الآن أى ادعاءات بفساد أو تربح أو تسويد انتخابات أو مخالفة لحكم قضائى.
ثالثا: هو يعرف كيف يختار معاركه وفقا للتوقيت الذى يناسبه؛ المعركة الأولى كانت عُمودية اسطنبول والتى أبلى فيها بلاء حسنا وكانت معتركه التنفيذى الأساسى ليبنى أسلوبه فى العمل القائم على تحديد الأهداف بدقة، مع تصميم خطة عمل (action plan)، ثم تفويض الصلاحيات، ثم متابعة دقيقة للتنفيذ مع رفض أى استغلال للمنصب العام أو حتى «إعطاء انطباع» بوجود استغلال للمنصب العام، ثم إعطاء شركائه التكريم اللائق بهم أو محاسبتهم بلا مجاملة. ثم جاءت معاركه الخمس اللاحقة والتى نجح فيها بامتياز: أغلبية البرلمان، ورئاسة الوزراء، ثم معركة رئاسة الجمهورية، ثم معركة تقليم أظافر مجلس الأمن الوطنى، ثم معركة إصلاح مجلس القضاء الأعلى.
رابعا: نجاحه فى إدارة التحول الاقتصادى من اقتصاد خامل رتيب إلى اقتصاد قوى ومنافس جعل تركيا تصبح من أقوى 20 دولة فى العالم اقتصاديا وينافس معدل النمو فيها ما تحققه الصين، ويتضاعف الناتج الإجمالى التركى فى عقد واحد من الزمن.
خامسا: معاركه الخارجية لم تكن أقل نجاحا؛ فبقوة الديمقراطية رفض استغلال الأمريكان لقواعد تركيا، ثم ها هى أنقرة تصبح لاعبا أساسيا فى ظل حفاظها على التوازن بين العلاقات التجارية والدبلوماسية المفيدة لها مع سوريا وإيران والعرب من جهة، وبقائها عضوا فى حلف شمال الأطلسى من ناحية أخرى.
ما الفرق بين تركيا من 10 سنوات وتركيا الآن؟ روح القيادة عند الفتى أردوغان ورفاقه.
ما الفرق بين تركيا ومصر؟ يوجد فى تركيا آليات إنتاج أردوغان، أما مصر فهى تنتج الآن هذه الآليات سواء عبر الأحزاب الجديدة أو الانتخابات التى ستجرى أو مؤسسات المجتمع المدنى الفاعلة.
نحن بحاجة لمثله سواء أتى من أصول محافظة أو ليبرالية أو اشتراكية أو قومية: المهم أن يكون مصريا، قويا فى علمه وخبرته، أمينا نزيها فى سلوكه، محترما للقانون والدستور. ابحثوا عنه أو عمن هو مثله، ولا تخلطوا بين الشهرة والقدرة، وبين براعة الكتابة والحضور التليفزيونى وبين الخبرة الإدارية والشخصية الكاريزمية.
الكاتب والمذيع الشاطر على الورق وفى الاستديوهات ليس بالضرورة قادرا على الإدارة والفعل، وكاتب هذه السطور هو أول من يعترف بهذا ويقر به. بلدنا أعز علينا من أن نجرب فيها، أو أن نجعلها مطية للطموحات الشخصية للبعض.
ذهب الطالبان الأمريكيان وعادا ببحث من 30 صفحة و26 مرجعا والكثير من الإعجاب بالرجل وعددا من الاستنتاجات:
أولا: هو شخص يملك مقومات القيادة المُلهِمة للمحيطين به. فهو لا يسعى لأن يكون اللاعب الوحيد وإنما هو يرتقى بارتقاء المحيطين به بمنطق وضع الشخص المناسب فى المكان المناسب وفى التوقيت المناسب.
ثانيا: هو شديد الاحترام للقانون والدستور ولم يسجل عليه حتى الآن أى ادعاءات بفساد أو تربح أو تسويد انتخابات أو مخالفة لحكم قضائى.
ثالثا: هو يعرف كيف يختار معاركه وفقا للتوقيت الذى يناسبه؛ المعركة الأولى كانت عُمودية اسطنبول والتى أبلى فيها بلاء حسنا وكانت معتركه التنفيذى الأساسى ليبنى أسلوبه فى العمل القائم على تحديد الأهداف بدقة، مع تصميم خطة عمل (action plan)، ثم تفويض الصلاحيات، ثم متابعة دقيقة للتنفيذ مع رفض أى استغلال للمنصب العام أو حتى «إعطاء انطباع» بوجود استغلال للمنصب العام، ثم إعطاء شركائه التكريم اللائق بهم أو محاسبتهم بلا مجاملة. ثم جاءت معاركه الخمس اللاحقة والتى نجح فيها بامتياز: أغلبية البرلمان، ورئاسة الوزراء، ثم معركة رئاسة الجمهورية، ثم معركة تقليم أظافر مجلس الأمن الوطنى، ثم معركة إصلاح مجلس القضاء الأعلى.
رابعا: نجاحه فى إدارة التحول الاقتصادى من اقتصاد خامل رتيب إلى اقتصاد قوى ومنافس جعل تركيا تصبح من أقوى 20 دولة فى العالم اقتصاديا وينافس معدل النمو فيها ما تحققه الصين، ويتضاعف الناتج الإجمالى التركى فى عقد واحد من الزمن.
خامسا: معاركه الخارجية لم تكن أقل نجاحا؛ فبقوة الديمقراطية رفض استغلال الأمريكان لقواعد تركيا، ثم ها هى أنقرة تصبح لاعبا أساسيا فى ظل حفاظها على التوازن بين العلاقات التجارية والدبلوماسية المفيدة لها مع سوريا وإيران والعرب من جهة، وبقائها عضوا فى حلف شمال الأطلسى من ناحية أخرى.
ما الفرق بين تركيا من 10 سنوات وتركيا الآن؟ روح القيادة عند الفتى أردوغان ورفاقه.
ما الفرق بين تركيا ومصر؟ يوجد فى تركيا آليات إنتاج أردوغان، أما مصر فهى تنتج الآن هذه الآليات سواء عبر الأحزاب الجديدة أو الانتخابات التى ستجرى أو مؤسسات المجتمع المدنى الفاعلة.
نحن بحاجة لمثله سواء أتى من أصول محافظة أو ليبرالية أو اشتراكية أو قومية: المهم أن يكون مصريا، قويا فى علمه وخبرته، أمينا نزيها فى سلوكه، محترما للقانون والدستور. ابحثوا عنه أو عمن هو مثله، ولا تخلطوا بين الشهرة والقدرة، وبين براعة الكتابة والحضور التليفزيونى وبين الخبرة الإدارية والشخصية الكاريزمية.
الكاتب والمذيع الشاطر على الورق وفى الاستديوهات ليس بالضرورة قادرا على الإدارة والفعل، وكاتب هذه السطور هو أول من يعترف بهذا ويقر به. بلدنا أعز علينا من أن نجرب فيها، أو أن نجعلها مطية للطموحات الشخصية للبعض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات