Mon, 08/08/2011 - 08:05
كانت مصر دائماً دولة «الفرعون».. تعيش بين أطراف أصابعه.. الأرض أرضه.. المصير بطرفة عينه.. القانون كلمته هو.. والقضاء ذراعه الباطشة.. كنا نظن أننا مازلنا كذلك، حتى بعد الثورة، فاكتشفنا فى صباح 3 أغسطس أن «الفرعون» وحاشيته يقفون فى القفص كالفئران، وتحول هذا المشهد التاريخى إلى شهادة ميلاد جديدة لسيادة القانون.. فما معنى ذلك؟
المعنى والمغزى أن الدول تنهار حين يسقط القانون، ويفقد القضاء هيبته، والمعنى والمغزى أن الدول تنهض وتتقدم حين تمتلك قضاءً مستقلاً، ونزيهاً، ويعلو فيها القانون فوق الرؤوس مهما طالت واستطالت.. والحق أن مصر استردت عقلها مؤخراً عندما طال واستطال رأسها فوق عنق «الفرعون»، إذ أيقنت الناس أن جهات التحقيق فى النيابة العامة تمكنت من وضع كل المفسدين فى قبضة «الحبس الاحتياطى»، ثم دفعت بأكبر رؤوس النظام السابق إلى المحكمة على مرأى ومسمع من العالم!
لم يعد لائقاً أن نشكك فى القضاء المصرى - جالساً أو واقفاً - وبكل هيئاته، بعد أن كتب الإعلام الغربى أن «محاكمة القرن» أثبتت أن مصر دولة كبرى يصعب أن تنهار، وأن مشهد «مبارك ورجاله» فى القفص سوف يرسم تاريخاً جديداً لمنطقة الشرق الأوسط، وربما دول العالم الثالث بالكامل.. هكذا يقول الآخر عنا.. فلماذا نحاول إطفاء جذوة هذا الانتصار وخنق الفرحة والأمل فى الحلوق..!
فى ظنى أن هجوم البعض على النيابة العامة وأجهزة القضاء يبدو مخططاً وموجهاً.. فإذا كان النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود يعمل بنزاهة وكفاءة 20 ساعة يومياً مع رجال النيابة منذ شهر فبراير حتى اليوم للتحقيق فى آلاف البلاغات والتقارير الرقابية، وإحالة الفاسدين للمحاكمة، فإن هذا الجهد الذى أثمر عن محاكمة مبارك، وحضوره الجلسات شخصياً، إنما يجب أن يتحول إلى يوم نحتفل به كل عام.. ربما لأننا قهرنا عقدة «الفرعون» بداخلنا.. وربما لأننا سنقف أمام النيابة ثم القضاء بعد ذلك ونحن واثقون أننا آمنون بدرع العدالة..!
نحن نرى النتائج دائماً فنصفق، بينما ننسى أن وراء هذا المشهد رجالاً بذلوا الكثير من أجل تحقيق العدالة.. ثم إننا ننسى أيضاً أننا نسىء كثيراً للقضاء المصرى، حين نحاول التشكيك فيه، وكأننا نهدم الدولة كلها.. شخصياً أعرف أن النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود تأخرت ترقيته إلى نائب عام، لأنه اختصر مراحل مهنية عديدة وهو شاب، وأعرف أيضاً أنه يحيل أى قضية يستشعر فيها الحرج إلى قاضى تحقيق بوزارة العدل.. وأعرف أن الآلاف من رجال النيابة يعملون فى صمت لتطهير البلد من أدران الفساد.. لذا فإن المصلحة العامة تقتضى حماية هذا القضاء النزيه من أى محاولة لهدم الدولة بمعول التشكيك فى ميزان العدالة..!
melgalad@almasry-alyoum.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات