فيما يبدو أنه بوادر توتر واضح في العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد في مصر منذ تنحي الرئيس مبارك في الحادي عشر من فبراير/شباط الماضي، أفادت مصادر قضائية مصرية مساء الجمعة ببدء السلطات المصرية تحقيقاً حول التمويل الخارجي الذي تحصل عليه هيئات ومنظمات المجتمع المدني في مصر، خاصة التمويل المقدم من الولايات المتحدة.
وسبق ذلك أيضاً مغادرة مدير برنامج المعونة الأمريكية في مصر للقاهرة عائداً إلى بلاده، بسبب خلافات حول الطريقة التي تقدم بها الولايات المتحدة مساعداتها المالية في مصر.
وذكرت مصادر قضائية أن التحقيق الذي تقوم بها نيابة الأمن الوطني المصري (نيابة أمن الدولة سابقاً) ينصبّ بصورة رئيسية على التمويل الأمريكي.
وكانت الولايات المتحدة قد أعربت قبل يومين وتحديداً الأربعاء الماضي عن قلقها للحكومة المصرية حيال ما وصفته بمشاعر "مناهضة للأمريكيين" تسود البلاد.
ورفضت الولايات المتحدة الاتهامات الموجهة لها بتقديم تمويل بشكل غير قانوني، وقالت السفارة الأمريكية في القاهرة في بيان لها إن هيئة المعونة الأمريكية تسهم في حاجات التنمية المصرية منذ أكثر من 30 عاماً، وساهم دافعو الضرائب الأمريكيون طوال هذه المدة في تمويل برامج تنموية بقيمة تتجاوز 30 مليار دولار.
وتابع البيان "إننا فخورون بما أنجز، وبشركائنا المصريين الوطنيين الذين عملوا معنا في كل لحظة".
وأضافت السفارة: "نعم، لطالما شملت برامج المساعدات الامريكية تمويلاً لتعزيز وتوسيع المجتمع المدني المصري بما فيه هؤلاء المصريون الشجعان الذين يناضلون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان"، كما أكدت السفارة أن مساعدتها تستوفي "أكثر شروط الشفافية صرامة" وأنها لم تمول مجموعات سياسية.
وكان جيم بوفر، مدير برنامج المعونة الأمريكية في القاهرة، قد غادر مصر أمس الخميس بعد أقل من عام على توليه مهام منصبه في البلاد، وذلك في أكبر مؤشر حتى الآن على وجود خلاف بين الولايات المتحدة ومصر ما بعد مبارك.
وذكرت السفارة الأمريكية في القاهرة أن بيفر عاد لواشنطن لتولى مسؤوليات ومهام جديدة، دون أن تفصح عن سبب مغادرته للعاصمة المصرية.
وكان بيفر محلاً لانتقادات في مصر منذ مارس/آذار الماضي، عندما قامت هيئة المعونة الأمريكية بنشر إعلانات تدعو فيها المنظمات غير الحكومية في مصر الراغبة في الحصول على تمويل على التقدم بطلبات لها، وجذبت تلك الإعلانات المئات من المنظمات غير الحكومية، والتي تلقت لاحقاً فعلاً ملايين الدولارات من المعونة الأمريكية.
ويعد النقد للولايات المتحدة مؤشراً على أن المجلس العسكري في مصر بدأ يشعر بالقلق من المساعدات الخارجية التي يخشى أعضاء المجلس أن تؤدي لتقوية الجماعات والتيارات الليبرالية على حساب تقليص القبضة الواسعة التي يتمتع بها الحيش المصري.
ولا تعترض الحكومة المصرية من حيث المبدأ على التمويل الأجنبي، ولكنها تصرّ على أن يتم مثل ذلك التمويل عبر قنوات شرعية، وأن لا يتم بصورة مباشرة من الجهة المانحة الى المنظمات المتلقية للمعونات، وهي نفس القواعد التي كانت مطبقة في عهد النظام السابق.
وكان اللواء حسن الرويني، قائد المنطقة العسكرية المركزية في مصر عضو المجلس الأعلى، قد وجّه اتهامات لحركات وتيارات مصرية، على رأسها جماعة 6 إبريل وحركة كفاية بتلقي تمويل ودعم من جهات خارجية، وهو الأمر الذي دفع رموزاً في تلك التيارات لمطالبة الرويني بالتقدم بمستندات تثبت أقواله تلك أو الاعتذار عنها.
كما انتقد اللواء محمد العصار، عضو المجلس العسكري، خلال زيارة له لواشنطن الولايات المتحدة على تقديمها تمويلاً لجماعات داخل مصر بعيداً عن إشراف الحكومة، وقال العصار إن هذا السلوك يعد انتهاكاً للقوانين المصرية، وأن المسألة تتعلق بسيادة الدولة.
وردّت الولايات المتحدة على تلك الانتقادات وغيرها بالتأكيد على عدم تدخل الولايات المتهدة في الشأن السياسي المصري.
وقالت إليزابيب كلينتون، المتحدثة باسم السفارة الأمريكية في القاهرة، إن الجماعات التي طلبت وحصلت على تمويل أمريكي منخرطة في أنشطة محايدة من الناحية السياسية، وإنها لم تقدم تمويلاً لأحزاب سياسية مصرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات