الأقسام الرئيسية

التمويل الخارجي للأحزاب السياسية يثير جدلا في تونس

. . ليست هناك تعليقات:


انقسام حاد بين بعض الأطياف السياسية حول مرسوم جديد ينظم عمل الأحزاب التونسية ويمنعها من تلقي أي تمويل من جهات أجنبية.

ميدل ايست أونلاين


المال السياسي يقوض عملية الانتقال الديمقراطي في تونس

تونس - مؤشرات الواقع التونسي تؤكد أن صيف هذا العام سيكون ساخنا سياسيا بعد أن شرعت بعض الأحزاب في حملاتها السياسية للتعريف بنفسها قبل الشروع في الحملات الانتخابية التي ستخوض بها انتخابات المجلس التأسيس ليوم 24 أكتوبر القادم.

وتتهم بعض الأحزاب التي كثفت من نشاطها خلال هذه الفترة بأنها شرعت بعد في حملة انتخابية سابقة لأوانها ولا تحترم قانون البلاد.

غير أن أحمد نجيب الشابي زعيم الحزب الديمقراطي التقدمي الذي كثف مع رفيقة دربه مية الجريبي من الاجتماعات الشعبية في مختلف الجهات نفى أن يكون قد شرع في حملة انتخابية وقال إن نشاطه يعد حملة سياسية للتعريف بالحزب من جهة والتعرف على مشاغل المواطنين من جهة ثانية.

ويسود اليوم في المشهد السياسي التونسي جدل حاد حول المال السياسي الذي تعتمده بعض الأحزاب في تنظيم الاجتماعات الشعبية والتظاهرات الثقافية والتي تتطلب ضخا ماليا كبيرا.

بل إن عددا من الأحزاب حذرت من طغيان المال السياسي على عملية الانتقال الديمقراطي ما حدا بالمنسق العام والناطق الرسمي باسم حركة الوطنيين الديمقراطيي ـ يسارـ إلى أن عملية الانتقال الديمقراطي مهددة من قبل قوى ذات مشاريع استبداد مدعومة بالمال السياسي الداخلي والخارجي.

كما نبه بلعيد إلى أن حركة النهضة مدعومة من قبل ما سماها أنظمة البترودولار الخليجية.

وإزاء ارتفاع عدد الأحزاب إلى 87 حزبا باتت مسألة التمويل العمومي مسالة مطروحة بشكل جدي على الدولة، ويجري حاليا نقاشا صلب الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة حول ضوابط وصيغ التمويل.

الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة شرعت في درس مشروع مرسوم جديد يتعلق بتنظيم الأحزاب وشهدت الجلسة الأولى انقسامات حادة بين ممثلي الأحزاب وبرز اتجاه يضم ثلاثة تيارات سياسية (حركة النهضة والحزب الديمقراطي التقدمي والمؤتمر من اجل الجمهورية) يرفض هذا المرسوم ويرى أنه غير مجد في هذه المرحلة.

وقال المراقبون أن الأحزاب الثلاث التي ترفض مرسوم ضبط تمويل الأحزاب هي ليست في حاجة أصلا لهذا المرسوم الذي قد يضعها في دائرة الاتهام أو على الأقل يضق عليها الخناق وربما تخضع للمساءلة والمحاسبة حول الضخ المالي الذي تتلقاه من الخارج.

وقد دعا المنسق العام والناطق الرسمي باسم حركة الوطنيين إلى تسليط رقابة الدولة على المال السياسي الذي تمتلكه بعض الأحزاب في إشارة واضحة لحركة النهضة والحزب الديمقراطي التقدمي.

خبراء القانون دخلوا على الخط وحذروا من إغراق المشهد السياسي في خلافات حول مسالة التمويل ودعوا إل ضبطها حتى لا ترتهن بعض الأحزاب لجهات خارجية من ناحية وحتى تتساوى الحظوظ "المالية" بين الأحزاب فقد أكد أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد إن إعداد النص التشريعي المنظم للحياة السياسية بعد أن تم القطع نهائيا مع دستور 1959 يفترض أن يكون من مهام المجلس الوطني التأسيسي بعد انتخابه.

لكن الخبراء الأعضاء في هيئة تحقيق أهداف الثورة تشبثوا بضرورة تأطير التنظيمات السياسية المتنامية اليوم على الساحة السياسية ضمن منظومة قانونية تضبط شفافية التمويل لتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة.

وتتمتع الأحزاب السياسية في تونس بالتمويل العمومي لحملاتها الانتخابية طبق مرسوم صدر فى 10 ماى 2011.

ويضبط هذا المرسوم موارد الأحزاب السياسية على أساس اشتراكات الأعضاء على أن لا تتجاوز قيمة الاشتراك الواحد سنويا مائتين وأربعون دينار أي حوالي 200 دلار ومن العائدات الناتجة عن ممتلكاتها ونشاطاتها كما يسمح المرسوم للأحزاب بأن تحصل على قروض لا يجب ان تتجاوز مبالغها مائة ألف دينار أي حوالي 80 ألف دولار.

ويمنع المرسوم الأحزاب السياسية من تلقي تمويل مباشر أو غير مباشر صادر عن اى جهة أجنبية وتمويل مباشر او غير مباشر مجهول المصدر ومساعدات وتبرعات وهبات باستثناء التمويل الصادر عن الدولة. كما يمنع عليها تلقي مساعدات وهبات ووصايا صادرة عن أشخاص طبيعيين تتجاوز قيمتها السنوية مقدار عشرة ألاف دينار أي حوالي 8 آلاف دولار بالنسبة لكل متبرع ويتجاوز مجموعها الموارد السنوية المتأتية من الاشتراكات.

ولتقنين عملية تمويل الأحزاب أعدت الهيئة التونسية للمحاسبين مشروع آليات لمراقبة تمويل الأحزاب كصيغ عملية لضمان شفافية التمويلات، ينتظر ان تتقدم به إلى الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة.

لكن المرسوم لم يتضمن فقد ضوابط وشروط وممنوعات المتعلقة بتمويل الأحزاب بل تضمن أيضا بنودا تمنع الدولة من عرقلة نشاط الأحزاب حيث يمنع مشروع المرسوم السلطات العمومية من عرقلة نشاط الأحزاب السياسية أو تعطيل الحزب بصفة مباشرة أو غير مباشرة ويتيح للأحزاب الحق في اللجوء إلى القضاء في حالة حصول ذلك.

وبرأي الأوساط السياسية فإن علاقة الأحزاب السياسية بالمال غير متكافئة أبدا وستؤدي لخلل خطير سيكون له تداعيات على مستوى الحملات الانتخابية ومن ثمة على مستوى نتائج الانتخابات.

وتضيف هذه الأوساط أنه في ألقت الذي تعاني فيه الأحزاب الناشئة، وهي أغلبية، من ندرة في تمويل أنشطتها فإن بعض الأحزاب الأخرى تتمتع بضخ مالي كبير من داخل تونس ومن خارجها، ولا يتردد المراقبون في الإشارة إلى أن حركة النهضة تتلقى ضخا ماليا كبيرا من بعض الأنظمة الخليجية وأثريائها رغم أن الحركة نفت نفيا مطلقا ذلك وأكدت أن ثراءها المالي متأت من اشتراكات أعضائها.

بل إن القوى الوطنية الديمقراطي تذهب إلى أبعد من ذلك لتقول أن المال السياسي غير المتكافئ لدى الأحزاب يهدد عملية انتقال ديمقراطي شفافة في وضع اجتماعي يتسم بالهشاشة يفسح المجال أمام الأحزاب الغارقة في المال السياسي بشراء أصوات الناخبين بطرق مختلفة منها تقديم الخدمات الاجتماعية وتقديم المعونات بل وشراء الذمم أيضا.

ومهما يكن الأمر تسود قناعة في الأوساط السياسية التونسية أن المال السياسي سيكون رقما صعبا في حسم نتائج الانتخابات نظرا لدوره الكبير في الحملات السياسية التي تصاحبها خدمات ومعونات اجتماعية وكذلك في الحملات الانتخابية التي تستوجب ضخا ماليا كفيلا باستقطاب أكثر ما يمكن من أصوات الناخبين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer