الأقسام الرئيسية

هذا التهريج

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم سليمان جودة ٢٨/ ٤/ ٢٠١١

مساء أمس الأول، جمعنى لقاء فى الكويت مع الدكتور محمود أبوالعيون، محافظ البنك المركزى السابق، وسألته عن الشىء الذى يقلقه أكثر على بلده مصر، هذه الأيام، فأجاب بلا تردد: قلة الإنتاج!

وسوف نلاحظ أن هذا الشىء هو نفسه الذى يقلقنا جميعاً على بلدنا، منذ فترة، وتحديداً منذ بدأت الاحتجاجات تنتشر هنا وهناك، إلى اليوم، وكان الرأى، ولايزال، أن أصحاب هذه الاحتجاجات لهم مطالب حياتية، تتعلق بالرواتب، أو مستوى الخدمات العامة المتاحة، وأنها، كمطالب، تظل مشروعة، ولكن ليس هذا وقتها،

وبالتالى، فإن استمرار الاحتجاجات بهذا المعدل، دون وعى بعواقبها، سوف يؤدى إلى توقف المصانع والشركات عن العمل والإنتاج، أكثر، وأكثر، وهو الحاصل فعلاً، وسوف لا يؤدى، فى الوقت ذاته، إلى تحقيق شىء من هذه المطالب للعمال والموظفين، لا لشىء، إلا لأن الدولة فى حاجة - أولاً - إلى موارد حقيقية، لتستطيع - ثانياً - تلبية هذه المطالب وغيرها!

وكان الشىء الذى لفت نظرى فى إجابة الدكتور أبوالعيون، عن السؤال أنه قال، ما معناه، إننا داخل البلد نعيش فى تفاصيل غابة كبيرة، وأنه هناك، حيث يعيش ويعمل، يرى الغابة عن بُعد، ولذلك فالصورة أمامه أوضح، وإذا لم نتوقف عن كثير من الكلام والتهريج الذى نمارسه هذه الأيام، ونبدأ فى العمل والإنتاج على الفور، بحيث تعود المصانع والشركات إلى إنتاجيتها الطبيعية، فسوف نواجه ظروفاً اقتصادية «صعبة».. وقد تكون كلمة «صعبة» هذه كلمة خفيفة، ولطيفة، فى التعبير عن حقيقة ما سوف نواجهه، لو استمررنا على ما نحن فيه الآن!

وربما، لهذا السبب، كنت، صباح أمس، قد قلت فى هذا المكان، ما معناه، إننا أحوج الناس، فى ظروفنا الحالية، إلى الاقتداء بحالة اليابان تحديداً، لأنها - كما قلت - كانت قد تعرضت لدمار ليست له حدود، بسبب الزلزال الذى ضربها قبل شهر أو أكثر قليلاً، بما أثر على إنتاجية مصانعها وشركاتها، فإذا بها، خلال هذه الفترة الوجيزة، تعلن، هذا الأسبوع، عن أن أكبر مصانعها وشركاتها قد عاد إلى العمل بكامل طاقة إنتاجيته، وبنسبة ١٠٠٪، بعد أن كانت قد هبطت، بعد الزلزال مباشرة، إلى ٥٠٪، وربما أقل!

هذا ما دعوت إليه، ولاأزال، لأننا لانزال، حتى هذه اللحظة، منشغلين بالماضى، أكثر من انشغالنا بالمستقبل بمراحل، بل ولانزال نستغرق أنفسنا فى الماضى تماماً، وكأنه لا مستقبل لنا يجب أن نتطلع إليه، ونسعى نحوه، ونصنعه!

الماضى لا يجب أبداً أن يشغلنا، إلا بقدر ما يكون مفيداً لمستقبلنا، وليس معنى هذا مطلقاً أننى أدعو إلى التساهل فى استرداد أى أموال يكون أى إنسان قد حصل عليها دون وجه حق.. بل على العكس.. لا أدعو إلى التساهل فى استرجاع كل مليم، بشرط أن يكون هناك جهاز هذه هى مهمته - أولاً - فيحمل هو هذه المسؤولية عن كاهلنا، وننصرف نحن كبلد، إلى ما يتعين علينا أن ننشغل به فيما يخص المستقبل، وبشرط ألا يكون فى هذا الاسترجاع - ثانياً - أى نوع من التشفى، أو الانتقام من أحد!

مصر التى تنام وتصحو، وهى مشغولة بمستقبلها، هى التى أحب أن أنتمى إليها، لا مصر التى تصحو وتنام، ولا يشغلها شىء إلا الانتقام من «فلان» أو التشفى فى «علان»!

مصر «الوفاق» كما كان نيلسون مانديلا قد دعا فى بلده، حين تولى الحكم، بعد ٢٧ سنة فى السجن.. لا مصر العراك!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer