الأقسام الرئيسية

البحث عن أمين عام جديد لجامعة الدول العربية

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم د.حسن نافعة ٧/ ٤/ ٢٠١١

تنتهى فترة ولاية الأمين العام لجامعة الدول العربية فى ١٥ مايو القادم. ولأن عمرو موسى كان قد أعلن منذ أشهر عدم رغبته فى الترشح لفترة ولاية ثالثة، فمن الطبيعى أن يبدأ البحث عن مرشح جديد لشغل هذا المنصب الحساس، الذى تتطلع إليه العديد من الدول العربية. ولأنه لا يوجد فى ميثاق الجامعة، على عكس ما قد يعتقد البعض، نص يلزم الدول الأعضاء باختيار أمين عام من دولة المقر، فمن حق أى دولة عضو أن ترشح أحد مواطنيها لشغل هذا المنصب.

غير أن العرف الذى استقر منذ نشأة الجامعة ربط عضويا بين جنسية الأمين العام ودولة المقر، فجميع الأمناء العموميون الذين تعاقبوا على هذا المنصب طوال فترة وجود مقرها فى القاهرة كانوا من المصريين: عبدالرحمن عزام (١٩٤٥-١٩٥٢)، محمد عبدالخالق حسونة (١٩٥٢-١٩٧٢)، محمود رياض (١٩٧٢-١٩٧٩)، أحمد عصمت عبدالمجيد (١٩٩٠-٢٠٠١)، عمرو موسى (٢٠٠١-٢٠١١). الفترة الوحيدة التى شغل فيها غير مصرى منصب الأمين العام للجامعة، وهو التونسى الشاذلى القليبى (١٩٧٩-١٩٩٠)، كانت حين نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس، وهو استثناء يثبت القاعدة العرفية ولا ينفيها.

فى كل مرة يخلو فيها هذا المنصب، خاصة فى السنوات الأخيرة، تخرج أصوات تدعوا لـ«تدويره»، حتى لا يكون حكراً لدولة المقر، وهى دعوة لها ما يبررها فى الواقع. فالربط بين مقر المنظمة الدولة وجنسية أمينها العام هو بدعة عربية يندر أن نجد لها مثيلا، سواء كان ذلك فى المنظمات العالمية، مثل الأمم المتحدة أو اليونسكو أو منظمة العمل الدولية أو الصحة العالمية، أو فى المنظمات الإقليمية، مثل الاتحاد الأفريقى أو منظمة الدول الأمريكية أو غيرها. إذ لا يوجد فى أى من هذه المنظمات نص قانونى صريح أو حتى قاعدة عرفية تلزم الدول الأعضاء باختيار رؤساء الأمانة العامة من دولة المقر، ولذلك يتم تداول هذا المنصب بين الدول الأعضاء وفقا لنظام متفق عليه. ومع تفهمى الكامل لوجاهة الدعوة لتدوير منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بين الدول الأعضاء، إلا أن التنافس حول هذا المنصب يجب ألا يكون سببا لإثارة المزيد من الانشقاقات فى العالم العربي، وهو أمر يخشى من حدوثه إن أصرت الدول العربية على فتح هذا الملف الشائك فى هذا التوقيت بالذات.

لذا أعتقد أن إقدام دولة قطر على ترشيح عبدالرحمن العطية لشغل المنصب وطلبها إدراج هذا الموضوع على جدول أعمال القمة العربية القادمة، لم يكن موفقا أو منطقيا لأسباب كثيرة أهمها: ١- أن الأوضاع فى العالم العربى مضطربة إلى الدرجة التى قد لا تسمح حتى بمجرد انعقاد القمة العربية، وهو ما يفرض على عقلاء الأمة أن يسعوا لتخفيف حدة الانقسامات بدلا من مدها بوقود إضافى يساعد على اشتعالها من جديد ٢- من الحكمة أن يتم الاتفاق أولا على صيغة بديلة لاختيار الأمين العام تسمح بالتداول، سواء أدرجت هذه الصيغة فى الميثاق عبر بروتوكول إضافى أو اكتفى بالنص عليها فى قرار منفصل للقمة، حتى لا يتحول الترشيح للمنصب، فى كل مرة يخلو فيها إلى وسيلة لإثارة حساسيات وانقسامات جديدة تعطل العمل العربى المشترك وتنهكه. ٣- لن يكون لتداول هذا المنصب أى تأثير جدى على فاعلية الجامعة العربية ما لم يرتبط ذلك بتغير جذرى فى هياكل وأساليب العمل العربى المشترك.

يجب أن يكون واضحا أن الجامعة العربية، فى صيغتها الراهنة، ليست سوى مجرد إطار مؤسسى يضم النظم العربية الرسمية. ولأنها نظم تعكس مصالح قوى الفساد والاستبداد بأكثر مما تعكس مصالح الشعوب العربية، فلم تكن الجامعة العربية بالنسبة لهذه النظم سوى شماعة تعلق عليها أخطاءها.

الآن، ومع انطلاق رياح ثورة عربية بدأت تكتسح فى طريقها نظم الفساد والاستبداد العربى، أصبحت صيغة الجامعة العربية نفسها مهددة بالسقوط وانفتحت آفاق جديدة أمام العمل العربى المشترك، ومن ثم يتعين استبدالها بصيغة جديدة أكثر طموحا. لذا يجب ألا نندهش حين يرى البعض أن انتصار الثورة العربية على تحالف الفساد والاستبداد سيؤدى حتما إلى قيام «الولايات العربية المتحدة» إن عاجلا أو آجلا.

فهل آن الأوان كى تكف النظم العربية عن افتعال معارك صغيرة وتلتفت لما هو أعظم وأهم وأجدى نفعاً؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer