حصلت بي بي سي على صور تظهر التعسف الذي تعامل بها الشرطة المحتجين المسالمين في العاصمة البحرينية المنامة التي يسودها خوف متصاعد من حملة تستهدف الناشطين المنادين بالديمقراطية.
وتظهر الصور، التي بعث بها الى بي بي سي احد الناشطين في مجال حقوق الانسان، رجال شرطة بحرينيين ملثمين بعضهم بالزي الرسمي وآخرون بازي المدني وهم يضربون ويركلون مجموعة من الرجال المكبلة اياديهم والمغطاة رؤوسهم.
ووقع الحادث خارج المنامة يوم الاربعاء الثلاثين من مارس / آذار الماضي على طريق مزدحم مقابل مجمع تسوقي كبير.
وشبه شهود المشهد "بفيلم رعب."
وهذا مشهد يتكرر في البحرين بكثرة، ففي الاسابيع القليلة الماضية، استهدفت السلطات اطباء ومدونين ونشطاء معارضين "اختفى" بعضهم كما يقول اقاربهم واصدقائهم وجماعات حقوق الانسان.
ولكنه من الصعب تأكيد هذه الروايات، خصوصا وان الصحفيين يمنعون من العمل بحرية في هذه الجزيرة الصغيرة التي شهدت موجة من الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية منذ منتصف فبراير/شباط.
وقتل في الصدامات مع قوات الامن ما لا يقل عن 27 شخصا وسوت السلطات مكان اعتصام المحتجين في دوار اللؤلؤة بالارض، وتقول وزارة الداخلية ان اربعة من رجال الشرطة ايضا قتلوا في الاضطرابات.
ويصف جو ستورك، من منظمة هيومان رايتس ووتش، عمليات الضرب من قبل الشرطة والتي تظهرها الصور الحديثة بانها "مزعجة جدا".
وقال ستورك: "البحرين الان دولة تعمل فيها الشرطة وهي في حصانة تامة من ان يطبق عليها القانون، فليست هناك محاسبة ولا حتى بذل الجهد للتغطية على ما يجري".
وبعدما ارسلت بي بي سي الصور للحكومة البحرينية وعد وزير الداخلية "بالتحقيق الكامل في الموضوع واتخذا الاجراءات القانونية ضد من تثبت ادانته طبقا للقانون".
واعلن الشيخ راشد بن عبد الله ال خليفة: "لدى وزارة الداخلية سياسة لا تتسامح على الاطلاق مع اي انتهاك لحقوق الانسان او اساءة استخدام السلطة".
والبحرين بلد تقطنه اغلبية شيعية من السكان وتحكمه عائلة ال خليفة السنية.
ويقول الناشطون ان الحكومة ميزت ضد الشيعة لسنوات، ففي هذه المملكة الغنية تجد القرى الشيعية معدمة والمساكن لا تكفي والمدارس مهملة والبطالة مرتفعة، كما ان الشيعة ممنوعون من العمل في الجيش والشرطة.
وكما قال لي محامي سني مقرب من العائلة الحاكمة: "لا يمكن الوثوق بهؤلاء الناس (الشيعة)، فلماذا اذا تسلح اعداءك؟".
ويعتقد كثير من السنة في البحرين، وهم يخشون جارتهم الشيعية عبر الخليج ايران، ان ما تسميه الحكومة حملة القانون والنظام خطوة ضرورية.
وتقول الحكومة ان ما تقوم به يهدف الى الحيلولة دون انزلاق المملكة الى ما تسميه "فوضى طائفية".
الا ان جاسم حسين من جمعية الوفاق المعارضة يقول ان العنف في التعامل مع الشيعة ياتي بنتائج عكسية، وان "الناس يعاملون على اساس اسم العائلة وزيهم الذي يرتدون ولهجتهم ـ وهذا خطأ وخطير على البلد ككل".
ويضيف: "لا يكفي الحديث عن عدم التسامح مع انتهاكات الشرطة، على الحكومة ان تبدي فعلا انها لا تتساهل".
ويقول الناشطون الذين يصفون انفسهم بانهم "لا شيعة ولا سنة ولكن مطالبون بالديمقراطية" ان النظام يقسم الناس ويعاقبهم على اسس دينية.
وقال احد هؤلاء: "يتم طرد الشيعة من وزارات الصحة والتعليم، ويعتقل الناس بالمئات ويهجم على البيوت وتنهب ويواصل عدد القتلى الارتفاع وبالنسبة لي هذا بداية عملية تطهير عرقي".
ويقال ان حوالى 400 متظاهر، كلهم من الشيعة تقريبا، رهن الاعتقال في السجون.
والناشطون الذين افرج عنهم بقرار ملكي في بداية الاحتجاجات اما اعيد اعتقالهم او اختبأوا، ومن بين المعتقلين ستة اطباء كانوا يعالجون المحتجين الجرحى.
وفي لي غريب للحقائق بث التلفزيون الحكومي صورا لرياضيين مشهورين ـ كانت تظهرهم يطالبون بالديمقراطية في ميدان اللؤلؤة في فبراير.
وجئ بالرياضيين على الهواء لسحب اقوالهم تلك، وقال احد الصحفيين رفض ذكر اسمه: "تذللوا وقالوا انهم مستعدون للموت فداء للملك، كان امرا مخزيا ان تشاهده".
ويقول الصحفيون المحليون الذين يحاولون نقل اخبار انتهاكات حقوق الانسان انهم تلقوا تهديدات بالقتل من مجهولين.
والصحيفة البحرينية الوحيدة التي واصلت تغطية الموضوع اتهمها التلفزيون الرسمي بنشر الاكاذيب وتم استبدال رئيس تحريرها.
كما ان صحفيين اجانب اعتقلوا واطلق سراحهم بعد فترات وجيزة.
ويتزايد احساس الناس بالرعب من الحديث للصحافة الاجنبية، ولديهم الحق، فكثير ممن تحدثوا لصحفيين اجانب في الاسابيع الماضية اما اعتقلوا او اختفوا.
واصبحت البحرين الان ـ التي طالما اعتبرها الغرب واحدة من اكثر دول الخليج امنا واستقرارا ـ جزيرة من الرعب لكثير من مواطنيها الشيعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات