يتواصل إرتفاع عدد القتلى في اعتصامات اليمن بعد يوم دامٍ، حيث ارتفع عددهم إلى سبعة أشخاص في كل من العاصمة صنعاء وعدن وتعز والمكلا، في حين دانت واشنطن والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي إعتداء رجاء الأمن اليمني على المتظاهرين.
هنا سقط الضحايا |
أثناء صلاة فجر يوم السبت تلقى المصلون اليمنيون أول دفعة من المياه الساخنة عبر خراطيم المياه الآتية من آليات عسكرية.
وقد سقط يوم السبت سبعة قتلى في كل من صنعاء وعدن وتعز والمكلا، فيما يرقد مئات الجرحى في المستشفيات، بينهم 50 حالة خطرة، في حين تقول منظمات إن مصابين اعتقلوا من داخل المستشفيات الحكومية.
الكاتب الصحافي نبيل الصوفي رئيس تحرير موقع نيوز يمن لخّص المشهد قبل صلاة الفجر وبعدها في ساحة التغيير في جامعة صنعاء. وقد كتب على مدونته "على عكس تهويل الأخبار، ينام جنود الأمن مع المعتصمين في العراء.. بعضهم إلى جوار بعض، ولربما إنهم معًا يحلمون بحلم واحد: يمن مختلف.. بلا عنف ولا فساد ولا عصبوية.. ليت الحلم يصل إلى علي عبدالله صالح، ليقول له بكل هدوء واحترام: ارحل يافندم.. أنت واليمن ستكونان بخير لو قررت الرحيل الآن".
بعد ساعات قليلة، تغيرت تدوينة الصوفي فكتب، "بقيت في ساحة الجامعة حتى الفجر.. بعد نصف ساعة كتبت عن رؤيتي أفراد امن ومواطنين ينامون إلى جوار بعض.. تخيلتهم معًا يحلمون باليمن المختلف.. فالجندي اليوم خدمته تضاعفت، ولا يحصل على أي مقابل.. تفجر الموقف وعدت للساحة.. وبقيت فيها حتى الثامنة.. خلاصة ما أراه: في الصراعات الشعبية من هذا النوع لا يفوز من لديه الأدوات الأقوى، بل من يمثل مصلحة الغالبية ومن يرى أهل الساحة هذه يدرك أن الرئيس لم يعد يمثل مصلحة هذه الغالبية".
الموقف الدولي وشرعنة العنف
ما بعد الهجوم |
بدا الموقف الأميركي كما لو أنه يقف بقوة مع الرئيس علي عبدالله صالح، الذي عقد اجتماعًا مساء الجمعة في مجلس الدفاع، لتخرج النتائج في الصباح على أرض الواقع، على شكل دماء قتلى ومئات المصابين.
علقت الأديبة اليمنية هدى العطاس على الموقف بالقول: "قبل أيام قال الأميركيون علينا قبول الحوار، وبعده ارتكب النظام مجزرته في عدن. أمس قالت أميركا علينا الاستماع إلى مبادرة الرئيس، وبعدها ارتكب النظام ولا يزال أعنف جرائمه في صنعاء وعدن وحضرموت. فلتكف أميركا عن تدخلها ومساندتها النظام، أو ستكون شريكة له في جرائمه".
لم يدم الأمر كثيرًا فقد شعرت سفارة واشنطن بالحرج مما حدث فجر أمس، وأعربت السفارة عن أسفها الشديد "لوقوع قتلى وجرحى في مظاهرات صنعاء وعدن وتعز والمكلا خلال الأسبوع الماضي واليوم".
وقالت السفارة في بيانها إنها ترفض أي ادعاءات بأن حكومة الولايات المتحدة قد قبلت بطريقة أو بأخرى استخدام العنف من أي طرف، داعية الحكومة اليمنية إلى إجراء تحقيق في هذه الحوادث، واتخاذ كل الخطوات اللازمة لحماية حقوق جميع المواطنين اليمنيين وفقاً للالتزامات التي تعهد بها الرئيس علي عبد الله صالح".
صالح وجّه بالتحقيق في الأمر، فيما لايزال الإعلام الحكومي يحاول إقناع العالم أن الهجوم على المتظاهرين كان من قبل مواطنين متضررين من توسع رقعة الاعتصامات، وهي فكرة لم تلق رواجًا، حيث كان كل شيء ينقل عبر الشاشات العالمية بشكل مباشر.
الاتحاد الأوروبي أدان هو الآخر ما يحدث، حيث دعت الممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون الرئيس اليمني إلى ضمان حماية المتظاهرين، مدينة استخدام القوة من جانب الحكومة اليمنية".
وشددت على "الحاجة إلى إجراءات عاجلة وواضحة وذات مصداقية للوفاء بتطلعات الشعب اليمني". من جانبه قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن العنف ضد المتظاهرين في صنعاء ومدن أخرى "غير مقبول".
واضاف "هذا تناقض غير مباشر لإعلان الرئيس اليمني أخيرًا عن إصلاح دستوري وانتخابات جديدة، وهو الأمر الذي رحّبنا به".
في سياق متصل، دان السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون "الاستخدام المفرط للقوة" من جانب القوات الحكومية ضد المتظاهرين السلميين في اليمن. وطالب الحكومة اليمنية بتأييد معايير حقوق الإنسان الدولية والتحقيق في الاتهامات المتعلقة بعمليات قتل غير قضائية وانتهاكات لحقوق الإنسان.
شرعية متآكلة
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري لـ إيلاف إن "ما حدث في ساحة التغيير يدل على أن هذا الرجل لم يكن جديرا بأن يكون رئيسًا لليمن، الآن الجميع قرر أن يضحّي في سبيل أولاده وأحفاده من بعده، إما حياة عز أو الموت بكرامة".
وأضاف الظاهري أن "شرعية الرئيس السياسية تآكلت، ومشروعيته الدستورية الآن غير موجودة، وبالتالي أخشى أن يقلد القذافي خصوصًا بعد إرسال مبعوثه إليه".
الظاهري تحدث لإيلاف من وسط ميدان الاعتصام، حيث رأى أن "هذه الساحة وبقية الساحات في ميادين اليمن عبارة عن نموذج للوطن بالمعنى الرمزي والمعنوي للوطن اليمني الذي نريد أن يُجسد في وطن نموذج".
وتابع "ما حدث هو عبارة عن ثمن لايزال الشباب يدفعونه منذ أسابيع، وقررنا مع شبابنا أن ندفع الثمن، وهذا شاهد على أن من يحكمنا كان يتحايل علينا بالدستور والقانون، وصندوق الانتخابات استخدم لكي يستمر حكم فردي عائلي".
إستقالات وغضب
عقب أحداث أمس، توافد آلاف المواطنين من قبائل وقاطني العاصمة، وذلك بعد المناشدات التي أطلقها المعتصمون لمساندتهم بعد سقوط مئات الجرحى.
وتواصلت الاستقالات في ساحة التغيير من قبل عدد من القادة في الحزب الحاكم، أبرزهم وزير الدفاع السابق عبدالملك السياني، وهو من منطقة الرئيس، والقيادي العسكري البارز عبداللاه القاضي أحد أقرباء الرئيس.
كما قدمت القيادية في الحزب الحاكم وفي اللجنة الوطنية للمرأة حورية مشهور استقالتها من عملها ومن الحزب الحاكم.
إلى ذلك انضم النائب ورجل الأعمال إلى قائمة المستقيلين من كتلة الحزب الحاكم ليصل العدد إلى 20 نائبًا. كما أعلن الفنان عبدالرحمن الأخفش انضمامه إلى ساحة الاعتصام.
ودانت أحزاب اللقاء المشترك ما حدث محمّلة المسؤولية المباشرة للرئيس علي عبدالله صالح، فيما أدان قادة علماء الزيدية محمد المنصور وحمود المؤيد الهجوم على المعتصمين.
نقيب الصحافيين يستقيل
في سياق الأحداث، أبلغ "إيلاف" مصدر في نقابة الصحافيين أن نقيب الصحافيين اليمنيين ياسين المسعودي قدم استقالته للمجلس احتجاجًا على الوضع العام الذي يشهده اليمن.
إلى ذلك انضمت الإعلامية في الفضائية اليمنية مها البريهي إلى ساحة المعتصمين، مساندة مطالبهم.
وفي تطور لافت، اعتقلت قوات الأمن الصحافي عبدالسلام جابر رئيس تحرير صحيفة القضية المستقلة، وذلك أثناء محاولته دخول ساحة الاعتصام، ولم يعرف بعد مصيره حتى اللحظة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات