بقلم محمد أمين ٢٢/ ٣/ ٢٠١١
لا يوجد مسؤول غربى يزور مصر إلا وهو يتمنى أن يعبر أولاً من ميدان التحرير.. مشياً على الأقدام.. احتراماً للثورة، واحتراماً للشهداء، الذين سقطوا فى الميدان.. فعلها ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطانى.. وها هو جون كيرى يزور ميدان التحرير.. ويصافح المصريين الموجودين بالقرب من المجمع الشهير، الذى كان شاهداً على الثورة.. ولا يعرف كيرى هل يشيد بالثورة، أم يشيد بالاستفتاء؟! الاستفتاء ثورة أخرى.. كما قال صديقى الأستاذ محمد عليوة.. والآن عندنا ثورتان فى أسابيع معدودة.. ثورة التحرير، وثورة الاستفتاء.. أما جون كيرى فيعبر عن دهشته قائلاً: استفتاء المصريين كان بالغ الإثارة.. كما أكد أن الولايات المتحدة تشعر بالسعادة بما فعله المصريون، كما تدعم تطلعات الشعب المصرى نحو الديمقراطية.. وتمنى أن تشهد الشهور المقبلة استقراراً فى البلاد! لا يصدق الأمريكان خصوصاً، والغرب عموماً، ما يحدث فى مصر.. إنها طبعة مصرية منقحة ومزيدة.. فى الديمقراطية والثورة.. وطبعة أخرى فى الاستفتاء.. الملايين تخرج فى نظام شديد.. كما خرجت أيام الثورة.. وجوه يومئذ مشرقة.. ناضرة.. باسمة.. متعاونة.. لفتت انتباه العالم.. ورفعت أسهم المصريين فى البورصة.. ولا عجب فى ذلك فنحن أبناء حضارة سبعة آلاف عام! عملية إبهار حقيقية.. تليق بمصر ومكانة مصر.. وكما قال «كيرى» فإن الطريقة التى صوت بها المصريون عبرت عن الطاقة الكبيرة، لأنهم صوتوا لأول مرة منذ٣٠ عاماً.. أما الذين خرجوا فقد كانوا فى حجم دول مجتمعة.. تكشف عن طاقة كامنة فى الشعب المصرى.. وتكشف عن عبقرية المصريين.. لدرجة أن قادة غربيين قالوا: نعلم أولادنا أن يكونوا مصريين.. المهم كيف نستثمر هذه الطاقة الجديدة؟! شهادة جون كيرى تضاف إلى شهادات كبرى فى الثورة والاستفتاء.. فمصر كل يوم تسترد عافيتها.. وتسترد روحها وتسترد وعيها.. فقد كان الاستفتاء يوماً أعاد الثقة فى نفوسنا.. وكان انضباطاً دون ضباط.. وصبراً وإصراراً.. كما يقول الكاتب الكبير محمد العزبى.. وكما قلت أمس.. لا الشعب يصدق ولا الشرطة ولا القضاة.. كانت سيمفونية رائعة.. ندر أن توجد إلا فى ظروف استثنائية! وهكذا يفعلها المصريون.. فلا هم غير ناضجين، كما قال «نظيف».. ولا هم غير مؤهلين، كما قال عمر سليمان.. المصريين أهمه فى الثورة والاستفتاء.. المصريين أهمه وهمه فى الطابور.. المصريين أهمه ورئيس الوزراء يعتذر للناخبين عن تجاوز الدور.. المصريين أهمه وفتاة مصرية تشكو لرئيس الوزراء ما حدث من الحرس الخاص به.. ثم يعتذر من جديد.. فلا شىء من ذلك كان قبل الثورة! مصر اتغيرت بجد.. وقررت أن تتغير بجد.. سواء والمصريون يحرصون على الإدلاء بأصواتهم.. أو وهم ينتظمون فى طوابير.. لا فرق بين مواطن بسيط ورئيس الوزراء.. الآن نعرف كيف كان يقف أوباما فى الطابور أمام أحد محال الوجبات الجاهزة.. كنا نستغرب ونتساءل: هل الرئيس مواطن؟.. هل هو بشر مثلنا؟.. هل يحمل شنطة أولاده إلى المدرسة؟.. إنها الديمقراطية يا سيدى! الديمقراطية هى التى تعلمك حقوقك.. وتعلمك احترام حق النقد وقبول الآخر.. وتعلمك ثقافة الاختلاف.. تعلمك أيضاً أن تكون ترساً فى عملية الإنتاج.. وتعلمك أن تشارك فى بناء الوطن.. ولولا الثورة ما عرفنا هذه القيم الكبرى.. ولولا الثورة ما كانت ثورة الاستفتاء.. ولولاهما معاً ما كانت شهادة جون كيرى.. وربما كان ميدان التحرير، مثل ميادين كثيرة فى العالم! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات