بقلم سليمان جودة ٢٢/ ٣/ ٢٠١١
أعتقد أننى لا أعبّر عن رأيى وحدى، حين أقول بأن وجود رجل فى وزن الدكتور يحيى الجمل، نائباً لرئيس الوزراء، إلى جوار الدكتور عصام شرف، رئيس الحكومة، يجعلنا نشعر بشىء من الونس، لا لشىء إلا لأنه «رجل منا»، يعرف فيما يفكر الناس، وماذا يريدون، وكان على مدى سنين مضت يكتب عن هذه الأفكار، ويتناولها طول الوقت، ولا ينفصل عنها، ولايزال. الدكتور الجمل معارض فى قلب الحكومة، وهو قطعاً لن ينافق الجيش، كما أن الجيش قطعاً سوف يحترم آراءه، ورغباته، لأنه - أى الجيش - متمثلاً فى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، يعرف أن الجمل له تاريخ محترم وراءه، يسعفه حين يتكلم أو يطلب للمصريين بحكم منصبه. وإذا كان المجلس الأعلى قد وضع ملفات كثيرة بين يدى الرجل، ومن بينها ملف الإعلام عموماً، والصحافة القومية خصوصاً، فإن هذا الملف الأخير أظن أنه فى حاجة إلى جهد، ثم وقت، من الدكتور الجمل، لأنه سوف يجد نفسه مضطراً لأن يجلس ويسهم، ليس فقط من الذين يريدون القفز فوق مواقع معينة، فى المؤسسات الصحفية القومية، وإنما هو مدعو إلى أن يسمع ويجلس مع القيادات الموجودة على رأس هذه المؤسسات، لينصت لها، ويرى ماذا تقول. صحيح أن بعض مؤسساتنا الصحفية أصبح أشبه ما يكون بمريض يعيش على التنفس الصناعى، وصحيح.. أن بعضها يخسر بصورة تدعو إلى الحزن، وصحيح وصحيح، ولكن هذا كله يدعونا ليس إلى قتلها وحذفها من حياتنا، وإنما إلى إصلاحها، لكى تقف على قدميها من جديد. زمان.. أوقفت السيدة «روزاليوسف» جريدتها، حين رأت أنها تخسر، وتوقفت مجلة «الاثنين» و«الجيل» وغيرهما عن الصدور، لأنهما لم تكونا قادرتين على الصمود فى سوق الصحافة، ووقتها كان للصحافة عموماً، صاحب، وكان صاحبها حريصاً عليها، وكان إذا يئس من خسارتها أوقفها عن الصدور على الفور.. ولكن بعد تأميم عبدالناصر للصحافة، لم يعد للصحافة صاحب، وأصبح من المعتاد جداً أن تجد مطبوعات كثيرة تخسر كل صباح، ومع ذلك تواصل الصدور من جيب دافع الضرائب! نعود ونكرر أن هذه مرة أخرى، ليست دعوة لاغتيال أى مؤسسة أو مطبوعة من هذا النوع.. بل على العكس.. فنحن لا نتصور مصر من دون مؤسسات الأهرام، أو أخبار اليوم، أو روزاليوسف، أو دار الهلال، أو دار المعارف، وغيرها.. وإذا كان الأمر كذلك فنحن ندعو الدكتور الجمل إلى أن يأخذ وقته فى إصلاح الأمور هناك، وأن يلتفت إلى أن «حازم حسن» كان قد أجرى دراسة مستوفاة عن إصلاح هذه المؤسسات، وانتهى منها فعلاً، وهى موجودة، ولكنها تقوم طبعاً على أسس اقتصادية مجردة، فى حين أن مثل هذه المؤسسات ليست اقتصاداً فقط، ولكنها تمثل قيمة أدبية فى حياتنا، ولابد أن تؤخذ هذه القيمة فى الاعتبار، عند الحساب، وأن نحافظ عليها. إصلاح هذه المؤسسات، وليس هدمها، هو المطلوب.. ولابد أن هذا الإصلاح فى حاجة إلى حكمة إلى جوار الوقت.. وحين يحدث هذا فسوف تعود لتحقق أرباحاً، كما كانت «زمان» على أيدى مؤسسيها الأوائل، ويمكن فى هذه الحالة أن تتوزع أرباحها على أبنائها، وسوف يكون هؤلاء الأبناء - عندئذ - أحرص الناس على مؤسساتهم، وسوف لا يطردون قيادات فيها إلى الشارع، وإنما سيدافعون عنهم، ويرحبون باختيار الأكفأ على رأس كل مؤسسة، لأنه، والحال هكذا، سوف يكون الأقدر على حماية وجودها، ومضاعفة أرباحها! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات