حوار مجدى الجلاد ويسرى البدرى ٣٠/ ٣/ ٢٠١١
أكد اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، فى الجزء الأول من حواره مع «المصرى اليوم»، أمس، انتهاء ما سماه عصر المراقبات والتنصت على القوى السياسية والمعارضة فى مصر، وأكد أن جهاز الأمن الوطنى سيقتصر دوره على الأمن الداخلى، ومحاربة قضايا التجسس والإرهاب، ولن يتم تسجيل أى مكالمة هاتفية إلا بإذن قضائى. وأشار عيسوى، فى الجزء الثانى من الحوار، إلى أن التسجيلات التى أجراها جهاز أمن الدولة السابق كلها تحت يد القوات المسلحة، وسيتم إعدام التسجيلات الخاصة، وإيداع ما يخص الدولة فى دار الكتب والوثائق القومية، مؤكدا أن الوزارة جاهزة لتأمين الانتخابات المقبلة، ولن يجرى تزويرها. وأضاف عيسوى أن الفوضى المنتشرة فى الشوارع حاليا مؤقتة، وستنتهى قريبا مع نزول رجال الشرطة إلى الشوارع والميادين، ويجرى الآن تكثيف الحملات على الطرق السريعة والزراعية للتصدى لظاهرتى البلطجة والسرقة بالإكراه، وأكد أن السجون مكدسة بالنزلاء بعد مهاجمة ٦ سجون رئيسية، ما أدى لنقل بعضهم إلى أماكن احتجاز أخرى، رغم أن هناك لجانا مشكلة من وزارة الداخلية والنيابة العامة للإفراج عن عدد من السجناء، وأفرج بالفعل عن عدد كبير منهم قضوا نصف المدة، وهو إجراء قانونى.. وإلى نص الجزء الثانى: ■ ماذا عن مصير أرشيف التسجيلات الموجودة فى جهاز أمن الدولة، خاصة أن معظمه متعلق بشخصيات؟ - تحدثنا كثيرا عن المستندات والتسجيلات، لأن الجهاز أنشئ فى ١٩١٣، وبالقطع هناك العديد من المستندات لديه، وسنجمع الوثائق الخاصة بتاريخ مصر قبل عام ١٩٥٢، لإيداعها دار الكتب والوثائق القومية، أما ما يتعلق بالمسائل الشخصية فسوف يتم إعدامه، والجزء الثالث المتعلق بالأنظمة والأنشطة الخاصة بالدولة، لابد أن يكون موجودا تحت بصر الأجيال المقبلة.وذلك بعد أن وضعت القوات المسلحة يدها على جميع التسجيلات وكذلك المبنى الذى كان يقوم ضباط أمن الدولة بتسجيل فيه. ■ حبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، قال منذ عامين: نعم نراقب التليفونات، واللى خايف لا يتكلم، فما الحال الآن؟ - سأرد على هذا الكلام بقصة حكاها اللواء مصطفى كامل، مدير أمن الدولة أيام الوزير زكى بدر، فقد اشتكى السفير الأمريكى للوزير من مراقبته، فطلب اللواء كامل لسؤاله حول الأمر، وعندما حضر إلى مكتب الوزير فوجئ به يرد على السفير الأمريكى قائلا: «يا سيادة السفير إنت متصور إن السفير المصرى غير مراقب فى أمريكا، ده أمن بلدنا»، والآن اتخذنا قرارا بفصل أجهزة التسجيلات، ولن يتم التسجيل لأى مواطن إلا بإذن قضائى، وسيتم تفريغ هذه المكالمات بناء على هذا الإذن وترسل إلى الجهة القضائية، وستكون الأجهزة تابعة لقطاع اتصالات الشرطة الذى لا يوجد فيه عناصر من أمن الدولة، ولن يكون هناك تسجيل لأى نشاط سياسى، وسيقتصر عمل جهاز الأمن الوطنى على مكافحة التجسس والإرهاب. ■ هل هذا معناه أن تليفون الدكتور محمد البرادعى الآن غير مراقب وكذلك محمد بديع، مرشد الإخوان المسلمين؟ - نعم غير مراقبين، ولا توجد أى جهة تراقب التليفونات فى مصر، لأن المبنى الذى يراقب التليفونات تحت تصرف القوات المسلحة، وفيه المكتبة التى تحتوى عددا كبيرا من الشرائط المسجلة، إذ لم يكن أحد فى الجهاز يتوقع مهاجمة المبنى، ورغم أن شخصاً فى الخارج أخبر المتظاهرين عن مكانه، فإن القوات المسلحة سيطرت عليه قبل أن يقتحمه أحد. ■ كنا نرى أعضاء فى مكتب الإرشاد يكتبون لبعضهم البعض خوفا من المراقبة والتسجيلات؟ - هناك أناس لديهم هوس، ووارد أن تكون هناك مراقبة من جانب أمن الدولة، وإذا كان هذا عملا مؤسسيا أو قرارا شخصيا من وزير الداخلية الأسبق فسيتوقف، والنيابة والقضاء والمجالس النيابية والشعبية هى الضامن لعدم توغل جهاز الأمن الوطنى، وأرحب بالإشراف القضائى عليه، ولأن القانون يعطى النيابة الحق فى تفتيش السجون، فعليها ممارسة حقها، واتخاذ الإجراءات القانونية حيال أى مخالفات، والمجالس النيابية والشعبية لها سلطة على جميع الأجهزة بما فيها الشرطة، وإن كان العادلى يرفض الذهاب إلى مجلس الشعب، فإن النظام السياسى هو الذى سيحكم الممارسة خلال الفترة المقبلة، ولو أن المجالس الشعبية والنيابية تحاسب من يخطئ فلن نجد أى انحرافات صارخة، وكمسؤول أول عن الأمن فى مصر، أقول لا توجد الآن أى مراقبات للقوى السياسية أو المعارضة، إلا باذن قضائى مسبق. ■ هل انتهيتم من تشكيل الهيكل الخاص بقطاع الأمن الوطنى؟ - نعم، لأنه لا توجد دولة فى العالم ليس بها جهاز أمن دولة، وجهاز الأمن الوطنى الذى صدر قرار بتشكيله سيقوم بمهام محددة وستقتصر وظيفته على محاربة الإرهاب ومكافحة التجسس، ومراقبة الأمن الداخلى، وإذا كانت هناك مسائل تتعلق بالأمن الداخلى يرفضها الأمن الوطنى سيعيدها إلى جهاز الشرطة العادى ليتخذ فيها الإجراء القانونى، والجهاز لن يتدخل فى حياة المواطن المصرى أو يراقبه، أو يلاحقه أو حتى يتنصت عليه، وكل هذا سيتضح خلال الأيام المقبلة، وهناك عدد كبير من المقار لجهاز مباحث أمن الدولة فى المحافظات سيتم إلغاؤها وتسليمها إلى جهات أمنية أخرى، ولن تؤخذ موافقة الجهاز الجديد فى تراخيص السلاح أو تعيين الأئمة والمشايخ، وعلى الجهات القضائية أن تطلب صحيفة الحالة الجنائية. ■ هل هناك نية لتغيير مناهج كلية الشرطة؟ - هذا وارد، لكن الدراسة الأساسية فى الكلية هى القانون، والجانب الأمنى، لكننا نتطلع إلى إضافة مواثيق حقوق الإنسان فى المناهج، وكيفية تعامل الضابط مع المواطن فى القطاعات الأخرى المختلفة مثل وحدات المرور والجوازات والأحوال المدنية، والمشكلة الحقيقية فى مصر أنه لا يوجد مواطن يذهب لإنهاء مصلحة ويعرف إجراءاتها، وعدم معرفة المواطن حقوقه وواجباته هو أساس العلاقة المتوترة بينه وبين رجل الشرطة، ويجرى الآن وضع إرشادات داخل المواقع الشرطية المختلفة من أجل توضيح التعليمات التى عن طريقها يعلم المواطن حقوقه وواجباته، لأن السياسة فى الوزارة ستتغير بتغير سياسة القيادة العامة للدولة. ■ ماذا عن حالة الانفلات الأمنى التى مازالت قائمة حتى الآن والاستغاثات من اقتحام السجون المختلفة؟ - كانت هناك محاولات لاقتحام ٦ سجون، وأكبر سجنين تم هدمهما، ونقل عدد كبير من السجناء إلى أماكن أخرى، وهو ما تسبب فى تكدس السجون بالنزلاء، رغم أننا أفرجنا عن عدد كبير منهم، وجهاز الشرطة دعا السجناء الهاربين إلى العودة للسجون مرة أخرى، وسوف يؤخذ هذا فى الاعتبار عند إخلاء سبيلهم، وتم تسليم الكثيرين إلى السجون، إذ كان هناك ٢٣ ألف هارب عاد منهم ١٤ ألفا، بعضهم سلم نفسه وباق ٩ آلاف و٣٠٠ هارب، لكن لم يحدث إطلاق نار على السجناء، والنيابة العامة تحقق فى قضية الانفلات الأمنى، والقاعدة السارية فى السجون أنه لا يجوز تسليح أى فرد فيها، وما يتردد عن أن حبيب العادلى أمر بإخراج السجناء من السجون غير صحيح بالمرة. ■ هل هناك خطط لتطوير السجون فى المرحلة المقبلة؟ - الخطط توضع عندما تكون هناك أموال، وهى غير موجودة فى الوقت الحالى، ونعمل حاليا على إعادة ترميم السجون التى تعرضت للاعتداء، وهناك سجون باتت تعمل بعد إتلافها وتحطيم عنابرها، والشرطة تحاسب نفسها أولاً بأول، ولديها الكثير من الأجهزة الرقابية، وأخرى تتولى عمليات فحص السلوكيات والأخطاء الإدارية وسوء معاملة المواطنين، وهناك جهاز رئيسى فى الوزارة يطلق عليه اسم «الإدارة العامة للتفتيش والرقابة»، وهذه الإدارة تتلقى الشكاوى وتفحصها وتتخذ فيها الإجراء القانونى. ■ ماذا عن الهاربين الذين سلموا أنفسهم؟ - هناك قواعد يتم تطبيقها عليهم مثل الإفراج بنصف المدة، وقرارات الإفراج الأخرى مثل العفو الصحى والإفراج الشرطى، وهناك أعداد كبيرة من السجناء الجنائيين والسياسيين استفادت من هذه القرارات، فقد أفرجنا عن ٩٥% من المعتقلين السياسيين وتقرر الإفراج عن ١٠٨ معتقلين سياسيين، أرسلت أوراقهم إلى رئيس الوزراء، لرفعها إلى المجلس العسكرى والبت فيها، ولم يتبق فى السجون سوى ٣٠ معتقلا سياسيا، مازالوا على ذمة إحدى القضايا. ■ هل ستكون الشرطة جاهزة لتأمين انتخابات مجلسى الشعب والشورى المقبلة؟ - نعم، ولن تكون هناك أزمة، وكان دور الشرطة فى الاستفتاء تأمين اللجان، وكان هناك فردا أمن على كل لجنة، وفى كل مجموعة مقار، كان هناك ضابط شرطة يمر للاطمئنان على عملية التصويت، ولم يكن هناك قصور من قبل قوات الشرطة، فقد كانت منتظمة، وكنت أتابع الموقف بنفسى، وأعتقد أن الأمر فى الانتخابات البرلمانية سيكون أسهل، ولن نلجأ إلى إغلاق أماكن معينة من أجل تزوير الانتخابات. ■ تردد أن إحالة بعض ضباط ومديرى الأمن فى المحافظات إلى محكمة الجنايات تسببت فى أزمة كبيرة فما حقيقة ذلك؟ - نعم، خاصة فى محافظات الاسكندرية والسويس وبورسعيد والإسماعيلية، فقد حدثت «ربكة» عند الضباط أنفسهم، والنيابة العامة هى التى تتولى التحقيقات منذ بداية أحداث ٢٥ يناير، وأمامها جميع التجاوزات التى جرت من جانب جهاز الشرطة أو غيره حتى هذه اللحظة، وسوف تتخذ الإجراء القانونى وتقدمه إلى القضاء، والشرطة ليست لها علاقة بهذه التحقيقات. ■ ماذا عن دور الأمن المركزى فى المرحلة المقبلة؟ - الأمن المركزى هو قوة وزارة الداخلية، وعندما علمت أن هناك نية لمهاجمة معسكراته توجهت إلى رئيس الوزراء وحصلت على قرار منه والمجلس العسكرى، يفيد بأن مجندى وضباط الأمن المركزى سيظلون فى أماكنهم وفى حالة الهجوم عليهم يكون لهم حق الدفاع عن أنفسهم واستخدام السلاح، ويبلغ عدد أفراد الأمن المركزى ١١٨ ألفا موزعين على جميع الحدود والمحافظات، ويؤدى القطاع دوره فى تأمين حدود سيناء، وجميع قواته وأسلحته ومعسكراته تكاد تكون مكتملة، وينزل فى جميع الخدمات مع رجال المباحث الجنائية لتأمين جميع الطرق مثل طريق مصر الإسكندرية الصحراوى وجميع المحاور، وسأذهب إلى ضباط الإسكندرية من أجل النزول مرة أخرى إلى الشارع وتحقيق الأمن. ■ وماذا عن الأقسام المحترقة وهل تمت إعادة تأهيلها مرة أخرى؟ - هناك ٩٩ قسما تعرضت للتخريب، معظمها أصابه ضرر كبير جدا، وبعضها أضير جزئيا، وبالفعل تعمل الوزارة على استكمال جميع احتياجاتها، أما باقى الأقسام التى أُحرقت تماماً فسوف تأتى فى المرحلة التالية، لأن الإمكانات المادية لوزارة الداخلية لا تسمح فى الوقت الحالى بأن تتولى عملية تجهيز جميع أقسام الشرطة، والصعيد انتظم العمل فيه بالفعل، وتجرى إعادة تأهيل معظم الأقسام لإعادة العمل فيها قريباً، وتم نقل العمل إلى أماكن بديلة، لحين الانتهاء من تأهيلها، وهناك شركات مقاولات تجرى عمليات البناء والإصلاح وإعادة ترميم ما هدم بأسرع ما يمكن، حتى يعود كل شىء إلى أصله. ■ ماذا عن ملف سيناء وكيف تتعامل معه أجهزة الأمن؟ - الحقيقة أن سيناء كانت تعيش انفلاتاً أمنياً كبيراً، والنشاط الرئيسى هناك هو الاتجار فى المخدرات، لكن الوضع تحسن بعد الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وإن كانت الوزارة تعانى فى هذه المنطقة، خاصة أن معظم الأقسام تم تدميرها، واختطف البدو ٣ ضباط وأمين شرطة منذ ٢٥ يناير حتى الآن، ولا توجد أى أخبار عنهم، ووزارة الداخلية والقوات المسلحة تكثفان جهودهما لاستعادتهم فى أقرب وقت، وهناك لقاء مرتقب مع مشايخ البدو لبحث الموقف. ■ يتردد أن هناك عداء بين جهاز الشرطة والشعب؟ - بالطبع، فالفترة الماضية كانت قاسية بالنسبة لرجال الشرطة، وبالأخص بعد الحملة الشرسة التى شُنت ضدهم من قبل وسائل الإعلام بأكملها، فقد تركت فى نفوس بعضهم أكبر الأثر، وسيزول الاحتقان مع الوقت، وذلك يتوقف على المواطن فى الشارع، وفى كل مكان، فلابد أن يتم التعامل مع رجل الشرطة بطريقة جيدة حتى تختفى كل هذه العقبات وتستمر المصالحة للأبد. ■ ما أفضل أسلوب للتعامل مع الأزمات من وجهة نظرك؟ - الجلوس والتحدث مع أصحاب المشكلة، وهو ما كان يحدث خلال الفترة الماضية، فقد جلست مع أمناء الشرطة، وبالفعل تحدثت مع ٥٠ منهم، وانصرفوا بعد الوعود التى تلقوها بحل مشاكلهم المالية، وستتم مراجعة هذه الرواتب وسيتم وضع كادر لهم فى وقت لاحق، لأنى أعلم أن إمكانيات الدولة حاليا لا تسمح بأكثر من غير الذى تم توفيره، أما بخصوص الأمناء الذين صدرت ضدهم أحكام جنائية، أو أحكام فى قضايا مخلة بالشرف، فلن يعودوا للعمل، فلا يستطيع وزير داخلية مخالفة القانون، وكل من صدر بحقه حكم فى وقائع تأديبية سيعود إلى العمل، وهذا ما قلته للأمناء خلال لقائى معهم. ■ ماذا عن ملامح المرحلة المقبلة فى وزارة الداخلية؟ - سياسة الوزارة ستكون التأكيد على الالتزام والحفاظ على حرية المواطن، وعدم التدخل فى حياته الشخصية، أو التدخل فى عمل الأحزاب، أو المنع من السفر، أو مراقبة التليفونات إلا بإذن من النيابة فى قضايا معينة، والسماح لأى تيار دينى بممارسة العمل السياسى، وإذا خرج عن القانون فسيتم التعامل معه عبر إجراء قانونى، مع التأكيد على ضرورة التزام رموز المجتمع بالقانون وتطبيقه، ومنهم رجال الشرطة والجيش والقضاة، وإرساء مبدأ دولة القانون. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات