بقلم: عماد الدين حسين
26 فبراير 2011 10:15:05 ص بتوقيت القاهرة
هل من المنطقى أن نحاكم «الصبى» ونترك «المعلم»، أو نحاسب المنفذ ونترك المخطط والمحرض؟!.الآن وفى ضوء ما يتكشف من حجم مهول لجبل الفساد والإفساد الذى جرى فى العهد البائد، لم يعد هناك من مفر من محاكمة حسنى مبارك لأنه ببساطة المتهم الأول.
ما يشفى صدور قوم كانوا مسروقين أن يروا القطط السمان خلف القضبان.. وعندما نشاهد أحمد عز وأحمد المغربى وزهير جرانة جالسين فى الزنزانة فإن ذلك يبعث برسالة مفادها أن محاكمة الفساد قد بدأت فعلا.
عندما تصدر قرارات بفرض الحراسة على ممتلكات عشرات الوزراء ورجال الأعمال ويتم منعهم من السفر، فذلك يؤكد أن هناك جدية فعلا فى ملاحقة المفسدين. لكن ذلك للأسف يبدو حلقة غير مكتملة.
على سبيل المثال.. نحن نحاكم عز الآن لدوره فى قضية تربح بشأن رخصة مصنع حديد.. وهذه تفصيلة صغيرة فى ملف متخم بالوقائع والاتهامات.. لكن قضية أحمد عز الرئيسية هى إفساد الحياة السياسية والبرلمانية والاقتصادية. والمؤكد أن وكيل النيابة عندما سيسأل أحمد عز كيف استولى على شركة حديد الدخيلة المملوكة للشعب فسوف يخرج له عز مستندات وأوراقا رسمية تؤكد أن كل ما فعله كان طبقا للقانون.. القانون الذى اخترعه جمال مبارك وصدق عليه حسنى مبارك.
إذن علينا أن نسأل الرئيس السباق ونجله: كيف ولماذا فعلتما ذلك؟!.
عندما سنحاكم زهير جرانة بتهمة التربح واستغلال منصبه، سنصل فى النهاية إلى أن القيادة السياسية التى عينته هى المسئولة.
عندما سنحاكم محمد إبراهيم كامل وكيف استولى على 28 مليون متر فى البحر الأحمر، بسعر دولار واحد للمتر سنصل فى النهاية أيضا إلى مخطط ومدبر ومسئول رئيسى اسمه جمال مبارك أو حسنى مبارك.
سوف نكتشف فى النهاية أن كل الذين نحاكمهم فى قضايا الفساد الراهنة ربما سرقوا أموال الشعب بطريقة «قانونية»، باختصار هؤلاء «رتبوا وستفوا» الاوراق جيدا.. أوراقهم عليها «ختم النسر غير الشريف». ولذلك فإن سلطات التحقيق قد تواجه معضلة حقيقية فى النهاية تتمثل فى أن وقائع الفساد الحقيقية والكبيرة لهؤلاء المتهمين تمت كلها بصورة قانونية.
إذن ماذا سنفعل فى هذه الحالة؟!.
حسنى مبارك هو المتهم الأول والرئيسى الذى ينبغى أن يخضع للمحاكمة.
الرجل كان هو الحاكم الأوحد. لا أحد كان يجرؤ على مناقشته، الجميع كان يقول له ما يعجبه، وليس ما يعجب الشعب أو الحقيقة.
الرجل اختار ابنه وقرر أن يورثه الحكم، ترك له مصر بأكملها يفعل بها ما يشاء.
عندما ستنتهى جهات التحقيقات من مساءلة كل الفاسدين الصغار والمتوسطين والكبار.. وعندما يصل الدور الى صفوت الشريف وزكريا عزمى، سوف نكتشف أن جمال مبارك هو المتهم.. وإذا وصلت النيابة إلى جمال مبارك ستجد أن الرجل الذى أعطى له حق التصرف هو والده وربما والدته أيضا.
إذن علينا أن نكون جادين ونخضع المواطن محمد حسنى مبارك وعائلته لمحاكمة عادلة نزيهة، لا يكون هدفها إهانته أو التشفى فيه.. بل كى نعرف الحقيقة.
المطالبة بمحاكمة مبارك لا تهين شخصه أو دوره بل قد تبرئ ساحته.. المهين أن نترك متهما بإفساد مصر طوال ٣٠ عاما طليقا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات