الأقسام الرئيسية

روشتة.. للبقاء

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم: محمد البرادعي

bradee.jpg565

24 فبراير 2009 03:47:42 م بتوقيت القاهرة


بعد إهدار عقدين تقريبا منذ نهاية الحرب الباردة، وضعت قضية نزع السلاح النووي في موقع متقدم على الأجندة الدولية.

وتعهد الرئيس أوباما بالعمل الجاد للوصول إلى عالم خال من الأسلحة النووية- وهو التزام قانوني وفقاً لمعاهدة اتفاقية عدم انتشار السلاح النووي – و كخطوة أولى، أن يتفاوض حول المزيد من التخفيضات على المخزون النووي مع روسيا. والمعروف أن روسيا والولايات المتحدة تمتلكان معا حوالي 95 في المائة من ترسانة العالم النووية.

لقد انقشع الضباب عقب ثماني سنوات، لم تكن فيها قضية الحد من الأسلحة أولوية للولايات المتحدة. والتحدي الآن كيف نضمن أن هذه الحماسة الجديدة لن تتبخر؟

هذا التغير في الموقف ليس مدفوعا فقط بالأفكار المثالية ولكن بالإدراك الواعي أن مخاطر الأسلحة النووية تتزايد بدرجة كبيرة. وفي المرة المقبلة، مصدر الخطر قد يكون جماعة إرهابية لا يعنيها مفهوم الردع، الذي ساعد العالم حتى الآن على تفادي حرب نووية.

ونظام منع الانتشار بدأ يتداعي جزئيا . فالتكنولوجيا الحساسة التي كان يعتقد إنها قاصرة على دول متقدمة معدودة بات من السهل الحصول عليها من قبل الآخرين بشكل مثير للقلق. وكما تظهر حالة العراق وكوريا الشمالية فإن امتلاك الأسلحة النووية ما زال ينظر إليه باعتباره شيئا مانحا للهيبة ويوفر الأمان من أي هجوم.

والدول النووية، التي تمتلك فيما بينها حوالي 27 ألف رأس نووي، تعضد هذه الرسالة عبر تحديث ترسانتها النووية.ومما يزيد الأمور سوءاً ، إن الدول التي لديها القدرة على تخصيب اليورانيوم تستطيع أن تمتلك القنبلة النووية خلال شهور إذا ما قررت ذلك.

ولكن لحسن الطالع، فإن هناك توافقا في الآراء الآن حول ما يمكن فعله وما يجب أن يتم فعله:

- يجب العمل لجعل معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية تدخل حيز التنفيذ، وحظر تطوير أسلحة نووية جديدة.

- بدء المفاوضات حول اتفاقية وقف إنتاج المواد الانشطارية التي من المفترض أن تحظر إنتاج مواد للأسلحة النووية .

- التفاوض للوصول إلى اتفاقية تخلف معاهدة "ٍSTART" بين روسيا والولايات المتحدة، والتي تنتهي هذا العام، وتتضمن التحقق من تخفيضات مهمة في ترسانتهم النووية. ويمكن أن يكون الهدف المبدئي هو تخفيض 1000 أو حتى 500 رأس حربي من كل جانب.

- تمديد فترة الإنذار لأي هجوم نووي محتمل، باعتبار أن من بقايا الحرب الباردة العبثية، أن لا يكون أمام كل من قادة روسيا والولايات المتحدة أكثر من 30 دقيقة للرد على مع ما يبدو إنه هجوم، وربما يكون نتيجة لخطأ من جانب الكومبيوتر أو نتيجة لاستخدام غير مصرح به.

- تطوير آلية لوضع كل مواقع تخصيب اليورانيوم وإعادة تدوير البلوتونيوم تحت السيطرة الدولية، مما سيمنح الدول إمدادات مضمونة من الوقود للطاقة النووية السلمية، ولكن بدون الوصول إلى المواد اللازمة لإنتاج الأسلحة.

- منح وكالة الطاقة النووية سلطة قانونية كافية؛ وإمكانيات تكنولوجية وموارد لضمان استخدام الدول غير النووية للطاقة لأغراض سلمية فقط. ويجب أن تتمتع وكالة الطاقة النووية ومجلس الأمن بالقدرة على الردع المؤثر، والاستكشاف، والرد على التلاعب المحتمل في عملية ضبط منع الانتشار.

- التحسين الجذري لوسائل أمان المواد النووية.

وتمنحنا التصريحات الأخيرة لإدارة أوباما الأمل أن بعض هذه الإجراءات يمكن أن يتم تبنيها بسرعة. ولكن، الأسباب المتجذرة لعدم الأمان التي تفشت في العالم عبر عقود يجب أن يتم التعامل معها بشكل متوازي لكي يتم تحقيق أمان مستديم...

أولا: الفقر وعدم المساواة. فالعلاقة بين الفقر والقمع والظلم من جهة، والتطرف والعنف من جهة أخرى واضحة للجميع. ويجب أن نتعلم تقدير الحياة الإنسانية بشكل متساو.وتعطي الدول المتقدمة-والتي تسرع بالرد حينما تتعرض حياة مواطنيها للخطر – انطباعا واضحا إنهم لا تهتم بحياة فقراء العالم.

ثانيا: الصراعات المشتعلة. فلن يكون الشرق الأوسط، موطن أخطر وأطول صراع في العالم، في سلام حتى تحل المسألة الفلسطينية. ومما يعقد المشكلة أن نظام منع الانتشار النووي فقد مصداقيته في عيون الرأي العام العربي لما ينظر إليه على إنه الكيل بمكيالين فيما يتعلق بإسرائيل، الدولة الوحيدة ،في المنطقة خارج الاتفاقية، والمعروفة بامتلاكها الأسلحة النووية .

وليس من المرجح أن تكون العراق وليبيا أخر الدول في الشرق الأوسط التي تحاول الحصول على أسلحة نووية ..والقلق بشأن البرامج النووية الحالية والمستقبلية في المنطقة سيستمر حتى يتم تحقيق سلام دائم وإزالة كافة الأسلحة النووية في المنطقة كجزء من بنية للأمن الإقليمي. وتتعهد إدارة أوباما بالاشتباك في دبلوماسية مباشرة بدون شروط مسبقة وعلى أسس الاحترام المتبادل للوصول إلى صفقة كبيرة تأخرت كثيرا.

ثالثا: ضعف المؤسسات الدولية. فأكثر التهديدات الملحة التي تواجه العالم مثل أسلحة الدمار الشامل، الإرهاب، الأزمة المالية العالمية، وتغير المناخ، يمكن مواجهتها فقط من خلال التعاون العالمي. ومن أجل هذا نحتاج إلى مؤسسات متعددة الأطراف.ويجب أن نتغلب على التشكيك الذي غالبا ما تتسم به توجهات الحكومات تجاه الأمم المتحدة. ولابد أن تمنح الأمم المتحدة والوكالات المرتبطة بها سلطة كافية، وتمويل، وقيادة لديها رؤية وشجاعة ومصداقية.

علاوة على هذا، فيجب أن نوقف الاختراقات الواضحة للمبادئ الرئيسية للقانون الدولي، مثل القيود المفروضة على استخدام القوة من طرف واحد، والنسبية في إقرار حق الدفاع عن النفس، وحماية المدنيين خلال الحروب لتجنب تكرار ارتكاب مذابح ضدهم كما حدث في العراق، ومؤخراً، في غزة.

التعاطي المقنع مع هذه التحديات يحتاج إلى نظام أمني جديد . ومجلس الأمن، المشلول غالبا، و الذي تتداعي سلطته بسبب كثرة الخلافات، يحتاج إلى إصلاح لكي يعكس صورة العالم اليوم وليس كما كان في عام 1945.وبالتالي يجب أن يمتلك آلية حفظ سلام فاعلة ومحددة لمنع المذابح ضد ملايين الأبرياء في أماكن مثل الكونغو، ورواندا ودارفور. ويجب أن يتدخل المجلس بشكل منتظم لمنع وحل النزاعات، ساعياً وراء مناقشة أسبابها الحقيقية وليس فقط الأعراض.

وعملية نزع السلاح شرط جوهري لبقائنا أحياء.

ونحن الآن لدينا فرصة أخرى لكي نخلق عالماً أكثر اتزانا، وأمنا عبر العمل من أجل إزالة "سيف ديموقليس" المعلق فوق رؤؤسنا جميعا. دعونا لا نهدر هذه الفرصة.

• Copyright (2009). All rights reserved by New York Times Syndication Sales Corp. This material may not be published, broadcast or redistributed in any manner.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer