بقلم أحمد الخطيب ٢٤/ ٢/ ٢٠١١
لم يكن انسحاب الشرطة وقوات الأمن فى مصر ليلة الثامن والعشرين من يناير فى جمعة الغضب الأولى خيانة أمنية، كما ذكر البعض وروّج لإشاعة أن حبيب العادلى اختلف مع مبارك، وكان نتيجة ذلك أن أمر العادلى قواته بالانسحاب، لكن الحقيقة التى تكشفت أمامى طوال الأيام الماضية هى أن قرار انسحاب الشرطة قرار سياسى وخطة موجودة فى الأصل لدى النظام البائد، وقد ذكرت ذلك ثانى يوم بعد انسحاب الشرطة فى لقاء تليفزيونى، وقلت آنذاك إن أحداً لم يكن يجرؤ أن يختلف مع مبارك، لا العادلى ولا غيره، لأن الجميع يتعامل معه على أنه نصف إله، وكان الجميع موظفين لديه لا يملكون سوى السمع والطاعة.. وتقبيل الأيادى. ذلك أن انسحاب أجهزة الأمن هى خطة موجودة فى الأصل لدى النظام فى حالة خروج الشعب على الحاكم لكى يحدث فوضى مقصودة يكون مقابلها عودة الحاكم، وقد ذكر ذلك مبارك عندما قال: «أخيّركم بين الاستقرار والفوضى».. الاستقرار يعنى عودته ووجوده والفوضى عدم وجود الشرطة.. والمعنى العام للفكرة الجهنمية هو أن تنسحب قوات الأمن تماماً ويعيش البلد فى فوضى يتم من خلالها إطلاق سراح المساجين الجنائيين من السجون، لينطلقوا فى المجتمع نهباً وسرقة وتقتيلاً لترويع المجتمع حتى يعود المتظاهرون لحماية بيوتهم ويستقر الأمن للحاكم.. هذه خطة وليست حدثاً عابثاً، كما حاول أن يصور البعض.. والدليل أن هذا ما فعله بالتمام والكمال على زين العابدين فى تونس عندما انسحبت الشرطة بالكامل وتم فتح السجون وإطلاق المسجونين الجنائيين على المجتمع لترويعه.. ويحدث الآن فى ليبيا أيضاً.. وفعلته رومانيا عندما تم إسقاط المجرم رئيسهم تشاوشيسكو. هذا السيناريو الذى حدث فى مصر إذن حدث فى تونس والآن يفعله القذافى، والدليل أن وزير الداخلية الليبى لا أحد يعرف مكانه حتى الآن، والشرطة انسحبت بالكامل وأطلق القذافى المرتزقة الأفارقة بالأسلحة، ليقوموا بمهمة الترويع. وما حدث فى رومانيا وتونس وليبيا هو نفس ما حدث فى مصر عندما تم إحراق مقار الشرطة، وكان الجميع يردد أن ما فعل ذلك هم قوات الشرطة أنفسهم.. والدليل على أن ذلك خطة أنه إذا كانت قد صدرت أوامر للأمن السياسى الذى كان يحاصر المتظاهرين فى ميدان التحرير وعبدالمنعم رياض بالقاهرة بالانسحاب، فلماذا انسحب الأمن العام المعنىّ بأقسام الشرطة وإدارة المرور وحماية المنشآت وباقى فروع الشرطة التى لم يكن لها علاقة بالتعامل مع المتظاهرين؟.. لماذا لم ينسحب فقط الأمن السياسى ويبقى الأمن العام.. كما أنه لماذا تم فتح السجون وإطلاق سراح من فيها.. وإذا كانت صدرت أوامر بالانسحاب للجميع فلماذا لم تنسحب الشرطة من البلاد التى لم يكن فيها تظاهر مثل بلاد الصعيد التى لاتزال الشرطة فيها تعمل بكامل قوتها؟. إذن كان المقصود هو ترويع أماكن التظاهر. وقد يقول قائل إن هذه الخطة فشلت فى تونس وفشلت فى رومانيا وبإذن الله ستفشل فى ليبيا فلماذا أقدم عليها النظام فى مصر؟ والرد سهل ويسير وهو أن هذا النظام وما شابهه كان نظاماً فاشلاً ليس لديه عقل ليفكر وإنما يلجأ لمثل هذه الخطط وقت الانهيار لأنه لا وقت لديه ليفكر كما كان يردد قادته بأن مصر ليست بتونس فإذا بتونس جاءت بعد أيام إلى مصر، والآن فى ليبيا وبإذن الله باقى الشعوب العربية المقهورة. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات