الأقسام الرئيسية

أيام حاسمة فى تاريخ مصر

. . ليست هناك تعليقات:

الكاتب

Thu, 03/02/2011 - 08:05

صنع الشعب المصرى، بعبقريته الفذة، معجزة حين قرر الثورة على نظام لم يعد يثق به. الشرارة الأولى للثورة انطلقت من شباب أتاحت له تقنيات الاتصال الحديثة فرصة التحاور الحر عبر الفضاء الإلكترونى دون وصى أو وسيط أو رقيب، بعد أن خلص إلى نتيجتين على جانب كبير من الأهمية.

النتيجة الأولى: أن النظام الذى يحكمه منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً فقد مبررات وجوده، وأصبح غير قابل للإصلاح، ومن ثم يتعين تغييره واستبداله بنظام جديد، النتيجة الثانية: أن التغيير لن يأتى عبر الأحزاب والحركات والجماعات السياسية القائمة وبات عليه أن يبتدع وسائل وأساليب جديدة لإقناع الشعب بحتمية التحرك والنزول بنفسه إلى الشارع، وجاء اختياره ليوم 25 يناير موعدا للدعوة للنزول إلى الشارع وتجاوب الشعب غير المسبوق مع هذه الدعوة دليل على عبقرية الداعى والمستجيب معاً، فقد عكس اختيار عيد الشرطة مناسبة للاحتجاج حجم التغير الذى طرأ على النظام الحاكم فى مصر الذى تحول فيه جهاز الشرطة من مؤسسة وطنية تقاوم الاحتلال الأجنبى إلى مؤسسة قمعية تحتقر الشعب وتذيقه صنوف العذاب والهوان، ومنذ نزول الشعب إلى الشارع فى 25 يناير الماضى تحققت منجزات كثيرة بالفعل لكن الطريق مازال طويلاً.

حقق الشعب المصرى أول إنجازاته حين انهار جهاز الأمن القمعى، مؤكداً بذلك من جديد حقيقة تاريخية تقول إنه ليس بوسع أعتى أجهزة الأمن وأشدها جبروتاً وقسوة أن تصمد فى وجه شعب قرر الثورة على جلاديه، ثم توالت الإنجازات تباعاً، فقد قرر النظام بسرعة التضحية بأحمد عز، أمين التنظيم فى الحزب الحاكم ومهندس الانتخابات الأخيرة، دون أن يفطن إلى أن فى تضحيته اعترافا ضمنيا بأن الانتخابات التى أدارها كانت مزورة وأفرزت مجلس شعب باطلاً. وقرر النظام عزمه تنفيذ أحكام محكمة النقض الخاصة بالطعون الانتخابية دون أن يفطن إلى أن فى قراره هذا اعترافاً ضمنياً بأنه تعمد احتقار القضاء وإهمال تنفيذ أحكامه، وأن إعادة الاعتبار للقضاء تفرض عليه أيضا تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية العليا، خاصة تلك التى تلزمه بالامتناع عن بيع الغاز لإسرائيل بالشروط الحالية وبإزالة الحرس الجامعى وبطلان عقد «مدينتى».. إلخ.

فى محاولة من جانبه لاحتواء الثورة أقدم رأس النظام على خطوات محددة منها: 1- تعيين نائب له بعد أن ظل يرفض ذلك لمدة ثلاثين عاما، تعديل المادتين 76 و77. 2- التأكيد على أنه لن يرشح نفسه فى انتخابات الرئاسة المقبلة، ومن المفيد هنا أن نلاحظ أمرين على جانب كبير من الأهمية، الأمر الأول: أنه لم يقدم هذه التنازلات دفعة واحدة واضطر لتقديم التنازل تلو الآخر، لكن ببطئ شديد جداً وتحت ضغط الشارع، والأمر الثانى: أنه لم يقرر بعد إغلاق مشروع التوريث نهائياً، فجمال مازال يشغل وظيفة الأمين المساعد للحزب ورئيس لجنة سياساته ولم يعلن استقالته من الحزب، بل لم يعلن صراحة أنه لن يرشح نفسه، ومبارك الأب لم يعلن حتى الآن سحب ابنه من التداول فى بورصة السياسة المصرية، والتعديلات الدستورية المقترح إدخالها لم تشمل المادة 88، وهو ما يعنى رفض الرئيس إخضاع الانتخابات لإشراف قضائى.

فإذا أضفنا إلى ذلك أن أجهزة النظام حاولت من قبل إثارة الفوضى وترويع المواطنين، على أمل دفعهم لتفضيل خيار الأمن والاستقرار على خيار الحرية والتغيير، وتحاول الآن دفع البلطجية إلى الساحة، كمقدمة لعودة أجهزة الأمن وانسحاب قوات الجيش، لأدركنا أن النظام لم يفهم بعد رسالة الشعب له، وربما يكون قد فهمها لكنه لم يستوعبها، ومن ثم يرفض الاستجابة لها ويستميت لمحاولة استعادة السيطرة على زمام الأمور.

أمام مصر أيام عصيبة قبل أن يطل عليها فجر جديد حقا، لكننى على ثقة تامة من أن باستطاعة الشعب الذى فجّر هذه الثورة الكبرى أن يحمى مسيرتها حتى النهاية، سواء فى مواجهة النظام أو فى مواجهة كل أنواع الانتهازيين الذين يريدون ركوب موجتها تمهيدا لسرقتها. وأقول لهذا الشباب العظيم: لا تشغلوا أنفسكم الآن بقوى المعارضة واصمدوا إلى أن نضمن أن رأس النظام فهم الدرس وقرر الرحيل. فهناك حلول كثيرة تضمن انتقالا آمنا للسلطة وتحافظ فى الوقت نفسه على كيان الدولة ومؤسساتها. ولأن النظام لم يفهم الدرس بعد أو يستوعبه لم يقرر اللجوء إلى أى منها رغم أنه يعرفها تماما.

قرار التنحى هو وحده الذى يمكنه فتح الطريق أمام إمكانية البحث عن حلول تصلح للشروع فى تأسيس نظام ديمقراطى حقيقى. ولأن الشباب يستوعب هذه الحقيقة تماما فالشعب مطمئن على أن ثورته لاتزال فى الأيدى الأمينة التى فجرتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer