آخر تحديث: الخميس 10 فبراير 2011 11:59 ص بتوقيت القاهرة
من السابق لأوانه تحديد كيف ستكون النتائج المباشرة للتعبئة المستمرة في مصر، فقد احتفظ المتظاهرون المناهضون للحكومة حتى الآن بزمام المبادرة، وحددوا مسار ووتيرة التغيير السياسي.
وعند هذه النقطة، وبعد أسبوعين مرهقيْن، يأمل حكام مصر أن يؤدي اللجوء المتأخر إلى مزيج مألوف من مناورات فرّق تسد -التنازلات الطفيفة، والمفاوضات السرية، والتحقيقات المطولة، والترهيب الانتقائي- إلى تشتيت بعض المشاركين في هذه التعبئة، التي كانت حتى الآن متميزة في انضباطها ووحدتها وتصميمها، حتى إن بعض المراقبين الذين ربما أعياهم الإرهاق قد بدؤوا يشكون فيما إذا كان مشهد الاحتجاجات المصرية قد بدأ الآن في التلاشي.
ومصير الثورة في مصر، بحسب صحيفة "الجارديان" مستقل بالفعل عن التطور المقبل في المفاوضات مع الدكتاتورية القديمة، أو الاستجابة القادمة المتخبطة من داعميها الأمريكيين.
وأيا كان ما سيحدث بعد ذلك، فإن تعبئة مصر ستظل ثورة ذات أهمية تاريخية عالمية، لأن أبطالها أظهروا مرارا وتكرارا قدرة غير عادية على تحدي حدود الإمكانية السياسية، والقيام بذلك على أساس من الحماس والالتزام.
فقد نظموا الاحتجاجات الجماهيرية في غياب أي تنظيم رسمي، وساندوها في وجه الترهيب القاتل، وفي ساعة ظهيرة واحدة وحاسمة تغلبوا على شرطة مكافحة الشغب، ومنذ ذلك الحين ثبتوا في أماكنهم ضد مخبريه و"بلطجيته"، وقاوموا كل محاولات تشويه أو تجريم تعبئتهم، وتوسعوا في صفوفهم لتشمل ملايين الأشخاص من كل قطاعات المجتمع تقريبا، وابتكروا أشكالا لا مثيل لها من الترابط والتجمع الجماهيري ليستطيعوا من خلالها مناقشة مسائل بعيدة المدى عن السيادة الشعبية والاستقطاب الطبقي والعدالة الاجتماعية.
وفي كل خطوة على الطريق صارت الحقيقة الأساسية للانتفاضة أوضح وأكثر صراحة، فمع كل مواجهة جديدة أدرك المتظاهرون وأظهروا أنهم أقوى من مضطهديهم، وعندما يكونون مستعدين للعمل بأعداد كافية مع تصميم كاف فسيكونون قد أثبتوا أنه ليست هناك قوة توقفهم.
وقالت صحيفة "الجارديان"، إن هذا التحرر والابتهاج بدا غير مُتصور قبل أسابيع قليلة في نظام مصر القديم، والشعب الآن وليس النظام هو الذي سيقرر بشأن الحدود التي تميز الممكن من المستحيل.
لا يمكن لأحد التنبؤ بالعاقبة القريبة للأحداث، لكن من الممكن الآن توقع ميلاد مصر أخرى تفضل المواجهة على تعزيز التفاوت الاجتماعي، المواجهة التي تجعل أولوية مصالح الكثرة قبل امتيازات القلة، ومن الممكن تخيل دولة مصرية تسعى لتحرير نفسها من النفوذ الأجنبي، ومن ثم دولة أكثر استعدادا للاعتراف بالاختلاف بين "عملية سلام" و"عملية استسلام" في الشرق الأوسط، ومن الممكن أيضا تخيل سيناريو قد تحذو فيه دول أخرى مجاورة لمصر نفس الحذو. وباختصار يمكن تخيل كيف يمكن للثورات في شمال إفريقيا في عام 2011 أن تغير العالم ككل.
وختمت الصحيفة، أن إمكانية المستقبل ليست سوى إمكانية، ولكن في مصر الحقيقة لا تزال موجودة: للمرة الأولى منذ عقود، فإن قرار تحديد ومن ثم تحقيق هذه الإمكانيات يعتمد في المقام الأول على الشعب نفسه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات