كتب الخرطوم - أحمد الصاوى ١٦/ ١/ ٢٠١١
اختتم الجنوبيون، أمس، فى السودان وخارجه التصويت على استفتاء تقرير مصير الجنوب، فى الوقت الذى شهدت فيه مراكز الاقتراع إقبالا ضعيفا فى جوبا عاصمة الجنوب فى اليوم الأخير ويكاد يكون معدوماً فى الخرطوم وسائر مراكز الاقتراع فى الولايات الشمالية. وكشفت مصادر بمفوضية الاستفتاء عن اتجاه المفوضية لإعلان النتيجة الأولية لعملية الاستفتاء اليوم وسط توقعات بانحيازها إلى الانفصال. ولم تمر ساعات قليلة على تصريحات الرئيس السودانى مساء أمس الأول فى الخرطوم، والتى ركز فيها على الأبعاد التاريخية لأزمة جنوب السودان، فيما اعتبره مراقبون محليون محاولة للتنصل من مسؤولية الانفصال السياسية والتاريخية، ورد القيادى السودانى التاريخى الصادق المهدى زعيم الأنصار وحزب الأمة ورئيس الوزراء الأسبق، على البشير محملاً سياساته مسؤولية انفصال الجنوب. وقال المهدى أمام حشد من أنصاره فى منطقة الجزيرة مساء أمس الأول، إن سياسات حزب المؤتمر الوطنى الحاكم فى السودان مسؤولة عن انفصال الجنوب، وتمزيق ما تبقى من أطراف البلاد. ووصف المهدى الوضع الذى تمر به البلاد بـ«المحتضر»، مضيفاً: «السودان الآن على فراش الموت»، وجدد تمسكه بخيار إسقاط النظام فى التاسع من يوليو المقبل حال عدم استجابة الحكومة لمطالبه المتمثلة فى تغيير دستور البلاد وتشكيل حكومة قومية إنتقالية. وقال إن البلاد الآن على فراش الموت وليس هناك وقت لذكر الأسباب، وأضاف: «لكن روشتة العلاج تكمن فى إقامة دستور جديد يقود لدولة ديمقراطية مدنية تطبق فيها الشريعة على المسلمين لا على غيرهم، ومراعاة حقوق غير المسلمين، وتطبيق مبادئ حقوق الإنسان لتكون ضمن الدستور الجديد، فضلاً عن إلغاء القوانين المقيدة للحريات»، وأوضح المهدى أن الحديث حول إهمال القوميات الأخرى من القانون مرفوض ويمكن أن يؤدى إلى تمزيق ما تبقى من البلاد. وكشف عن معاهدة توأمة يجرى توقيعها بين حزبه وبين الحركة الشعبية تفضى إلى تعاون اقتصادى وسياسى وتعايش سلمى يحقق مصالح الشمال والجنوب، وقال: «طالبنا الحركة بأن تختار اسماً للدولة الجديدة له مضمون مشترك، وحذر المهدى من مغبة انزلاق الدولتين فى عداوات ومكايدات سياسية، وشدد على ضرورة تطبيق الحريات الأربع، وأشار إلى أنها تحفظ الحقوق للشمال والجنوب. ووصف مفاوضات الدوحة (بحوار الطرشان)، وطالب باحترام مطالب أهل دارفور من خلال المشاركة فى الرئاسة والسلطة والثروة والتعويضات وترسيم الحدود. وقال المهدى إن الإنقاذ تسلمت السودان وهو مليون ميل مربع ولا يواجه دعاوى من المحكمة الجنائية الدولية أو مجلس الأمن، ولا توجد تمردات أو انقسامات فى أطرافه، داعياً إلى تعويضات عادلة للنازحين واللاجئين وإدارة انتقالية يُشرك فيها كل أبناء دارفور وقيام مؤتمر قومى دارفورى دارفورى، لافتا إلى أنه لا يوجد أحد يمكن أن يطبع مع الحكومة الحالية. وحذر من مخاطر محدقة بالبلاد تستدعى إنقاذها، وقال: «البلد الآن مواجهة بـ ٢٧ قرارا من مجلس الأمن». من جانبه، قطع القيادى بحزب الأمة القومى مبارك الفاضل بعدم مشاركة حزبه فى الحكومة العريضة، وطالب الحكومة بالاتعاظ بما يدور فى تونس، ورأى أن شرعية الحكومة ستنحل فى التاسع من يوليو بحسب أجل الدستور الحالى. وقال إن القبول بالحكومة العريضة يعنى القبول بتمزيق البلاد وصوملتها. كان الرئيس السودانى قال إن الظلم الذى يتحدث عنه البعض هو ظلم تاريخى لأن الحرب فى الجنوب بدأت عام ١٩٥٥، فيما حصل السودان على استقلاله عام ١٩٥٦، ونوه إلى أن الجنوب انفصل فعليا وعمليا عندما وضع الإنجليز قانون المناطق المقفولة بحجة أن هناك دينا مختلفا وثقافة مختلفة ولغة مختلفة عن الشمال. وأضاف أن الحرب استمرت بعد ذلك من أجل الوحدة لكنها كانت مكلفة، وكان من الضرورى إعطاء الفرصة للجنوبيين، إما بالاتحاد وإما بالانفصال، وقال: إن المستهدف ليس فصل الجنوب، وإنما الإسلام فى السودان. واعتبر الرئيس السودانى أن الجنوب ظل عبئاً على شمال السودان منذ زمن الاستقلال، مؤكداً أنه ماض فى تطبيق الشريعة الإسلامية. من ناحيته أكد القيادى فى حزب المؤتمر الوطنى الحاكم الدرديرى محمد أحمد أنه (ليس هناك ما يجعلنا حتى الآن نشكو من نزاهة الاستفتاء)، وأوضح أن حزبه لن يقبل بنتيجة الاستفتاء حال عدم إجراء العملية بالشفافية والنزاهة، وأضاف: «سنظل فى المؤتمر الوطنى نؤكد قبول نتيجة الاستفتاء الحر والنزيه حتى إن كان فى الحد الأدنى من معايير النزاهة والشفافية». ونفى الدرديرى، وجود أى اتجاه لاعتماد الجنسية المزدوجة بين الشمال والجنوب، وقال: (ليس هناك من تفكير فى موضوع الجنسية المزدوجة). من جهة أخرى، نظمت الحركة الاتحادية بتياراتها المختلفة موكباً جماهيرياً مساء أمس، فى وسط العاصمة الخرطوم كتعبير عن الاحتجاج على فصل الجنوب، وارتدى المحتجون شارات سوداء ورفعوا أعلاماً منكسة دلالة على ضياع السودان. من جهة أخرى، نشرت السلطات السودانية تعزيزات أمنية مكثفة فى العاصمة الخرطوم وأم درمان والمناطق المتاخمة، فور إعلان نبأ هروب الرئيس التونسى زين العابدين خوفاً من خروج احتفالات سودانية تتحول إلى انتفاضة شعبية تهدد النظام، وعطلت السلطات شبكة الإنترنت طوال ليلة أمس الأول بشكل جزئى عقب إعلان النبأ، للسيطرة على تفاعل النشطاء السودانيين مع الحدث فى تونس، ودعوة بعضهم للسودانيين للحركة والنزول إلى الشارع. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات