آخر تحديث: الاحد 16 يناير 2011 10:03 م بتوقيت القاهرة
حققت "ثورة الياسمين" في تونس ما كان يعتقد الكثيرون أنه صعب المنال في العالم العربي، رحيل زعيم أوتوقراطي مدعوم من جانب القوى العالمية الرئيسية بفعل شباب البلاد، دون أن يطلقوا رصاصة واحدة.
ويبدو أن التونسيين أنفسهم فوجؤوا بمدى سرعة تطور الأمور في النهاية، في الوقت الذي انصاع فيه زين العابدين بن علي، الذي شغل منصب الرئاسة على مدار 23 عاما، لمطالب المحتجين عبر البلاد بالتنحي، مهرولا إلى السعودية.
ويقول سمير خيري، الخبير السياسي التونسي الذي احتفل بتلك الأنباء في مسيرة بباريس، أمس السبت، لموقع "ميديا بارت" الفرنسي بينما تغمر الدموع عينية: "ثورة! ما كنا نعتقد أن ذلك يمكن أن يحدث".
وقال متظاهر في تونس لـ"ميديا بارت" مفتخرا: "نحن أول شعب عربي يطلق ثورة ويطيح بديكتاتور".
وأشاد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بذلك، وأثنى على شجاعة عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين يواصلون التصدي للنظام، حتى بعد مقتل العشرات على أيدي الشرطة، وقال: "سنظل دائما نتذكر صور الشعب التونسي الذي يسعى إلى إسماع صوته".
لكن في تونس نفسها، ليست هناك مشاهد لمظاهر فرحة غامرة، في الوقت الذي تنتشر فيه دبابات الجيش في الشوارع لاحتواء ممارسات النهب، بينما مارست النخبة السياسية ما يمكن وصفه بـ"لعبة الكراسي الموسيقية".
فسرعان ما تحولت الأجواء العامة من مشاعر البهجة إلى الذعر، في الوقت الذي انتقلت فيه مقاليد السلطة من يد رئيس الوزراء محمد الغنوشي إلى رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع في غضون 24 ساعة.
وأعلن الغنوشي في البداية إنه سيتسلم مهام الحكم بعد فرار بن علي، في انتهاك للدستور، الذي ينص على أن يتسلم رئيس البرلمان السلطة حال أصبح منصب الرئاسة شاغرا.
وبحلول يوم السبت، أدلى المجلس الدستوري بدلوه، وتم تنصيب المبزع رئيسا مؤقتا، الذي وعد بتشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة، تضم جميع التونسيين "بلا استثناء".
وهذه بالكاد بداية مبشرة في الفجر الجديد الذي يطمح إليه الشباب التونسي المثقف، الذي نشأ في ظل رقابة بن علي، ونقص الفرص لأولئك الذين يبعدون عن الدائرة السياسية في البلاد.
وفي الوقت الذي تجري فيه المفاوضات بين الحزب الحاكم (التجمع الدستوري الديمقراطي) والمعارضة، هناك قائمة طويلة من الإصلاحات المطلوبة لتونس ديمقراطية وتعددية حقيقية.
وهناك عدة مطالب للمعارضة، من بينها أن يصدر عفو عام عن السجناء السياسيين، وإلغاء القوانين التي تحد الحرية، وتنظيم انتخابات حرة.
ويؤكد سمير خيري: "نريد أن يتم استجواب نظام بن علي بأكمله".
وتحتاج المعارضة نفسها إلى وقت لتتجمع من جديد، بعد أعوام من التضييق عليها في عهد بن علي، الذي فرت خلاله العديد من الرموز الرئيسية إلى المنفى.
وحتى إذا تغيرت القوانين الانتخابية في البلاد، فإن المعارضة تواجه معركة عسيرة ضد عقود من ممارسات المحسوبية، ومحاباة الأقارب من جانب الحزب الحاكم.
وتقع معظم موارد البلاد في أيدي الموالين للحزب الحاكم، وخاصة عائلة الطرابلسي التي تنتمي إليها زوجة الرئيس السابق بن علي، ليلى.
وفي الوقت الذي تتخذ فيه تونس أولى خطواتها المتأرجحة نحو الديمقراطية، يترقب المجتمع الدولي عن كثب محاولات المتطرفين الإسلاميين لمحاولة ملء فراغ السلطة.
وعلى مدار أعوام، كان ينظر إلى هذا البلد الذي يضم 10 ملايين نسمة على أنه قلعة للاستقرار والعلمانية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، حيث تدفع ممارسات الحكومات الأوتوقراطية بالناس في تلك المنطقة إلى أحضان الإسلاميين.
وتخلو الثورة التونسية من أي رموز إسلامية، غير أن الحكومات الغربية تخشى من فترة ممتدة من الغموض قد يستغلها المتطرفون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات