الأقسام الرئيسية

الإرهاب الالكتروني..قراصنة ومرتزقة

. . ليست هناك تعليقات:

القراصنة المعلوماتيون يؤرقون عصر الانترنت بهجماتهم الأشد ضراوة من المتفجرات لقدرتها على شل القطاعات التجارية والحكومية.

ميدل ايست أونلاين


بقلم: د.خالد محمد غازي


'محارب' الكتروني

بات الإرهاب المعلوماتي كابوس عصر الإنترنت، بما يهدد الأفراد وينال من بنيات الدول بالتخريب، وأصبح هذا النوع من الإرهاب أشد ضراوة من المتفجرات، لا سيما من الناحية المادية، حيث يمتلك القدرة على شل القطاعات التجارية والحكومية، حيث يصعب الحكم على مستقبل هؤلاء الارهابيين، خاصة أنها اصحبت متاحة بتكاليف زهيدة.

(1)

الارهاب الالكتروني عدوان على الآخر يثير الخوف والفزع، وينال من خصوصياتهم مغلفاً بتهديد يتخذ اشكالاً متنوعة مادية او معنوية خلال الاعتماد على الوسائل الالكترونية الحديثة، وتصدر هذه الافعال عن أفراد أو مجموعات او حكومات او دول تستهدف الانسان للتأثير عليه، سواء كان على المستوى الديني او الاخلاقي او الفكري لتغيير فكره او تحويله، وزاد الامر ليشمل كذلك الاموال، وكل ذلك دون حق غير انه صورة من صور الإفساد في الأرض، وأيضاً الارهاب خلال الانترنت هو استخدام التقنيات الرقمية لإخضاع الآخرين أو هو القيام بمهاجمة نظم المعلومات على خلفية دوافع سياسية أو عرقية أو دينية.

ولا يعتبر اللصوص التكنولوجيون فئات ضالة بل اشخاص موظفون لخدمة العديد من الاغراض التي تتعدد بين الشخصية والعامة وتتنوع بين المالية والسياسية والدينية جميعها تكون موجه لخدمة مؤسسات او أنظمة بعينها، انهم في حقيقة الأمر أشخاص على درجة عالية من الذكاء والحنكة في التلصص على شؤون الغير والسيطرة عليهم في كثير من الاحوال.

وتزخر الشبكة العنكبوتية بالكثير من الامثلة على هذه الظاهرة الخطيرة، حيث نما عددهم مع تزايد عدد صفحات الإنترنت، وأخذوا تكثيف جهودها لاستغلال الثغرات الأمنية للدول والافراد الموجودة على الشبكة من أجل تحقيق أهدافهم الخبيثة.

(2)

وتنبع مخاوف وحذر تحفظ المؤسسات المدنية والعسكرية في الاعتماد على الأنشطة الإلكترونية في تصريف شؤونها اليومية والتعامل مع العالم الخارجي، وتعاظم هذا الأمر في الوقت الذي تتحول فيه الكثير من الدول والحكومات نحو تبني المعلوماتية والوسائط الإلكترونية وشبكات الاتصالات المدنية والقواعد البيانية بدلاً من الطرق التقليدية التي لم تعد تتناسب مع متطلبات عصر السرعة.

ويحتل القراصنة الصف الأول بين محاربي العصر الإلكتروني الذين يشنون حملات القرصنة لأسباب سياسية أو عسكرية أو إنسانية وربما بيئية، إذ عانت المواقع الإلكترونية التابعة لوزارة الدفاع الأميركي من هجمات موجعة من قبل القراصنة الصرب عام 1998 لدي قيام القوات الأميركية بتوجيه ضربات جوية على يوغسلافيا، وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أجبرت إسرائيل على إغلاق موقع وزارة الخارجية الفلسطينية بإمطار ذلك الموقع بوابل من رسائل الاحتجاج، الأمر الذي أدي إلى عجز خادمي الموقع عن التعامل مع هذه الظاهرة غير المتوقعة.

وفي السنوات القليلة الماضية، شهد العديد من المدن الغربية مؤتمرات علنية لتجمعاتهم، كما ظهرت مواقعهم على الشبكة الهادفة إلى تبادل الأفكار التقنية فيما بينهم والتعريف بأنشطتهم، وفي كثير من الأحيان لا تنطلق أنشطتهم من دوافع عدائية، وإنما من غرائز ذاتية هدفها تحقيق الذات وإشباع الغرور وتحقيق الانتصار على جهات معينة عند اختراق مواقعها المحصنة.

(3)

كما يمكن إدراج المؤسسات الحكومية بين فئات المحاربين الإلكترونيين، إذ إن متطلبات العصر فرضت عليها إيجاد دوائر وكوادر خاصة لاستغلال أوجه الضعف التي يعاني منها الفضاء الإلكتروني لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية معينة، حيث تقوم بتوظيف مختصين لتطوير وتطبيق مختلف استراتيجيات الحرب الإلكترونية.

وسجلت بعض دول العالم الثالث مثل الصين والهند تقدماً ملحوظاً في هذا المجال، وتمكنت من بناء أرضية صلبة معززة بأعداد هائلة من الكوادر المؤهلة، ونظراً لأن المعلومات من الأصول الثمينة للغاية في المجالات الاقتصادية والعسكرية، كانت دافعاً لافراز مرتزقة لعصر المعلومات أي هم اختصاصيو كمبيوتر يبدون استعداداً لبيع المعرفة وتقديم التدريب اللازم لمن يدفع أكثر، ومن هنا يكون المال دافعهم الوحيد، ولضمان استمرار طلبات الجهات الأخري لمهاراتهم يحرصون دوماً على اكتساب أحدث المعلومات والمعرفة في مجال التكنولوجيا من أجل إشباع طلبات ونهم العلماء الذين يجزلون لهم العطاء.

وهناك عدة أنواع من المرتزقة المعلوماتيين، وعلى سبيل المثال كان لنهاية الحرب الباردة تأثير كبير في أنشطة العديد من وكالات الاستخبارات والمعاهد العلمية في أوروبا الشرقية، وعلى وجه التحديد في الاتحاد السوفييتي السابق وألمانيا الشرقية وبولندا وبلغاريا، حيث فقد الكثيرون من العلماء مناصبهم وجردوا من المزايا الرفيعة التي كانوا يتمتعون بها ولاقى البعض منهم التشرد والحرمان والفقر ليقعوا فريسة سهلة أمام الشركات والأفراد الذين يقتنصون مثل هذه الفرص لاستثمارها على الوجه الأكمل، وينطبق هذا الشأن على علماء دول العالم الثالث الذين لا تتوافر لهم الفرص الحقيقية في بلادهم، فيجدون أنفسهم مجبرين على الهجرة إلى دول أخرى، وقد يقعون في مصيدة جماعات القراصنة القادرين على توفير مستوى معيشي راقٍ لتلك الفئات.

وتأتي الفئة الأخرى من المرتزقة من الدول الغربية ذاتها، إذ إن الركود الاقتصادي والصناعي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى البطالة والاستغناء عن بعض الكفاءات التقنية على الرغم من المستوى المهاري والتدريبي المتقدم الذي يتمتعون به، وعندما تنقطع بهم السبل ويعجزون عن الالتحاق بمؤسسة مرموقة تفي باحتياجاتهم المادية، يتجهون فوراً نحو جماعات القرصنة، وتستهويهم فكرة التطفل واختراق مواقع جهات مستهدفة لأهداف معينة، أما الفئة الأخيرة من المرتزقة فهي تلك الجماعات التي تخلت عن النهج الفلسفي والأخلاقي البعيد عن التدمير، لتتحول إلى عصابات يحكمها الطمع بالمال والحصول عليه بأية طريقة، ومع أن معظم المرتزقة يؤدون العمل بمعزل عن سيطرة وتوجيه الآخرين، إلا أن المهارات التقنية التي يمتلكونها تلاقي رواجاً بين عدة أنواع من المؤسسات، ومن المرجح جداً أن يتم استغلالهم من قبل الجماعات الإجرامية العالمية للتحكم بتدفق الأموال في أرصدتهم وتشتيت وتدمير المعلومات المتعلقة بهم في القواعد البيانية التابعة للدوائر الحكومية والشرطة.

(4)

وتقوم مؤسسات استخباراتية خاصة باجتذاب أعداد من المرتزقة للاستفادة من خدماتهم في التعاقد مع شركات كبري تسعي للحصول على معلومات مهمة عن منافسيها، وتقوم شركات أخرى بتوظيف المرتزقة وتوجيههم لإلحاق الضرر المادي والمعنوي بالمنافسين من خلال تدمير ثقة عملائهم بهم، فأصبحوا خلال السنوات القليلة الماضية سلاحاً مؤثراً في أوساط الجماعات الإرهابية، حيث تم استغلالهم لنشر رسائلهم السياسية عبر الإنترنت وطلب الفدية، بعد زرع فيروسات أو قنابل منطقية أو من خلال العمليات غير المشروعة لتحويل الأرصدة أو الحسابات، وأخيراً يمكن توظيفهم من قبل الدول من أجل التخطيط أو القيام بهجمات إلكترونية أو لجمع المعلومات عن الجهات والدول المعادية، وعلى ضوء هذه الحقائق مجتمعة ينبغي التعامل مع المرتزقة على أنهم يشكلون تهديداً لأمن الدول، وفي الوقت الذي يؤكد الخبراء فيه صعوبة خوض معركة حاسمة مع هذه الفئات من البشر، يكون لزاماً على جميع الدول توظيف جيوش من الخبراء المسلحين بأرفع الدرجات العلمية والخبرات الفنية والتقنية للرد على أي هجوم من المرتزقة.

* د.خالد محمد غازي: رئيس تحرير وكالة الصحافة العربية

k@k-ghazy.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer