بعد استقالة وزراء المعارضة في لبنان من الحكومة تتجه الانظار الى الخطوة التي سيقدم عليها الحريري بعد عودته الى بيروت في ساعة متأخرة من الليل وبعد اجتماعه المقرر مع الرئيس الفرنسي، والى المراسيم المتوقع صدورها عن القصر الجمهوري المتعلقة بتحديد موعد الاستشارات النيابيّة الملزمة لتكليف من يحظى بالاكثرية تأليف الحكومة الجديدة.
بيروت: ماذا بعد استقالة حكومة الوحدة الوطنية وهل ستشكل حكومة جديدة، ومن هي الشخصّة التي ستتولى رئاستها؟ اسئلة انشغلت الاوساط الرسميّة والسياسيّة ومعها الشارع اللبناني في البحث عن اجابات لها ظلت مستعصية عليها في ظل الانقسام الحاد بين فريقي 14 آذار و8 آذار، حيث بقي كل منهما ثابتًا على مواقفه مردِّدًا لأزمة "اليد المدودة" للطرف الآخر والاستعداد للحوار معه من دون تقديم اي تنازلات وأن طفيفة تمهّد له، فالأول متمسك بالمحكمة الدولية الناظرة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ويرفض المس بها مع استعداده للبحث في استيعاب القرار الظني بعد صدوره عنها والمتضمن كما يتردد اتهامًا لعناصر من "حزب الله" بالضلوع في الجريمة. والثاني يرفض المحكمة من ألفها إلى يائها، ويطالب بحلها عبر سحب القضاة اللبنانيين منها ووقف تمويلها وذلك قبل صدور القرار المذكور.
وأمام هذا المشهد الضبابي والمضطرب بعد التطورات الدراماتيكية التي شهدها يوم أمس بإعلان وزراء المعارضة العشرة ومعهم وزير الدولة عدنان السيد حسين (المحسوب على رئيس الجمهورية) استقالتهم من الحكومة بتوقيت مدروس ومتعمد تزامن مع دخول رئيس الحكومة سعد الحريري إلى البيت الابيض للقاء الرئيس باراك اوباما، ومن ثم اعلان رئيس الجمهورية اليوم اعتبار الحكومة مستقيلة نظرًا لاستقالة ثلث اعضائها، كما ينص الدستور في سابقة هي الاولى في تاريخ لبنان المعاصر، تتجه الانظار الى الخطوة التي سيقدم عليها الحريري بعد عودته الى بيروت في ساعة متأخرة من الليل وبعد اجتماعه المقرر مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساكوزي في باريس ، وإلى المراسيم المتوقع صدورها عن القصر الجمهوري المتعلقة بتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف من يحظى بالأكثرية لتأليف الحكومة الجديدة.
وفي هذا الاطار يرى رئيس الحكومة الاسبق الدكتور سليم الحص استحالة تأليف حكومة في المدى المنظور وقد قال لـ "إيلاف" إنّ لبنان دخل في ازمة سياسية كبرى لا يعرف مداها خصوصًا مع احتدام الخلاف بين فريقي النزاع على الساحة المحلية وصعوبة التوفيق فيما بينهما حتى على أمور صغيرة. ولدى سؤاله عن رأيه في ما يتردد عن تحول الاقلية الى اكثرية بعد انضمام رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إليها أجاب بأن الصورة غير واضحة المعالم بعد، وإن كانت المؤشرات تدل على ان الاكثرية المتعارف عليها بـ 14 آذار لم تعد ثابتة كما كانت من قبل.
من جهته، يخالف عضو كتلة المستقبل النيابية الدكتور أحمد فتفت رأي الرئيس الحص إذ يؤكد بأن النائب جنبلاط اعلن اكثر من مرة انه لن يرشح الا الحريري لرئاسة الحكومة وهذا ما قاله حتى رئيس مجلس النواب نبيه بري اخيرًا، محذّرًا من المساس بموازين القوى وبمن يمتلك الزعامة على رأس هذه الطائفة او تلك، مذكرًا بأن الاكثرية الحالية وبعد فوزها بانتخابات العام 2009 كان بإمكانها اختيار غير الرئيس بري لرئاسة البرلمان لكنها لم تفعل حرصًا على المعادلة المعروفة . هذا ويتوقع فتفت ان تسلك الازمة السياسية التي ادخلنا حزب الله بها طريقين . الاول قيام رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بالدعوة سريعًا الى اجراء الاستشارات النيابية الملزمة التي سيعاد اثرها تكليف الحريري لتشكيل الحكومة لأن لا مرشح لدينا غيره، او يعمد الى ارجاء هذه الاستشارات ريثما يجري مشاورات واتصالات للتوصل الى اتفاق بين الاطراف اللبنانية ولو على الحد الادنى علمًا انه في كلتا الحالتين سنشهد ضغوطات ومحاولات ابتزاز من جانب المعارضة لتحسين شروطها وفرض مطالبها".
كلام فتفت عن التزام بري بإعادة ترشيح الحريري كما صرح بذلك قبل ايام رد عليه عضو كتلة التنمية والتحرير النيابية التي يرأسها بري عبر "إيلاف" اذ اوضح بان ما اعلنه رئيس البرلمان كان قبل اقدام وزراء المعارضة على الاستقالة، لافتًا الى اللقاء الذي عقد اليوم بينه وبين رئيس الجمهورية على هامش حفل الغداء الذي اقيم في القصر الجمهوري على شرف أمير موناكو تناول مسألة الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة والتي يصر بري على بدئها مطلع الاسبوع المقبل . كما توقع موسى ان تعقد الكتلة التي ينتمي إليها اجتماعًا للبحث في الموقف الذي ستتخذه من هذه الاستشارات والاتفاق على الشخصية التي ستسميها الكتلة للقيام بتأليف الحكومة.
هذا وعلمت "إيلاف" ان الرئيس العماد ميشال سليمان تمنى على المعارضة التريث وامهاله بعض الوقت قبل الاقدام على استقالة وزرائها افساحًا للمجال امام المزيد من مشاورات "ربع الساعة الأخير"، مشيرًا إلى ان الحكومة الحالية وقبل استقالتها كانت مجمّدة لكن وجودها افضل من عدمه. وأبدى سليمان تخوّفه من عدم القدرة على تشكيل حكومة جديدة نظرًا للأوضاع المعقدة، خصوصًا بعد انهيار المساعي التي كانت تقوم بها كل من السعودية وسوريا لمعالجة الازمة الراهنة التي دخلت على ما يبدو في نفق شديد الظلام لا أفق له حتى الساعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات