أعطى لقاء رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ومع نجله ومستشاره الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، أول من أمس، خلال الزيارة التي قام بها الى نيويورك للاطمئنان الى صحة الملك عبدالله بعد العملية الجراحية التي أجريت له، دفعاً للمداولات في شأن تظهير الاتفاق السعودي – السوري الذي تقول مصادر عدة بما فيها مصادر سورية، إنه بات ناجزاً. إلا أن مصادر مقربة جداً من الحريري أوضحت لـ «الحياة» أن «الجانب الآخر لم يقم بأي خطوة إيجابية من الخطوات التي تم الاتفاق عليها».
وإذ رجع الحريري من زيارته نيويورك التي رافقه فيها مدير مكتبه نادر الحريري، أمس وأجرى فور وصوله، وفق بيان لمكتبه الإعلامي، اتصالاً برئيس الجمهورية ميشال سليمان «للتداول في التطورات الراهنة»، فإنه عاد فغادر الى الرياض في زيارة خاصة.
وفيما تمت زيارة الحريري نيويورك وسط سيل من التكهنات والتسريبات عما تتضمنه التسوية المنجزة بين الرياض ودمشق وعن أنها ستقود الى إجراءات بالتخلي عن المحكمة الخاصة بلبنان وأن الاتفاق الناجز ينتظر تنفيذه خطوات من الحريري، قالت مصادر مقربة جداً من الأخير لـ «الحياة»: «في الحقيقة إن سعد الحريري وافق على الاتفاق السعودي – السوري، لكن لسوء الحظ لم يقم الجانب الآخر حتى هذه اللحظة بأي خطوة إيجابية من الخطوات التي تم الاتفاق عليها والتعهد بها أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وهناك محاولة للهروب الى الأمام للالتفاف على س - س لفتح حوارات مع جهات أخرى».
وكان الحريري قال في 2 كانون الأول (ديسمبر) أثناء زيارته الرسمية فرنسا، رداً على سؤال عن اتهامه بتضييع الوقت في جولاته الخارجية، إن من يتهمونه بذلك «هم الذين يجب عليهم أن يقوموا ببعض الأمور وهم يعرفون أنفسهم ولم يقوموا بما عليهم». إلا أن الحريري لم يوضح ما هي الأمور التي على الفريق الآخر القيام بها حينه ولا المصادر المقربة جداً أفصحت أمس لـ «الحياة» عن ماهية الخطوات التي تم الاتفاق عليها والمطلوبة من «الجانب الآخر»، كما قالت.
وكانت «الحياة» أشارت في 21 الجاري الى أن الحريري والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله أبديا موافقتهما كل من جهته على الاتفاق السعودي – السوري على أن يبقى سرياً.
وقالت مصادر مطلعة أمس إن لا صحة للأنباء عن أن الأمير عبدالعزيز بن عبدالله سيزور بيروت أو دمشق قريباً.
ونتيجة لشحّ المعلومات حول ما تتضمنه التسوية انشغل الوسط السياسي بسيل من التكهنات عما تنص عليه الى درجة أن النواب والسياسيين من الفريقين أخذوا يتبادلون التهم حول تعطيل التسوية إزاء رفض كل منهم تكهنات الآخر في شأنها، فتحدث بعض رموز 14 آذار عن أفكار مطروحة على الجانبين السعودي – السوري، ولم تصل الى صيغة متكاملة، ورفض بعضهم الركون الى تسريبات تصدر عن الإعلام الموالي لفريق المعارضة، فيما اعتبر نواب من «حزب الله» أن «المؤشرات السلبية عن التسوية تصدر من بعض المتضررين من الفريق الآخر الذين يعرفون أن التسوية ستكون على حسابهم».
واستمرت المواقف التي أعلنها الرئيس سليمان خلال الأيام الماضية عن تمسكه بموقفه عدم طرح ملف شهود الزور على التصويت كما تطالب به المعارضة، نتيجة مراهنته على معالجته بالتوافق استناداً الى معطيات لديه ترجح هذا الخيار، رداً على انتقاده من زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون. وأثنى البطريرك الماروني نصرالله صفير على مواقف سليمان وكذلك عدد من رموز قوى 14 آذار.
وأعلن رئيس «حزب الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل أن «كل المبادرات التي يتم التداول فيها لبنانية كانت أم عربية أم دولية ولا تأخذ في الاعتبار معرفة الحقيقة كاملة حول اغتيال بعض القادة اللبنانيين لن تجدي نفعاً». ورأى أن طرح موضوع شهود الزور أمام مجلس الوزراء «هرطقة قانونية».
واجتمع رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس مع الرئيس سليمان، بعد انقطاع للقاء التقليدي الأسبوعي بينهما من دون أن يرشح شيء عن الاجتماع، فيما قال نواب إن بري سيعاود تنظيم لقاء الأربعاء مع النواب وسيدعو مطلع العام الجديد الى جلسة تشريعية.
ولفت مستشار الحريري الوزير السابق محمد شطح الى أن الذين يتكلمون عن تفاصيل التسوية السعودية – السورية «يقولون إن لا أحد يعرف تفاصيلها إلا شخصين أو ثلاثة ومن ثم يعودون ويتكلمون عن تفاصيلها»، متمنياً على «من يطلقون المواقف أن يتحدثوا فقط بما يعرفون»، ومعتبراً أن «معظم ما يُقال عن مواقف الرئيس الحريري بصورة عامة غير صحيح».
وقال شطح في حديث الى «أخبار المستقبل»: «نعلم أن المحادثات بين المسؤولين السوريين والمسؤولين السعوديين وآخرين تتناول بالدرجة الأولى كيفية تعزيز الاستقرار قبل وبعد صدور القرار الاتهامي، كما تتناول كيفية فصل المسار القضائي للمحكمة عن مسار الدولة وعن عمل المؤسسات ومنها السياسية وغيرها، وعن كيفية تأكيد التعايش الوطني والتعايش بين الفرقاء السياسيين قبل وبعد القرار الظني».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات