بقلم سليمان جودة ١١/ ١١/ ٢٠١٠
قبل أيام، كان عبدالسلام المحجوب، وزير التنمية المحلية، قد شهد حفلاً وزع فيه ١.٢ مليون جنيه، قروضاً من الصندوق الاجتماعى، لـ٥٥١ مشروعاً من المشروعات الصغيرة، ولو أنك حسبتها، فسوف تجد أن كل مشروع سوف يخصه ٢٠٠٠ جنيه تقريباً! وفى التوقيت ذاته، الذى انعقد فيه الحفل، كانت «المصرى اليوم» تحتفل هى الأخرى بإصدار كتابها الأول «الرأسمالية الطيبة والرأسمالية الخبيثة»، وهو كتاب لثلاثة مؤلفين أمريكان، وقد انتقل من لغته الأصلية إلى لغتنا، بفضل تعاون بين الصحيفة، وبين مركز المشروعات الدولية (cipe). الكتاب مهم، وكل واحد فينا مدعو إلى أن يقرأه، وأظن أن الدكتور إبراهيم البحراوى، قد أظهر هذه الأهمية، ببراعة، حين كتب عنه مرتين، فى مقالته الأسبوعية، فى «المصرى اليوم»، ولكن هذا لا ينفى أن نعود إليه، مرة أخرى، من زوايا جديدة، لأنه يستحق، ولأنها تستحق! وإذا كان هناك شىء محدد فى الكتاب، يستأهل التركيز عليه بقوة، اليوم، فهو إشارته الواضحة إلى الدور المهم جداً، الذى يمكن أن تلعبه المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فى إجمالى ناتج أى اقتصاد قومى، فى أى بلد. وحين يقال - مثلاً - إن ٣٠٪ من إجمالى الناتج القومى الأمريكى، فى ٢٠١٠، يأتى مباشرة من شركات صغيرة، لم تكن موجودة أصلاً، فى الولايات المتحدة، قبل عام ١٩٨٠، فإن لنا، عندئذ، أن نتخيل حجم ما يمكن أن تمثله شركات من هذا النوع، فى اقتصادنا إجمالاً، لو أنها صادفت يداً ممدودة من الحكومة تساعدها، وتدعمها، وتساندها بجدية! والدعم هنا، لا يكون بمجرد منح قرض، لعدد من الشركات والمشروعات، من النوع الذى كان الوزير المحجوب شاهداً عليه، فالموضوع، كفكرة، ثم كتطبيق وممارسة، أكبر من ذلك بكثير، لأنه لا يمكن أن يأتى الدعم، والحال هكذا، من صندوق اجتماعى هنا، أو وزارة تنمية محلية هناك، وكأنه صدفة عابرة، مع إقرارنا بالطبع بأهمية ما يؤديه الصندوق والوزارة معاً، فى هذا الاتجاه، ولكن القصد، أن دعم، ومساندة، ومساعدة المشروعات الصغيرة، يتعين أن تكون فى حالة كهذه، فلسفة متكاملة لدولة بكاملها، لا تمنح المشروع ٢٠٠٠ جنيه، ثم تتركه يذهب «هو وحظه» وإنما تتكفله، حتى ينجح، وينتج، ويجتذب مشروعات أخرى، من نوعه، إلى جواره! إننا لا نتوقف طول الوقت، عن الكلام، عن دعم المواطن، فى سلع مختلفة، وحين نتحدث عن هذا الدعم، فيجب ألا ننسى أبداً، أننا ندعم مستهلكاً، لا منتجاً، فى حين أن دعم المشروعات من النوعية التى تنتج وحدها ثلث الاقتصاد الأمريكى، إنما هو، فى أساسه، دعم لمنتجين لا مستهلكين! ولا نريد أن نعيد تذكير أنفسنا بأن المشروعات الصغيرة تتيح، بطبيعتها، فرص عمل، أكثر مما تتيحه المشروعات الكبيرة، وهى فرص نحن أحوج الناس إليها، فهذا طبعاً معروف، ومحفوظ، ولكن على الجانب الذى يهمنا هنا، لابد أن نحسم أمرنا، وأن ننحازه، كحكومة، إلى دعم المنتج - لا المستهلك - وألا ننتظر، لأن ذلك لا يحتمل الانتظار! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات