أجرت الحوار فى واشنطن هبة القدسى ٢٢/ ١١/ ٢٠١٠
تجتذب الانتخابات البرلمانية المصرية، ومن بعدها الانتخابات الرئاسية اهتماماً متزايداً من الدوائر السياسية الأمريكية، ولا تستطيع الدوائر الأمريكية أن تترك القضية وشأنها على اعتبار أنها شأن داخلى مصرى، فالملف الثنائى يحمل العديد من القضايا «ذات الاهتمام المشترك» التى تدفع الولايات المتحدة إلى أن يكون لها «عين» على ما يدور فى مصر، وأحياناً «ذراع». «المصرى اليوم» تفتح من خلال حوارات مع الخبراء والمسؤولين الأمريكيين ملفاً لتسليط الضوء على ردود الفعل الأمريكية تجاه الانتخابات، وتجيب عن السؤال «كيف تهتم الولايات المتحدة بانتخابات مصر؟». قالت مسؤولة مصر بمكتب الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية نيكول شامبين إن الولايات المتحدة لا ولن تتدخل فى اختيار أشخاص أو فرض سياسات على مصر، مؤكدة أهمية دور مصر بالنسبة للولايات المتحدة فى عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأضافت، فى حوارها مع «المصرى اليوم»، أن المفاوضات مستمرة بين حكومتى مصر والولايات المتحدة لإقناع مصر بقبول الرقابة الدولية، مشيرة إلى أن قبول هذه الرقابة الدولية سيظهر مصر أمام العالم كـ«دولة ديمقراطية» تتمتع انتخاباتها بالمصداقية.. وإلى نص الحوار: ■ يطالب مجموعة من الباحثين الأمريكيين والنشطاء المهتمين بالشأن المصرى، الإدارة الأمريكية بالضغط على مصر لتنفيذ إصلاحات ديمقراطية وضمان إجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة، فما فحوى المحادثات التى تقوم بها الإدارة الأمريكية مع مصر بهذا الخصوص؟ - نحن واضحون جدا حول بعض الحقائق فيما يتعلق بمستقبل مصر السياسى، وقلنا إنه من المهم لمصر أن تضمن إجراء انتخابات تتسم بالمصداقية والشفافية، وذلك لأننا نرى مصر دولة قائدة فى منطقة الشرق الأوسط، وجزء من هذه القيادة هى قدرة مصر على الظهور أمام شعبها، وأمام شعوب المنطقة العربية، وأمام العالم كله، بأن لديها انتخابات عادلة وحرة ومفتوحة، وهو شىء يثير اهتمامنا، كما يثير اهتمام المصريين واهتمام جميع دول العالم. وقد عبر كل من الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كيلنتون عن اهتمامهما بوجود انتخابات برلمانية حرة فى مصر، وأن يتم السماح للمراقبين المحليين والدوليين بمراقبة العملية الانتخابية، كذلك وسائل الإعلام المصرية، والسماح للأفراد بالتجمعات السلمية لكى يعبروا عن آرائهم. ومن مصلحة مصر أن تقدم للشعب المصرى وللعالم نموذجاً لتطبيق الديمقراطية، وأنها أجرت انتخابات حرة ومفتوحة وتتمتع بالمصداقية. وقد شهدت انتخابات مجلس الشورى حوادث مؤسفة للناخبين الذين منعتهم قوات الأمن المصرية من دخول مراكز الاقتراع، ومن المهم ألا تتكرر هذه الحوادث وألا يتم منع الناخبين أو المراقبين المحليين والدوليين من دخول مراكز الاقتراع. ■ هل تقدمت الإدارة الأمريكية بطلب رسمى إلى الحكومة المصرية للسماح بوجود مراقبين دوليين من الولايات المتحدة؟ - الحكومة الأمريكية لا تقوم بمراقبة الانتخابات، لكن نشطاء من المجتمع المدنى الأمريكى تقدموا بطلبات بهذا الشأن، ودورنا فقط هو تشجيع الحكومة المصرية وحكومات العالم- بصفة عامة- على السماح لهذه المنظمات لتقوم بعملها بشكل فعال. ■ البعض ينظر لهذه المنظمات على أنها تعبر عن مصالح خاصة ولديها معايير قد لا تصلح للتطبيق فى مصر.. فما ردك؟ - نحن نتحدث فقط عن ضمانات ليكون للناخبين المصريين حق الوصول إلى مراكز الاقتراع دون انتهاكات، وعن ضمانات لتتم عملية التصويت بشفافية، وهذه معايير بسيطة وليست صعبة أو معقدة والمنظمات التى تطالب بمراقبة الانتخابات البرلمانية المصرية لها خبرة طويلة فى مراقبة انتخابات فى عدد كبير من البلاد، ومعظم المراقبين لديهم تدريب عال المستوى، وشاركوا فى انتخابات عديدة وهى عملية لا تنفرد بها مصر، فالعمليات الانتخابية تجرى فى جميع أنحاء العالم.■ تجاهلت الحكومة المصرية هذه المطالب الأمريكية واعتبرتها تدخلاً فى الشأن المصرى وترفض باستمرار وجود مراقبين دوليين للانتخابات، فما ردكم على هذا الموقف المصرى؟ - هذه أمور سنظل نناقشها مع الحكومة المصرية وسنظل نطرحها على مائدة المحادثات الثنائية مع الحكومة المصرية ومع المنظمات المصرية، على أمل أن تؤدى هذه المحادثات إلى نتائج مثمرة. ونحن مهتمون جدا بما يتعلق بالقرارات الحكومية إغلاق قنوات فضائية وبرامج حوارية معينة، ونؤمن بأن انفتاح الإعلام والسماح للقنوات الفضائية بالعمل قضية مهمة لأنه يجب أن يكون هناك مجال للأشخاص، ليعبروا عن آرائهم بحرية وبشكل سلمى. وملاحقة المعارضين ومنع التجمع السلمى من الأمور التى تثير قلقنا أيضا. ■ هل إجراء انتخابات برلمانية دون وجود مراقبين دوليين سيكون له تأثير على رؤيتكم لنتائج هذه الانتخابات؟ - لا أريد التنبؤ أو افتراض شىء من عندى، المهم بالنسبة لنا هو وجود مراقبين دوليين ومراقبين من المجتمع المدنى المصرى، وإلا سيكون من الصعب على الحكومة المصرية أن تثبت أن انتخاباتها كانت مفتوحة وشفافة ونزيهة. ولن نحكم مسبقا على ما سيحدث، المصريون فقط هم الذين سيحكمون على مسيرة العملية الانتخابية ونتائجها. ■ هل تعتقدين أن الرفض للرقابة الدولية هو رفض حكومى فقط أم أن الشعب المصرى يرفض أيضا هذه الرقابة ويعتبرها تدخلا أمريكياً فى الشأن المصرى؟ - أعتقد أن هناك عدداً كبيراً من المصريين يريدون وجود مراقبة دولية للانتخابات، بحيث تكون لها مصداقية عالية، وما نقوم به ليس محاولة لفرض هذه الرقابة وإنما ترديد لهذه الأصوات من داخل مصر، التى تريد إجراء انتخابات شفافة، والأمر فى النهاية يرجع للحكومة المصرية لتقرر شكل الانتخابات التى تريدها. ■ ما الدور الذى تلعبه «سكوبى» وماذا سيكون دور السفارة الأمريكية فى القاهرة خلال الانتخابات البرلمانية؟ - أحد المهام التى يقوم بها السفير الأمريكى فى أى دولة هو التفاعل مع كل التيارات الفاعلة فى المجتمع والتفاعل مع المسؤولين الحكوميين والقيادات السياسية والنشطاء السياسيين، وهذا ما تقوم به السفيرة مارجريت سكوبى فى مصر، وأى سفير أمريكى فى أى دولة أخرى وهذا جزء من عمل البعثات الدبلوماسية، وهى ليست مساندة أو تفضيلاً، فنحن ليس لدينا تفضيل لشخص أو حزب على الآخر وليس لنا تدخل فيمن يجب أن يرشح نفسه، فتلك قرارات ترجع للمصريين وهذا ليس شأننا. كما أن من دور السفارات الأمريكية فى كل العالم هو متابعة الانتخابات، وليس لنا مراقبون بشكل رسمى فى الانتخابات المصرية، لكننا نحاول من خلال السفارة الأمريكية فى القاهرة «جس النبض» لما سيحدث، وهو أمر نقوم به فى كل الانتخابات فى كل العالم. ■ البعض يضخم من قوة ونفوذ جماعة الإخوان المسلمين ويعتبرها القوة المعارضة الأكثر تنظيما فى مصر والبعض الآخر يقلل من قوتهم ويعتبرهم مجرد «فزاعة» تستخدمها الحكومة المصرية لتخويف الغرب من مجىء سلطة دينية إلى الحكم، فما رأيك فى قوة ونفوذ جماعة الإخوان المسلمين ودورها فى مصر؟ - أنا لست فى موقف لتقييم قوة ونفوذ الإخوان المسلمين ونحن نتحدث مع جماعات إسلامية حول العالم مادامت جماعات تنبذ العنف وملتزمة بالمبادئ الديمقراطية، ونحن مستعدون للعمل مع جماعات إسلامية سلمية وتحترم الديمقراطية. ■ فى ظل نتائج انتخابات الكونجرس وسيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، هل سيظل الرئيس أوباما مهتماً بقضية الديمقراطية فى مصر؟ - لا أعتقد أن الرئيس أوباما سيدير ظهره للديمقراطية فى مصر وفى منطقة الشرق الأوسط، لأنها مبادئ وأهداف تمثل جزءاً من القيم الأمريكية والسياسة الخارجية. ■ هل سيغير الرئيس أوباما من سياساته المتوددة لمصر، وللعالم الإسلامى والشرق الأوسط ويتبع سياسات سلفه جورج بوش فى الضغط وتوجيه الانتقادات العلنية إذا استمرت الحكومة المصرية فى تجاهل المطالب الأمريكية.؟ - عندما جاء الرئيس أوباما، كان واضحاً أنه مهتم بالعلاقة مع مصر والعالم الإسلامى ومهتم بالحوار مع الحكومة والمجتمع المدنى المصرى، لذا فإن نبرة الحديث التى استخدمها هى التفاوض مع الآخرين باحترام، وهذا لا يعنى أنك لا تستطيع أن تعبر عن رؤيتك بشكل واضح وصريح، وقد قمنا بإصدار تصريحات وتعليقات على عدة قضايا أثارت قلقنا فى مصر ومنها تمديد قانون الطوارئ ومقتل خالد سعيد والقبض على المدونين وأصدرنا بيانات وتصريحات وكنا واضحين وصريحين فى التعبير عن قلقنا عما يجرى فى مصر، لكن أسلوب التعامل يتم بشكل يحترم الآخرين ونؤمن بأن هذا هو الأسلوب الصحيح.■ إذا لم تستجب الحكومة المصرية هل ستلوحون بورقة المعونة الأمريكية؟. - إننا سنستمر فى تشجيع الحكومة المصرية فى المحادثات العلنية والخاصة لتبنى الإصلاحات السياسية، ونحن أيضا نعمل بشكل واضح وشفاف فى مساعدة المجتمع المدنى فى مصر ماليا، ولمساعدة المصريين للوصول إلى ما يريدون ونساند المنظمات المصرية التى تعمل فى مجال الإصلاح السياسى وحقوق الإنسان. فبرنامج المساعدات واضح ومعلن، لكن المحادثات الدبلوماسية ليست معلنة، ولن نقترب من مبالغ المعونة الأمريكية التى تبلغ ٢٥٠ مليون دولار، نحن نستحدم تمويلاً آخر لمساندة المنظمات المصرية غير المسجلة. ■ ما شكل هذه المساعدة وحجم المساعدة المالية لمنظمات المجتمع المدنى المصرى؟ - نحن نساعد المنظمات المصرية خلال الانتخابات البرلمانية بتدريب أعضائها حول كيفية مراقبة الانتخابات وتدوين الملاحظات حولها والتأكد من إجراء انتخابات لها مصداقية عالية، وقد تم رصد ٢١٠ ملايين دولار منذ عام ٢٠٠٦ لمساعدة أنشطة دعم الديمقراطية فى مصر. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات