بقلم أحمد المسلمانى ٢٢/ ١١/ ٢٠١٠
ما رأيته فى مدريد، شاهدته مرة أخرى فى بودابست، كان المشهد متشابهاً إلى حد التطابق.. قبل عام تقريباً، تشرفت بحضور محاضرة كبير العلماء العرب الدكتور أحمد زويل فى مدريد، كنت جالساً إلى جوار السفير ياسر مراد، سفيرنا فى إسبانيا.. وما إن انتهى الدكتور زويل من محاضرته العلمية حتى دوت القاعة بالتصفيق، ثم طلب رئيس الجلسة من العلماء الحضور أن يبدأوا النقاش.. لكن المفاجأة أنه لا أحد طلب النقاش. كرر رئيس الجلسة وهو أيضاً رئيس الأكاديمية الإسبانية للعلوم طلبه من القاعة ببدء الحوار.. لكن لا حوار.. ولا نقاش.. ولا أى أيد مرفوعة.. استمر ذلك طويلاً حتى قام العلماء للسؤال والاستفسار.. كنا فخورين للغاية.. السفير وأنا وكل المصريين والعرب.. أن لدينا عالماً بوزن أحمد زويل. المشهد ذاته تكرر فى بودابست.. كان الدكتور زويل مدعواً إلى المجر لتسلم شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة «إلتى»، واسمها المعروف «ELTE UNIVERSITY»، وهو اختصار لاسمها الرسمى «EOTVOS LORAND UNIVERSITY» وهى جامعة عريقة.. تحتفل الآن بمرور (٣٧٥) سنة على تأسيسها. ألقى الدكتور أحمد زويل محاضرته العلمية، ثم دوت القاعة بالتصفيق، ثم طلب رئيس الجامعة من الحضور بدء النقاش.. لكن أحداً لم يرفع يده.. وتكرر الطلب عدة مرات حتى كاد رئيس الجلسة ينهى اللقاء بعد المحاضرة.. كان المشهد الذى عايشته فى مدريد هو ذاته الذى وجدته فى بودابست. كنت فخوراً أن أجد تلك المسافة الكبرى بين واحد منا وبينهم.. ولقد كان ذلك واضحاً فى حفل العشاء الذى أقامه السفير على الحفنى، سفيرنا المتميز فى المجر.. وحضره سفراء المغرب والجزائر وفلسطين ورموز الجالية العربية. قال لى الدكتور أحمد زويل: إننى مأخوذ بفكرة التقدم والخطوات التى تتخذها الشعوب للأمام، كما أننى مأخوذ أكثر وأكثر بمعالم ذلك الجسر الحضارى الذى يصل التخلف بالتقدم.. والذى يرمم ما بين هبوط وصعود الأمم، وفى حالة المجر، كلما أتيت إليها وجدت جديداً.. ثمة مبان أكثر جمالاً ورونقاً، وثمة تاريخ تجرى استعادته.. وثمة مشروعات تتوالى فى دأب وأمل. ثم أبطأ الدكتور زويل الخطى وقال: إن الشارع الذى نمشى فيه الآن لم يكن كذلك.. ولا واجهات المبانى كانت كذلك. صحيح أن عدداً من المجريين ربما يجدون حنيناً إلى الشيوعية وربما يجدون إحباطاً من المسافة الطبقية بين الأغنياء وغير الأغنياء. وربما يجدون كذلك قلقاً بشأن الحاضر والمستقبل إزاء نظام رأسمالى لا يقف مكانه.. وقد تطيح تقلباته بمدخرات الناس وممتلكاتهم. لكن المؤكد هنا أن الناس تفكر فى ذلك وهى تخطو للأمام.. إنها تناقش ذلك وهى تعيد بناء الدولة.. وإذا جئت إلى بودابست بعد عام ستشعر بسهولة أن ذلك العام لم يكن ضائعاً من عمر الشعب. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات