بقلم سليمان جودة ٢٦/ ١١/ ٢٠١٠ |
فى وقت من الأوقات، كان الشائع بين الناس، هو الدعوة إلى كفالة يتيم لا يجد ما يعينه على أعباء الحياة.. ثم تطورت المسألة، وسمعنا هذا العام، وربما العام السابق، عن الدعوة إلى كفالة قرية بكاملها! ولم ننتبه، ونحن مشغولون بتطور مثل هذه الدعوة، إلى أننا سوف نجد أنفسنا، ذات يوم، مطالبين بكفالة بلد بكامله، وليس مجرد يتيم على مستواه، أو قرية فى حدودها! وقد حدث هذا فعلاً، صيف هذا العام، دون أن يلفت الموضوع أنظارنا، ربما لأنه كان بعيداً عنا، وعن بلادنا! ففى منتصف هذه السنة، كانت اليونان كدولة أوروبية تقف على حافة الإفلاس، وكان العجز فى ميزانيتها العامة قد وصل إلى حد أرغمها على اتخاذ إجراءات تقشف قاسية فى الإنفاق العام، وكان مواطنوها يخرجون فى مظاهرات تملأ الشوارع، تعبيراً عن الضيق من تلك الإجراءات.. وكانت.. وكانت.. إلى أن وجد الاتحاد الأوروبى، الذى تظل اليونان، كدولة، عضواً من بين أعضائه، أنه مرغم على كفالتها، بالضبط كما نكفل نحن اليتيم مرة، أو القرية مرات، وكان لابد أن يتدخل الاتحاد، وأن يمد يد العون إليها، وقد تدخل بالفعل، ولولا ذلك، لكانت اليونان قد أفلست بالفعل! ولم يتوقف الأمر عند حدود اليونان، لأن العالم قد فوجئ، هذه الأيام، بأن أيرلندا هى الأخرى تواجه عجزاً، يوشك أن يقذف بها إلى الإفلاس أيضاً، وكان لابد من كفالتها، ولم يكن من الممكن أن تأتى الكفالة من جهة أخرى غير الاتحاد الأوروبى، لأن أيرلندا عضو فيه، ولأن ما يحدث فيها يؤثر فيه، وكذلك العكس. وبسرعة كانت منطقة اليورو، وهى تضم ١٦ دولة داخل الاتحاد، قد قررت مساعدة أيرلندا بـ١٣٦ مليار دولار! ويقال اليوم، إن كفالة الاتحاد الأوروبى ربما لا تتوقف عند حدود اليونان، سابقاً، ولا أيرلندا، حالياً، وأنه قد يجد نفسه مدعواً، مستقبلاً، إلى كفالة دول أخرى أعضاء فيه، على رأسها البرتغال وإسبانيا! كل هذا نتابعه، ولسنا طرفاً مباشراً فيه، ولكن الذى يجب أن ننشغل به، وأن نتساءل عنه، هو موقعنا من كفالة من هذا النوع، وعما إذا كان علينا، كعالم عربى، أن نمارسها بقوة على مستوانا، أم لا؟! إن دولة كالصومال - على سبيل المثال - تحتاج إلى كفالة العالم العربى بشدة، خصوصاً الدول الغنية فيه، وتحتاج إلى أن تعاملها هذه الدول معاملة الاتحاد الأوروبى، أو منطقة اليورو، لليونان، من قبل، ثم أيرلندا، اليوم، والبرتغال، غداً! الجامعة العربية رابطة سياسية تجمع الصومال، مع ٢١ دولة عربية، وكذلك الحال مع موريتانيا، التى هى فى حاجة قوية إلى كفالة من هذا النوع، كما أن هناك روابط أخرى بين الطرفين، بخلاف الرابطة السياسية، ليس أولها اللغة، ولا أوسطها الثقافة، ولا آخرها الدين، فمتى نكفل دولة، ونقيلها من عثرتها، كما يفعل العالم من حولنا؟! نظن، وبعض الظن ليس إثماً، أن دعوة كهذه يمكن أن ترى النور، لو أنها صادفت رجلاً فى عزيمة وإرادة عمرو موسى يتبناها! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات