بقلم د.حسن نافعة ٥/ ١١/ ٢٠١٠ |
لست مع استخدام الشعارات الدينية فى حملات انتخابية، أو حتى الزج باسم الدين فى تسمية الأحزاب السياسية نفسها. فالدين, أى دين, يجب أن يظل فضاء عاما مشاعا يتسع لجميع المؤمنين به. ولأن الله سبحانه وتعالى هو صاحب الأديان السماوية جميعها وباعث رسلها، فهو وحده صاحب الحق فى تحديد معالم «الصراط المستقيم» ومحاسبة البشر على أساسها, بثواب كل من يلتزم بها ومعاقبة كل من يحيد عنها. ولا جدال فى أن استخدام رموز دينية فى تسمية أحزاب سياسية بعينها أو فى الترويج لأنشطة هذه الأحزاب يعد محاولة من جانب بعض المنتمين لدين معين للاستئثار بالدين كله والسعى لتوظيفه لأغراض تخصهم وحدهم دون غيرهم حتى من أتباع نفس الدين, بادعاء أن فهمهم الخاص لهذا الدين هو الفهم الوحيد الصحيح وما عداه خاطئ أو منحرف. ولأن كل ادعاء من هذا النوع يعد خطوة أولى نحو الانزلاق إلى طريق تكفير الآخرين, ويعد بالتالى نوعاً من الافتئات على الله وتدخلاً فى شؤونه تعالى, فمن الطبيعى أن يسعى المشرع لمقاومته حماية للتماسك المجتمعى. ولأن الاستبعاد من عضوية الحزب على أسس دينية ينطوى على افتئات واضح على حقوق المواطنة التى يتعين أن تكون هى أساس بناء الدولة، فمن الطبيعى أن يتجه المشرع نحو تحريم قيام أحزاب تقوم على استبعاد الآخرين، أيا كانت الأسباب, حفاظا على سلامة الأمة وتماسكها، ولحمايتها من الفتن الطائفية والعرقية والجهوية. فالهدف الحقيقى من الحملة, فى تقديرى، ليس تطبيق القانون أو الحرص على عدم استفزاز المواطنين الآخرين من غير المسلمين أو حماية المواطنين البسطاء من الوقوع فى شرك الخداع والتضليل الذى يفضى إليه التوظيف السياسى للشعارات الدينية, كما يدعى أصحابها, وإنما إيجاد ذريعة قانونية للتضييق على الإخوان فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة, والتشويش على مطالبهم ومحاصرة تحركات المرشحين منهم وتقليل احتكاكهم قدر الإمكان بجمهور المواطنين. ويشكل هذا فى تقديرى انتهاكا لروح القانون لأنه يحرم مواطنين من حقوق أصيلة يكفلها القانون لكل مرشح أيا كانت ميوله وانتماءاته السياسية أو الفكرية أو الدينية.
ولأن الإخوان هم أكثر من تعرضوا لاضطهاد الدولة وتعسف أجهزتها، فمن الطبيعى أن يصب التصويت «الانتقامى», أيا كانت دوافعه, لصالح الإخوان، سواء رفعوا شعار «الإسلام هو الحل» أم لم يرفعوه.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات