الأقسام الرئيسية

إنذار فضائية 'المجد'.. هولاكو في القاهرة!

. . ليست هناك تعليقات:
سليم عزوز
2010-10-22


كتبت من قبل ان انس الفقي وزير الإعلام المصري لم يصدق بعد انه أصبح وزيراً لوزارة سيادية، لا تقل في الأهمية عن وزارتي الدفاع والداخلية، وتزيد في الأهمية على وزارة الخارجية.
لدينا في مصر أربع وزارات سيادية، هي الوزارات سالفة الذكر، ويلاحظ ان وزارة الثقافة كانت من قبل مندمجة في الإعلام، وكان الاسم هو وزارة الإرشاد القومي، وعندما جرى الفصل أصبحت الإعلام سيادية، والثقافة غير سيادية.
لكن من الواضح ان الذين من حول وزير الإعلام قاموا بدفعه للتصديق بأنه انتقل من وظيفة مندوب مبيعات لاحدى الموسوعات الأجنبية، وأصبح وزيراً على سن ورمح في جمهورية مصر العربية، وعندما صدق دخل في حرب غير متكافئة مع الكثير من الفضائيات، التي قال إنها خالفت شروط الترخيص، ومنها فضائيات تحض على الخلاعة والمجون، وهو يرى أن دوره الحفاظ على قيم الشعب المصري، ويبدو انه لا يشاهد تلفزيونه، وهو معذور، لأنه لا يهتم في هذا التلفزيون إلا ببرنامج 'مصر النهارده'.
عندما تقرر إغلاق قناة 'الناس' وأخواتها، ظهر رئيس هيئة الاستثمار كمتخذ لهذا القرار، وعندما تقرر إغلاق القنوات الاخرى ظهر رئيس شركة النيل للأقمار الصناعية 'نايل سات'، لكن الوزير دخل مبرراً لما جرى، ليقف الجميع على انه الكل في الكل، وان من تصدرت اسماؤهم المشهد ليسوا أكثر من مناظر!
'الناس' اخذ معها على 'البيعة' قنوات أخرى، قيل انها ليست المقصودة بقرار الإغلاق، ولكن المشكلة في أنها تتبع باقة شركة 'البراهين'، فمثل القرار نوعا من العقاب الجماعي، المعتمد رسمياً لدى أنظمة الاستبداد.
'الناس' قناة دينية يسيطر عليها التوجه السلفي، الذي يترعرع الآن في أحضان السلطة، لان القوم يهاجمون جماعة الإخوان المسلمين، وهم لأنهم يخلطون بين الإسلام والتاريخ الإسلامي، يرون أن التوريث جائز شرعاً.
سيتوقف البعض عند قراءة الجملة السابقة، ثم يتصايحون ويحك، ويطالبونني بالاعتذار.. حسناً سنكمل المسيرة بدونهم حتى إذا ذكرنا اسم 'جمانة نمور' لم يهتفوا: ثكلتك أمك، فاتهم ان عمر الشقي بقي.
لقناة 'الناس' وجود في معظم البيوت في مصر، وقد أغلقها وزير الإعلام، وقيل ان برنامجا بعينه كان السبب في عملية الإغلاق، لأنه انتقد تصريحات احد أركان الكنيسة الأرثوذكسية، وقد غضب البابا، والقوم يريدون ترضيته فكان إغلاق 'الناس'، والحجة أنها خالفت شروط الترخيص، التي تقول إنها قناة منوعات، فلا تعترف لائحة شركة الأقمار بهذا النوع من الفضائيات.

سري الباتع

المرة الوحيدة التي دخلت فيها استوديو قناة 'الناس' كانت للمشاركة في هذا البرنامج المغضوب عليه، وذلك منذ أسابيع، وكم سيكون ممتعاً إذا قلت ان الإغلاق كان بسببي فهذا مما يكرس زعامتي في المنطقة، لكن الحقيقة المرة ان الأمر مرتبط بأنني نحس!
كانت خطوتي عزيزة بالنسبة لقناة 'الناس'، وقد اعتذرت مراراً وتكراراً عن المشاركة في برامجها، فماذا يمكن ان أقول في قناة يشعرك بعض وعاظها بأنهم يمسكون بالدرة في أيديهم وسوف ينهالون بها على رؤوس المشاهدين.
ولو كنت أعلم منذ البداية ان مشاركتي لها مفعول السحر، لشاركت من أول دعوة. و'سري الباتع' هذا يجعلني انتظر الآن المشاركة في برنامج بالتلفزيون المصري لعل المبنى يصبح عاليه سافله، ليريحوا ويستريحوا.
الناس في بلدي قالوا كيف يقوم وزير الإعلام بإغلاق قناة دينية، في حين يسمح بقنوات 'الهشك بشك' فتحرك سيادته وأغلق عدداً منها، ومعها عدد من القنوات الدينية الاخرى. وقال السلفيون ان قنواتهم فقط هي المستهدفة، في حين لم يقترب احد من الفضائيات الشيعية التي تبث من العراق لأنها خاضعة للحماية الأمريكية، فتحركت القوات المحمولة جواً وأغلقت عدداً من المحطات الشيعية، ومعها بعض الفضائيات الصوفية، فميزة النظام الاستبدادي في مصر انه لا يميز في استبداده حتى لا يتهم بمخالفة الدستور الذي يدعو للمساواة.
الاستبداد كأس دائرة، وإذا لم تحصل على نصيبك منه اليوم، فلا تنزعج لأنك ستحصل عليه في الغد!
اللافت ان قناة 'المجد' تلقت إنذاراً يهددها بالإغلاق إذا لم توفق أوضاعها وفق شروط الترخيص، وعندها ظننت ان هولاكو في القاهرة، يتخذ قرارته، من دون وعي بما يفعل، وبغشم من لا يخشى أحداً.
'المجد' هي قناة للقرآن الكريم، لا يوجد فيها مذيع، ولا برامج، والصوت الوحيد الذي تستمع إليه هو صوت من يردد: 'قناة المجد للقرآن الكريم.. قرآن يتلى أناء الليل وأطراف النهار'!.
يبدو ان جماعتنا يدغدغون العواطف الجياشة للأمريكان، المهتمين بتجفيف منابع الإرهاب، والذين بذلوا جهدا جباراً مع أهل الحكم في مصر من اجل تهذيب مادة الدين في المدارس، لكي تنتج مسلماً ضعيفاً يضرب على خده الأيمن فيعطي خده الأيسر.. وهناك مطالب بإلغاء هذه المادة من العملية التعليمية من الأساس.
سيقولون ان 'المجد' خالفت شروط البث، ولا يوجد ضمن هذه الشروط ما يسمح بوجود قناة دينية، أو سياسية، أو فضائية للقرآن الكريم.. والسؤال ولماذا لا تكون هناك قنوات على هذا النحو؟
لقد تلقت فضائية 'اون تي في' إنذارا يفيد بانها خالفت هذه الشروط، لان بها نشرة للأخبار، في حين ان النشرة مقصورة على التلفزيون الرسمي، لأنه رمز للسيادة الوطنية، والنشرة هي مما يعزز هذه السيادة.

العين الحمراء

في مقابلة تلفزيونية سئلت عن سر هذه الهجمة على الفضائيات، فقلت انها العين الحمراء، وتبدو هذه الفضائيات المنذرة والمغلقة ليست مستهدفة، فالرسالة يراد لها ان تصل للفضائيات الاخرى، ولبرامج 'التوك شو' على القنوات الخاصة. وقد علمت ان رسائل وصلت بشكل مباشر تشير إلى أننا قادمون على مرحلة تكميم الأفواه.
'الجزيرة' و 'العربية' قيل لهما ان مكاتبهما في القاهرة تخالف شروط البث، فلا يجوز ان تبثا مباشرة من الشارع أو من مكاتبهما في وسط القاهرة، وإنما عليهما ان تذهبا للبث من مدينة الإنتاج الإعلامي!
وكله بالقانون، ومن قبل لم يكن هناك قانون يسمح بالبث المباشر من القاهرة سوى للتلفزيون الرسمي، ومع ذلك سمحوا للشيخ صالح كامل بالبث من منطقة الأهرامات، وشيد استوديوهاته هناك، وذات مرة غضبوا عليه، فأوقفوا البث وقالوا لأنه يخالف القانون المصري، ثم رضوا عنه من جديد (يبدو ان هناك مستحقات كانت متأخرة) فتم السماح له من جديد بمخالفة القانون.. القوانين في العالم الثالث مكتوبة بمادة الزئبق!
الوضع مختلف إلى حد ما هذه المرة، فمصر قادمة على انتخابات برلمانية سيكون فيها التزوير 'للركب' ولا يراد للفضائيات ان تكشف ذلك، ويراد لحالة الحراك ان تتوقف، لاسيما ان الرئيس الأمريكي الحالي لا يخيف أحداً، ولو كان طفلا رضيعا خرج له أوباما من الظلام وقال له: بخ.. فما بالنا بأنظمة الاستبداد العربي؟
لقد صدرت تعليمات لبعض البرامج الخاصة بعدم استضافة شخصيات بعينها، ومن المؤكد ان هذا سيمارس مع مكاتب الفضائيات في القاهرة.
إننا قادمون على مرحلة تكميم الأفواه، وما جرى للفضائيات المغلقة والمهددة بالإغلاق هو رسالة تهديد، وتأتي في سياق المثل الشعبي المعروف: اضرب المربوط يخاف السايب.
لقد هلك سعد فانج يا سعيد.

صلاة الجمعة

كنت أظن أنني الوحيد في بر مصر الذي يهتم بمتابعة نقل صلاة الجمعة تلفزيونيا، فاكتشفت ان زميلاً بجريدة 'الوفد' يفعل هذا.
في السابق كان البث يتم من مسجد التلفزيون، إلا إذا كان رئيس الدولة يصلي بأحد المساجد، فان البث من هناك يعد أمراً طبيعياً، وقبل أكثر من خمسة عشر عاماً كتب عمنا محمود السعدني رحمه الله يستنكر هذه الاستسهال في النقل، وعليه فلم يعد النقل يتم من المسجد الموجود في مبنى ماسبيرو، وهو مقر تلفزيوننا الباسل.
وفي الآونة الأخيرة راعني الخروج على التقاليد في البث، فالمذيع يستعرض عشرات الأسماء الحاضرة للصلاة، ومن صغار الموظفين، لاسيما عندما يكون النقل من محافظة من المحافظات، ومؤخراً صدمت عندما استمعت إلى سيادته يعدد الأسماء، ثم أردف: ويحضر معنا الحاج فلان الفلاني.. 'مضيف هؤلاء جميعاً'.
ولم يكن المذيع فقط الذي يخرج على التقاليد، فالخطيب أيضا يفعل، بما لا يتماشى مع قدسية المكان، وجلال الموقف، وكأنه في فرح بلدي ويُمسي على السيد المحافظ.
بدأها في الواقع شيخ الأزهر الراحل، وواصل المسيرة الدكتور احمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق، ورئيس اللجنة الدينية بمجلس الشعب، وقد استمعت له مؤخرا وهو يشيد بمحافظ الإقليم من فوق المنبر، وعلى مر التاريخ كان هناك من ينظرون للدعاء للحاكم من فوق المنابر على انه مما لا يليق بمنبر الرسول، لكن الحال وصل بنا إلى درجة أن تتحول خطبة الجمعة إلى هتاف بحياة السيد الوزير المحافظ.
في جريدة 'الوفد' تبين ان عدداً ممن يذكر مذيع الجمعة أسماءهم مرشحون لعضوية مجلس الشعب، وفي أكثر من جمعة منقولة من المحافظات المختلفة، مما يمثل دعاية انتخابية ونجل بيوت الله من ان تستخدم لهذه الأغراض.
في احدى الدوائر الانتخابية، تم تعليق لافتة أمام احد المساجد، تقول برفض التبرعات لبناء المسجد من المرشحين في الانتخابات، وهذا كلام محترم ينزه بيوت الله من ان تستخدم للدعاية لهذا أو ذاك، لكن تلفزيون الدولة يفعل، ومن يدري فقد يأتي اليوم الذي نشاهد خطيب التلفزيون يدعو لانتخاب هذا ولعدم انتخاب ذاك.
ان العودة لنقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد التلفزيون خير وابقى.
صحافي من مصر
Azouz1966@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer