الأقسام الرئيسية

التونسيون يروضون النهضة ولو بـ'إسلام ديمقراطي'

. . ليست هناك تعليقات:

بمفردات علمانية لا تزيل اللُبس، الغنوشي يعتبر الاسلام 'شأنا عاما' للنهضة لكنه يتمسك بمرجعية يسميها التوافق بين الاسلام والديمقراطية.
ميدل ايست أونلاين

تونس – من منور المليتي

'حزب مدني تونسي' لكن بمرجعية جزئية من الاسلام!
قبل أسابيع من مؤتمرها العاشر الذي تراهن عليه لإنقاذ نفسها من مقصلة ربيع الإخوان، رفعت حركة النهضة من منسوب مفردات خطاب أقرب إلى القاموس العلماني أكثر مما هي وفية لقاموسها الإسلامي حتى أن راشد الغنوشي بدا مستميتا في الرهان على "الإسلام الديمقراطي".
واعتبر الغنوشي أن "النهضة حزب سياسي مدني ديمقراطي" يتبنى دستور 2014 مرجعية له وأن "الشأن الديني هو شأن عام تؤطره الدولة والمجتمع المدني".
غير أنه بالمقابل شدد على أن النهضة "ستبقى في رأينا حزباً مدنياً يستمد مرجعيته من قراءة تعتبر أن الإسلام والديمقراطية متوافقان، فنحن نعتبر أنفسنا ضمن تيار الإسلام الديمقراطي"، بحسب حوار اجراه معه موقع هافينغتون بوست عربي مؤخرا.
ولا تجاهر القيادات المحسوبة على الجناح السياسي للحركة بـ"بضغوط الخلفيات" التي دفعتها إلى انتهاج خطاب سياسي مدني يتناقض مع الخطاب الإسلامي الشمولي الذي استماتت في الترويج له منذ تأسيها العام 1981 تمهيدا لتجريد نشاطها السياسي من سطوة مرجعيتها العقائدية خلال مؤتمرها القادم.
غير أن المتابعين لأداء الحركة يشددون على أن تسلل الخطاب المدني بدأ في أعقاب فشل تجربتها في الحكم العامي 2012 و2013 حين اصطدم التوجه العقائدي مع مؤسسات دولة مدنية علمانية بدت عصية على الأسلمة.
وساهم خصوم النهضة المتوجسون من مشاريع الإسلام السياسي في مجتمع ذي مسحة لبرالية منفتحة إلى حد العلمنة، في خنق جموحها ومحاصرته محذرين من استهداف مكاسب التونسيين وفي مقدمتها مدنية الدولة.
وتزامنت الضغوط الداخلية مع ضغوط خارجية أشد قسوة على الحركة أهمها تحلل مشاريع الإخوان في عدد من البلدان العربية وفي مقدمتها فشل تجربة إخوان مصر مهد التنظيم الدولي الذي أسسه حسن البنا.
وبدا حديث راشد الغنوشي أنذاك خطأ الإخوان من خلال سعيهم إلى تهميش المؤسسة العسكرية المصرية وتجريدها من هويتها السياسية وهيمنتهم على الشأن العام، إقرارا ضمنيا بنهاية الرهان على تنظيم الإخوان خاصة بعد تصنيفه تنظيما إرهابيا من قبل عدد من البلدان العربية.
وفيما انهت عواصف الربيع العربي المشاريع الإخوانية بدت النهضة الطائفة الوحيدة الناجية ،غير أن نجاتها لم تحل دون معاقبتها من قبل الناخبين التونسيين حيث منيت خلال انتخابات خريف 2014 بهزيمة لم تكن تتوقعها.
وعلى امتداد العاميين الماضيين دفعت الحركة بعدد من القيادات إلى واجهة النشاط السياسي والحضور الإعلامي، وهي التي صرحت في أكثر من مرة بأن النهضة ليست جزءا من الإخوان وأنها حركة تونسية تؤمن بمكاسب دولة الاستقلال تمهيدا لإعلان حزب سياسي ينأى بها عن مقصلة الإخوان.
غير أن هذا التوجه القسري زج بالحركة الإسلامية في خطاب مضطرب يستبطن مفارقة، إذ في الوقت الذي تقول فيه إنها ستتحول إلى حزب مدني، وهو مفهوم سياسي علماني، تشدد فيه على تمسكها بهويتها الإسلامية.
وتظهر قراءات أن استخدام مفهوم "الإسلام الديمقراطي" هو محاولة لا تعني في العمق سوى أسلمة الديمقراطية ودمقرطة الإسلام وهي معادلة لا تستمد مرجعيتها لا من العملية الديمقراطية باعتبارها نظام حكم علماني ولا من الإسلام الذي يؤمن بمفهوم الشورى الذي ينحصر لدى نخبة الفقهاء.
ويعلق الأخصائيون في الجماعات الإسلامية على أن الاستنجاد بمفهوم الإسلام الديمقراطي الذي لا أثر له في التراث الفقهي الإسلامي يعد مؤشرا قويا على أن الإسلام السياسي بات يلوذ بالثقافة السياسية العلمانية، بوعي أو بدون وعي، في مسعى إلى تنفيس حالة الاختناق التي تكتم أنفاسه.
ويرى المتخصصون في العلوم السياسية أن رهان حركة النهضة على "الإسلام الديمقراطي" يعني نظريا رهانها على ترويض العلمانية مفهوما وممارسة على المرجعية العقائدية باعتبارها الخيار الوحيد والأخير.
أما القوى العلمانية التونسية فإنها تبدو غير مقتنعة بمساعي الحركة الإسلامية مع مطالبة النهضة ليس فقط بالفصل بين العمل الدعوي والنشاط السياسي بل تطالبها بالنأي بنفسها عن أي نشاط ديني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer