حلب خارج التهدئة الأميركية - الروسية ... والمذبحة تتواصل
آخر تحديث:
السبت، ٣٠ أبريل/ نيسان ٢٠١٦ (٠٥:٥٣ - بتوقيت غرينتش)
حاولت الولايات المتحدة وروسيا أمس إحياء «هدنة سورية» التي بدأت في
شباط (فبراير) الماضي لكنها كادت أن تنهار في الأيام الماضية بفعل تصاعد
المواجهات بين القوات النظامية والمعارضة. وأثمرت اتصالات روسية مع سورية
إعلان الأخيرة أن جيشها سيلتزم «تهدئة» في دمشق والغوطة الشرقية وريف
اللاذقية الشمالي لكنها تستثني مدينة حلب التي تتواصل فيها «المذبحة» وتشهد
عنفاً غير مسبوق أوقع أكثر من 200 قتيل. وتواجه المدينة خطر خلوها من
الأطباء بعد مقتل عدد منهم في استهداف منشآت طبية، كما حصل مع مستشفى القدس
في حي السكري الأربعاء ومع مستوصف حي المرجة أمس. وأثار استثناؤها من
التهدئة مخاوف من أنها يمكن أن تشهد تصعيداً جديداً في حدة العنف، علماً أن
الحكومة السورية تتحدث عن تحضيرات لهجوم ضخم بهدف طرد المعارضة من أحيائها
الشرقية. (راجع ص 3)وقال مصدر ديبلوماسي روسي في جنيف إن العسكريين الروس والأميركيين توصلوا إلى اتفاق في إطار «اللجنة الخاصة بوقف القتال» حول «تهدئة» في سورية اعتباراً من ليلة السبت - الأحد، موضحاً أن الاتفاق يشمل «مناطق اللاذقية وضواحي دمشق... (لكنه) لا يشمل حلب»، وهو أمر أكده بيان لـ «القيادة العامة» للجيش السوري. وفي هذا الإطار، قال مصدر أمني في دمشق لوكالة «فرانس برس» إن تجميد القتال يأتي «بناء على طلب الأميركيين والروس الذين التقوا في جنيف لتهدئة الوضع في دمشق واللاذقية». وأضاف أن «الأميركيين طلبوا أن يشمل التجميد حلب، لكن الروس رفضوا ذلك».
في موازاة ذلك، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف آليكسي بورودافكين أن الجيش النظامي السوري يحضر لشن عمليات عسكرية على جبهات في دير الزور والرقة، بدعم من القوات الروسية. وقال: «العمليات على هاتين الجبهتين متواصلة ضد الإرهابيين منذ زمن... يتم التحضير لعملية عسكرية لفك الحصار عن دير الزور»، لافتاً أن الهدنة لا تشمل «داعش» و «النصرة».
ميدانياً، تعرضت مدينة حلب لغارات جديدة استهدف أحدها مستوصفاً طبياً في حي المرجة في شرق المدينة، في حين أعلنت الحكومة السورية مقتل 15 شخصاً بقصف استهدف مسجداً في حي واقع تحت سيطرتها في غربها، علماً أن مجموعة من العلماء أعلنت إلغاء صلاة الجمعة في مناطق سيطرة المعارضة خشية استهدافها بقصف جوي أو مدفعي، في خطوة غير مسبوقة.
وتناولت «فرانس برس» في تقرير من حلب حياة طبيب الأطفال محمد وسيم معز الذي نذر نفسه لخدمة أطفال مدينته وأصر على البقاء في هذا «الجحيم» رافضاً المغادرة إلى أن ذهب ضحية الغارة التي استهدفت الأربعاء مستشفى القدس. وأكد زملاؤه أنه «كان أفضل طبيب أطفال في المنطقة، وبالتأكيد أحد آخر الباقين في جحيم حلب». وأضافت: «على رغم المآسي، كان حريصاً على إضفاء جو من المرح للتخفيف من توترات الحرب». ويوم الأربعاء خطفت غارة جوية حياة هذا الطبيب مع طبيب أسنان وثلاث ممرضات و22 مدنياً بينما كانوا يقومون بعملهم في مستشفى القدس في حلب.
وقالت ميريلا حديب المتحدثة باسم مكتب منظمة أطباء بلا حدود في بيروت الذي يقدم الدعم المالي لمستشفى القدس، إن الطبيب معز كان «مندفعاً جداً واختار المجازفة بحياته لمساعدة سكان حلب». وأضافت إن «خسارته لا تعوض». أما ميسكيلدا زنكادا رئيسة بعثة منظمة أطباء بلا حدود في سورية فقالت إن مقتل الطبيب معز «مأساة» وإنه «لم يبق سوى ما بين 70 و80 طبيباً للاهتمام بـ 250 ألف شخص لا يزالون يعيشون في القسم الشرقي من المدينة، لأن 95 في المئة من الأطباء غادروا أو قتلوا».
وتلقت «الحياة» في لندن بياناً باسم «الأطباء العاملين على خطوط القتال الأمامية في حلب» أو «الشهباء» كما تُعرف، نعوا فيه زميلهم معز قائلين إنه كان «أشجع من عرفنا وأكثرهم عطفاً على الصغار» وإن رحيله «يحرم السوريين من آخر طبيب أطفال في شرق حلب». كما نعوا طبيب الأسنان محمد أحمد الذي قضى في الضربة الجوية ذاتها، محذّرين: «قريباً جداً لن يكون هناك عاملون في المجال الطبي أحياء في حلب - فإلى من سيلجأ المدنيون لتلقي العلاج والرعاية؟».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات