أتجاوز الانتخابات التمهيدية الأخيرة لأتحدث عن شيء مستمر.
يتعرض السيناتور بيرني ساندرز، منافس هيلاري كلينتون على الترشيح عن الحزب الديموقراطي للرئاسة الأميركية، لحملة شرسة مجبولة بالكذب من جماعات ليكودية أميركية تؤيد حكومة مجرمي الحرب التي يرأسها بنيامين نتانياهو، وهذا مع العلم أن ساندرز يهودي.
ربما قام مَنْ يصرخ مؤامرة، ويدّعي أن الليكوديين الذين يهاجمون ساندرز يريدون أن يطمئنوا الناخبين الأميركيين بالزعم أنهم أعداء السيناتور من فيرمونت ليُنتَخَب ويصبح أول رئيس يهودي في البيت الأبيض. هذا ليس صحيحاً أبداً، فالموضوع هو أن ساندرز معتدل يحاول أن يُنصف الفلسطينيين، وهم إرهابيون من نوع حكومة إسرائيل التي يدافعون عنها.
كل معلوماتي في هذه الزاوية اليوم، من مصادر ليكودية أميركية هاجمت إهمال ساندرز الجماعات اليهودية التي تؤيد الاحتلال والاستيطان والقتل، واتصاله بمجلس العلاقات الأميركية الإسلامية.
إذا كان ما سبق لا يكفي، فقد ضمّ ساندرز الى حملته عشية الانتخابات التمهيدية في نيويورك سيمون زيمرمان، وهي من اليهود طلاب السلام عملت في لوبي جي ستريت المعتدل، ووقفت ضد جمعيات يهودية أميركية تزعم أنها خيرية وتجمع المال وترسله الى المحتلين في فلسطين، كما أنها أيدت حملة مقاطعة وسحب استثمارات وعقوبات ضد إسرائيل.
ثمة مزيد، فمدير حملة ساندرز في نيويورك هو روبرت بيكر، الذي يرتدي أحياناً «كوفية» فلسطينية وموقعه على «تويتر» يسجّل اسمه بالإنكليزيّة والعربية. وجدتُ أن بيكر حُوكِم في مصر بسبب عضويته في جمعية لحقوق الإنسان تتلقى مالاً من الخارج. وهو وقف بعد ذلك علناً ضد الإخوان المسلمين وحكمهم، إلا أن عصابة إسرائيل تتهمه بالتركيز على نشاط معادٍ لإسرائيل تمارسه منى الطحاوي ولندا صرصور. لندا لا أعرفها غير أن منى صديقة أعترضُ على ما تكتب عن حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، وعملها السياسي يركز على بلدها مصر، فقد كانت يوماً إسلامية ثم تحولت الى ليبرالية.
الحملة على ساندرز هبطت الى درك لا يقدر عليه سوى أنصار إسرائيل، فهو هوجم تكراراً لأنه ظهر في صورة وهو يخوض حملة انتخابية في أريزونا ووراءه طالب يرتدي قميصاً عليه شعار «طلاب من أجل العدالة للفلسطينيين». ربما كانت العصابة أيدت ساندرز لو أن أحد أعضائها ظهر وراء ساندرز وعلى قميصه شعار «الموت للفلسطينيين».
بيرني ساندرز يحاول أن يكون منصفاً، وهو وسطي في سياسته، إلا أن هذا لا يرضي أنصار الجريمة التي اسمها حكومة إسرائيل. هو أجرى مقابلة مع جريدة «ديلي نيوز» في نيويورك، وصفتها زوجته جين في مقابلة مع «سي إن إن» بأنها كانت «استجواباً» على طريقة محاكم التفتيش الإسبانية، فأنصار إسرائيل رفضوا كل ردٍّ له، وقرروا أنه لا يفهم في الاقتصاد أو عمل البنوك أو القوانين الأميركية ذات العلاقة.
هو بالتأكيد يفهم الظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون في بلادهم، ويحاول أن يكون عادلاً معتدلاً، ولا أراه ضد إسرائيل، وإنما هو لا يريد أن يموت الذئب الإسرائيلي أو أن تفنى الغنم الفلسطينية. وحتماً سيمون زيمرمان وروبرت بيكر لا يكرهان إسرائيل، وإنما يكرهان سياسة حكومة نتانياهو، والظلم اللاحق بالفلسطينيين.
أفضِّلُ هيلاري كلينتون مرشحة للرئاسة عن الحزب الديموقراطي، ولا أمانع أن يكون ساندرز المرشح، فكل منهما أفضل من الحزب الجمهوري مجتمعاً، بالمتنافسين على البيت الأبيض منه وبأعضائه جميعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات